يصل إلى بغداد اليوم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في وقت يمر العراق بتطورات وتوترات عدة متسارعة، شملت عدداً من التفجيرات في كركوك وبغداد وأربيل في ما يبدو ثأراً لمقتل حوالى 70 سنياً في هجوم شنته ميلشيات شيعية على مسجد في ديالى أول من أمس. وانسحب بعض الكتل السنية من مفاوضات تشكيل الحكومة تزامناً مع انسحاب مجموعات سنية مسلحة كانت تتفاوض، تحت رعاية أميركية، مع مسؤولين من بغداد في كل من عمان وأربيل. (للمزيد) وقالت مصادر في بغداد إن «جيش المجاهدين» في محافظة الأنبار انسحب من ناحية الكرمة وأخلى المنطقة لصالح تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) ضمن تسوية بعد رفض «جيش المجاهدين» مبايعة «داعش» والامتناع عن تسليم قتلة اثنين من القادة العسكريين للتنظيم في الأنبار، فيما شهدت كركوك مقتل 15 شخصاً على الأقل وإصابة 60 آخرين في تفجير شبه متزامن لثلاث سيارات مفخخة، وفق ما أفادت الشرطة ومصادر طبية. كما شهدت بغداد سلسلة تفجيرات استهدف أحدها مقراً للاستخبارات. وقالت مصادر إيرانية ل «الحياة» إن ظريف يحمل رسالة من الرئيس الإيراني حسن روحاني لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تعرب عن استعداد طهران لوضع إمكاناتها كافة تحت تصرف الحكومة الجديدة من أجل إنجاح مهمتها، فيما كذّبت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية، مرضية أفخم، أمس الادعاءات التي تحدثت عن تواجد عناصر من قواتها العسكرية داخل الأراضي العراقية. وراحت «مجزرة مسجد مصعب بن عمير» التي قضى فيها العشرات بنيران مليشيات شيعية، سلسلة من ردود الفعل والتداعيات، إذ سارعت جهات عشائرية ومسلحة سنية إلى «طلب الثأر»، وسط معلومات عن توقف مفاوضات جرت خلال الأسابيع الأخيرة بين ممثلين عن فصائل مسلحة لإعلان الحرب على «داعش». ووسط حملات الإدانة المحلية والإقليمية للمجزرة التي وقعت في ديالى الجمعة، أعلن رئيس البرلمان تشكيل لجنة للتحقيق في الحادث، على أن تعلن نتائجها خلال 48 ساعة. وشن الزعيم القبلي السني علي حاتم السلمان هجوماً على المليشيات التي قال إنها تابعة لرئيس الحكومة المنتهية ولايته نوري المالكي والحكومة الإيرانية، وطالب السياسيين السنة بالانسحاب من مفاوضات تشكيل الحكومة، فيما وصف «الجيش الإسلامي»، أبرز الفصائل السنية المسلحة التي تخوض مفاوضات مع ممثلين عن الحكومة والجانب الأميركي، المليشيات التي ارتكبت حادث مسجد ديالى بأنها «صفوية» وتوعّد بالثأر منها. وتبرأ الشيخ قيس الخزعلي زعيم «عصائب أهل الحق»، الذي اتُّهمت مليشياته بارتكاب الحادث، في تصريحات أمس من مرتكبيه، وقال إن المتورطين به سيقدّمون إلى القضاء، فيما اعتبر زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر أن جريمة «المسجد» تحمل بصمة تكفيرية. وقال كامل المحمدي أحد شيوخ عشائر الأنبار ل «الحياة»، إن أبرز نتائج حادثة مسجد ديالى هي تجميد «مفاوضات مهمة كانت تجري منذ أسابيع بين ممثلين عن الفصائل المسلحة العراقية ومعارضين للعملية السياسية ومسؤولين حكوميين سنة وشيعة بإشراف أميركي». وأوضح المحمدي المقرّب من المفاوضات وعضو اللجنة التحضيرية لمؤتمر عمان الذي عقد الشهر الماضي، أن «المفاوضات كانت تجري على محورين في أربيل وفي العاصمة الأردنية عمان، وتتناول كيفية مواجهة داعش وترتيب وضع المحافظات السنية». وأشار إلى أن «حادثة ديالى جاءت في توقيت سيئ، حيث توقفت الحوارات وأبلغت الفصائل فرقائها في الاجتماعات أنهم لن يحضروا بعد الآن أي اجتماع، وسنقوم باتخاذ موقف حازم إزاء الحادثة». وتعرض فصيل «جيش المجاهدين»، وهو واحد من 11 فصيلاً مسلحاً كانت تعتزم الإعلان عن جبهة سنية لمحاربة داعش على وفق ضمانات محلية ودولية وأميركية، إلى نكسة في بلدة الكرمة قرب الفلوجة، عندما اضطر مقاتلوه إلى إلقاء سلاحهم والاستسلام لمسلحي «داعش» الذين ذكرت الأنباء أنهم أقاموا استعراضاً عسكرياً لعرض معتقلي «جيش المجاهدين».