نادي الفتح من الأحساء يتصدر دوري زين في جولته الخامسة، بعد أن جمع نقاطاً من ملعب الخصوم، وهزم بطل الدوري السابق واللاحق.. لو قيلت هذه العبارة لأحد قبل بدء الدوري لاعتبرها مبالغة وتطبيلاً، لكن الواقع قالها بتجرد، فها هو يتصدر الجميع مستوى ونتائج. قد يقول قائل، لكن الوقت باكر في الحكم على من يتصدر والعبرة بمن يواصل، ولكن الحقيقة تقول إن مستوى الفتح وأداءه ليس وليد الصدفة والحظ، فقد كان يقدم نفسه طوال وجوده في دوري زين بشكل رائع، ولكنه يصدم بمن لا يريده منافساً من حكام وإعلام، وكلنا نعرف كيف اغتصب حقه في الموسم الماضي، وتحديداً في بلوغ نهائي كأس الملك للأبطال جهاراً نهاراً، ولم يثنه ذلك عن الانتقام لنفسه هذا الموسم، ليس عبر ضجيج البيانات ذات لغة التنديد أو التشكيك في الذمم، بل عبر عمل منظم داخل الملعب وخارجه. كان أول ثماره اليانعة أن الفريق علا سقف طموحه، وارتفع وتخلى عن حكاية أن يكون مع فرق المناطق الدافئة، أو من غايتها أن يتاح لها مجرد المشاركة في كأس الأبطال ثم التوديع المخجل. طموح الفتح بات صدارة وفوزاً متتالياً وروحاً وقتالية، وليس أحد أفضل من أحد إلا بعطائه داخل المستطيل الأخضر، وهو ما ترجمته تاريخية الشباب التي كسرت رقم الشباب بعدم الخسارة وبجسارة. فقد اعتبر البعض هزيمته للهلال مجرد صدفة، كون الفريق الهلالي لم ينسجم لاعبوه مع مدربهم، فماذا يقال عن برودوم وفرقة الرعب التي يدربها؟ إنها الروح التي تقهر من لا يقهر وتنتصر حتى لو كانت الأدوات قليلة والصرف المالي محدود. قارنوا بين عقود مدرب الفتح ولاعبيه جميعاً بأحد لاعبي الأندية الكبيرة ببطولاتها وجماهيرها وأعضاء شرفها الداعمين أو بإعلامها الذي رفعها أحياناً بلا عمد، لمجرد إثبات حبه وتعصبه، لتروا البون الشاسع في النتائج والمستويات، وهو ما يثبت بجلاء أن المادة ليست عصب حياة اللاعب ووقوده في الملعب متى ما كان لديه طموح التألق والإبداع، وأن ما تعانيه الأندية المرفهة من تقهقر مستويات ليست إلا أن جرعة الرفاهية زادت عن الحد الطبيعي فأدت إلى البطالة المقنعة. الفتح النموذجي بحاجة للجميع بخاصة أبناء منطقته ومحبيه وكذا الإعلام المنصف، ليستمر في توهجه حتى لا يكون ما يحدث الآن مجرد فورة حماسة وتنطفئ، فيلاقى مصير أندية كانت في يوم ما ملء السمع والبصر، ثم أصبحت أثراً بعد عين لغياب التخطيط الاستراتيجي للمستقبل، ولهم في الطائي والرياض والنجمة والقادسية والوحدة دروس وعبر يجب أن تكون مستفادة، ويأتي ذلك في رأيي عن طريق الدعم المالي اللامحدود من أبناء الأحساء للمحافظة على نجوم الفريق، وعدم التفريط بهم تحت الضائقة المالية أو ضغط أعضاء الشرف من الأندية الأخرى، ممن هم أدوات ظاهرها الدعم ومن قبلها الخراب، وفي هذه بالذات تفوق القادسية على غيره والنتيجة أن هذا الغير بقي محافظاً على موقعه، فيما هبط هو للأولى ولم تنفعه فزعاته.. الفتح أمانة في عنق الجميع فلا تضيعوها.