تفتقد مساجدنا لوحة حائط تحتوي اسم المؤذن، الإمام، مع سيرة ذاتية، وهو نقص توسم به إدارت حكومية تخدم شعباً يسير خلف أقوام لا يُعرف سبب واحد عن استحقاقهم للمنبر، أو المكتب. يكاد يكون الدخول إلى إدارة حكومية جزءاً من حفلة تنكرية، «رقص مع وجوه لا أسماء لهم، ولا تاريخ»، لا مكتوبة على صدور ولا على أبواب دور، فجزء كبير من مؤسساتنا المدنية تمارس عقلية استخباراتية في إخفاء أسماء موظفيها، لذلك يصبح «طرف الخشم» بديلاً عن «اللسان» في حوار ينتهي بين الموظف والمواطن بصوت داخلي يصدر من كليهما «ليش الناس ...». يؤكد عدم وجود اسم الموظف المدني الحكومي على جلبابه، أو بابه، تعرضه إلى مسلسل تهميش، وتحقير، وتحويله إلى ماكينة من لحم ودم، كما أن عدم وجود سيرته الذاتية «ولو اختصاراً» يعني تعرض المواطنين لمسلسل تهميش، وتحقير، لأن جلب موظف يتحكم في مصير جزء من حياتهم أسهل من جلب خروف. يحدث في شهر رمضان، وصلاة التراويح تحديداً، أن يتواتر على المنبر أصوات تتلو ما تيسر، فيما يتعذر على المصلين معرفة اسم من كان يتصدرهم في ساعة وقوف أمام الله، فلا تعريف يسبق ولا شكر يلحق، وكأننا جميعاً في مهمة سرية، محفوفة بالمخاطر، خصوصاً على حياة القائد، بينما منبر الجمعة لا يتوقف عن إرسال مفاجآت أسبوعية، فبينما تنتظر العيون ظهور الشيخ خالد، يأتي «البشت» على أكتاف الشيخ سالم، في هكذا حال ينكسر العمود الفقري من المعادلة التعليمية «الوعظية»، لأنه من الصعب الوثوق في كلام رجل لا أعرفه، أو للتو أقابله. يأتي التفتيش بغية تفسير تجاهل الإدارات الحكومية لتسمية موظفيها بتبريرات يتقدمها «الابتزاز القبلي» للموظف، فتعليق اسم «خالد الفاضلي» على صدره يعني تكسير أبناء قومه للقانون، أو تكسير رأسه من أبناء بقية القبائل لأنه - وفق رؤيتهم - «فاضلي، ما فيه خير، جاي من الشمال، ما يدري وين الله موديه»، وهو وصف صائب حتى يثبت العكس. يكاد يأخذني الابتزاز القبلي إلى مقال آخر، لكن سأعود للتمسك بغاية هذا المقال وهي: حجم مرونة الشعب السعودي وليونته، لدرجة أنه يصلي خلف إمام لا يعرفه، يتعامل مع موظف حكومة يجهله، حتى أننا نترك نساءنا يركبن مع سائقي سيارات أجرة «ليموزين» مجهولين، تتمادى ليونتنا لدرجة أننا ندفع رشوة لأشخاص لا نعرفهم من أجل القفز على قانون وضعه أناس لا نعرفهم. يؤدي حجب أسماء الموظفين إلى سرقة كل استحقاقاتهم المعنوية، يقتل محفزاً كبيراً للاجتهاد في العمل وتطويره، فخدمة مواطنين لا يعرفون اسمي يشبه قيام سائق حافلة بتوصيل راكب. [email protected] @jeddah9000