قال ناشطون معارضون إن قوات سورية مدعومة بالدبابات دخلت وسط ضاحية داريا على الطرف الجنوبي الغربي لدمشق اليوم الجمعة بعد قصف بري وجوي مكثف بطائرات الهليكوبتر استمر ثلاثة ايام وأسفر عن مقتل 21 شخصا اليوم في صراع متصاعد قالت مفوضية الأممالمتحدة العليا لشؤون اللاجئين إنه دفع أكثر من 200 ألف شخص للفرار من البلاد. وفي تسارع للنزوح الجماعي قال مسؤولون أتراك إن أكثر من 3500 سوري عبروا الحدود إلى تركيا في الساعات الأربع والعشرين الماضية وهو أحد أكبر الأعداد اليومية للاجئين منذ بدأت الاحتجاجات ضد الرئيس بشار الأسد في آذار (مارس) 2011. وقال ادريان ادواردز المتحدث باسم المفوض السامي لشؤون اللاجئين بالأممالمتحدة في جنيف "في الأردن عبر عدد قياسي بلغ 2200 شخص الحدود خلال الليل وتم استقبالهم في مخيم الزعتري في الشمال". واستمرت أعمال العنف اليوم. وقال نشطاء عدة عبر الهاتف من العاصمة السورية إن مئات الجنود وعشرات الدبابات والمصفحات شوهدوا في شارع الثورة في وسط داريا وسيطروا على الضاحية المترامية الأطراف، فيما انسحب أغلب مقاتلي الجيش السوري الحر الذين كانوا يدافعون عن وسط الضاحية. وقال نشطاء معارضون إن القصف على ضاحية داريا أسفر عن مقتل 21 شخصا على الاقل اليوم. وأضافوا أن عدد القتلى في الحملة العسكرية على المنطقة في الساعات الاثنتين والسبعين الماضية وصل الى 70 شخصا على الاقل معظمهم من المدنيين. وتحاول قوات الأسد استعادة السيطرة على أحياء على اطراف العاصمة مثل داريا وهو حي سني تسكنه الطبقة العاملة ويمتد عبر المزارع كثيرا ما يحتمي فيه المعارضون المسلحون بعد مهاجمة القوات الحكومية. وتقيد السلطات السورية دخول وسائل الإعلام ما يجعل من الصعب التحقق من روايات الطرفين بشأن الصراع. وقال النشطاء إن معارك دارت أيضا في عدد من الاحياء السنية التي يقطنها ابناء الطبقة الوسطى حول العاصمة بما في ذلك قطنا وسبينة والقدم والعسالي والحجر الأسود. وترابط قوات النخبة الموالية للأسد -التي تتألف اساسا من افراد من الطائفة العلوية وتستخدم بشكل متزايد للحفاظ على السيطرة على دمشق- في مجمعات تقع على تلال في العاصمة والمناطق المحيطة بها. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان المعارض إن زهاء 220 شخصا قتلوا في سورية أمس الخميس. واحتدم القتال في حلب أكبر مدن البلاد ومركزها التجاري حيث قال سكان إن طائرات مقاتلة وطائرات هليكوبتر حربية قصفت أحياء يسيطر عليها المعارضون المسلحون ليلا. وتعرضت مدرسة يستخدمها المعارضون قاعدة لهم للقصف مرتين خلال الليل. وقال ساكن يدعى أبو أحمد يعيش بجوار المدرسة "يقيم المعارضون المسلحون في مراكز الشرطة والمستشفيات المهجورة لكن الجيش يعلم جيدا مكانهم." وعند خط مواجهة في منطقة سيف الدولة في جنوب حلب دمر معارضون مسلحون ناقلة جند مدرعة وأطلق الجيش قذائف الدبابات وقذائف المورتر لكن لم يحاول التقدم. وكانت جثة مدني يدعى محمد طبراجي (25 عاما) مسجاة بالشارع. وقال صديق له يدعى محمد العربي إنهما كانا يبحثان عن مكان ليشتريا منه الخبز عندما أصاب قناص صديقه. وتسبب القتال المستمر في ارتفاع عدد المدنيين الفارين إلى تركيا والأردن ولبنان والعراق. وتستضيف تركيا وحدها أكثر من 78 ألف لاجيء سوري وفقا لمديرية إدارة الكوارث والطوارىء وهي زيادة حادة مقارنة مع العدد المسجل في نهاية تموز (يوليو) والبالغ 44 ألفا. وتقول تركيا إنها لن تستطيع استيعاب أكثر من 100 ألف لاجيء واقترحت أن تقيم الأممالمتحدة منطقة آمنة داخل سورية لوقف تدفق اللاجئين. وتكاد تكون فرص الحصول على تفويض من مجلس الأمن الدولي لإقامة هذه المنطقة الآمنة التي ستتطلب حماية عسكرية منعدمة نظرا لرفض الصين وروسيا اللتين تتمتعان بحق النقض (الفيتو) أي تدخل خارجي في سورية. وأبلغ وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان قناة "فرانس 24" التلفزيونية أمس أن "ائتلافا دوليا" من دول غربية وحلفاء قد يبحث إقامة منطقة حظر طيران محدودة فوق جزء من سورية من دون صدور مثل هذا التفويض. وقال لودريان وهو أول مسؤول فرنسي كبير يطرح احتمال أن يكون هناك تحرك من "ائتلاف دولي" وليس الأممالمتحدة "السيناريو الذي ذكرته (وزيرة الخارجية الأمريكية) هيلاري كلينتون بشأن منطقة خاصة يمكن ان تكون فيها منطقة حظر أمر يحتاج إلى الدراسة". وترأس فرنسا اجتماعا لوزراء خارجية الدول الاعضاء في مجلس الأمن الدولي في نيويورك الاسبوع المقبل تقول إنه سيركز على الحلول الانسانية للسوريين المحصورين وسط الصراع. وقال وزير الخارجية لوران فابيوس إنه دعا تركيا والعراق ولبنان والأردن لحضور المؤتمر في ضوء عدد اللاجئين والمخاوف من اتساع الصراع. وقال ادواردز إن من المتوقع أن تطرح تركيا مسألة "المنطقة الآمنة" خلال اجتماع لمجلس الأمن في 30 آب (اغسطس) سيلقي فيه ايضا انتونيو جوتيرس مفوض الأممالمتحدة السامي لشؤون اللاجئين بيانا. واضاف أن السلطات التركية ابلغت الوكالة أنها تبني سبعة مخيمات جديدة بالاضافة إلى التسعة الحالية لترتفع طاقة البلاد الاستيعابية إلى 130 ألف لاجيء. وقالت المفوضية إن العراق يستضيف قرابة 16 ألف لاجيء سوري. وبشأن لبنان الذي يوجد به الآن 51 ألف لاجيء سوري مسجل قال إدواردز "أدى تدهور الاوضاع الامنية في لبنان الى عرقلة جهودنا لمساعدة اللاجئين الفارين من الصراع في سورياة على رغم استمرار العمليات". واضاف قائلا لتلفزيون "رويترز" أن المفوضية فتحت مركزا للتسجيل في طرابلس في شمال لبنان هذا الاسبوع لكنه اغلق اليوم الجمعة لأسباب أمنية بعد الاشتباكات بين مسلحين من السنة ومسلحين من العلويين. وقتل ثلاثة اشخاص على الأقل بينهم رجل دين سني اليوم في خامس يوم من الاشتباكات بين السنة والعلويين في مدينة طرابلس حيث فاقم الصراع في سورية التوترات القديمة بالمدينة. وقال مصدر أمني لبناني إن العنف في طرابلس الذي اسفر عن مقتل 16 شخصا هذا الاسبوع "مثير للقلق وخطير ومن المرجح جدا أن يتصاعد هذه المرة".