علمت «الحياة» من مصادر سياسية سنّية رفيعة أن اجتماعاً مهماً عقد بين مسؤولين محليين من الأنبار وبين مسؤولين أميركيين لمناقشة الوضع الأمني في المحافظة، تم خلاله اتفاق مبدئي على تقديم مساعدة أميركية، فيما تستعد الفصائل المسلحة السنّية لاتخاذ موقف من الوضع الأمني في البلاد بعد تنحي رئيس الوزراء السابق نوري المالكي عن الحكم. وبدأت قوات «البيشمركة» وقوات أمنية اتحادية عملية عسكرية محدودة لمحاولة استعادة سد الموصل من تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) مستفيدة من الغطاء الجوي الأميركي. وافادت مصادر أمنية أن طائرات أميركية عسكرية قصفت مواقف لعناصر من تنظيم «داعش» بالقرب من سد الموصل، تمهيداً لتقدم قوات برية عراقية تضم جنوداً من «البيشمركة» وقوات اتحادية. واوضحت المصادر إن «العملية العسكرية المحدودة تسعى إلى جس نبض «داعش» بهدف إعادة السيطرة على سد الموصل بعد بروز مخاوف من اقدام «داعش» على تفجير السد. وابلغت مصادر سياسية سنّية «الحياة» أمس أن تنحي المالكي عن الحكم ساهم في تحقيق تطورات كبيرة في ما يخص المحافظات السنّية، أبرزها مساعي الفصائل السنّية لاتخاذ موقف من «داعش»، واستعداد أميركي لمساعدة جميع المحافظات السنّية سياًسياً وأمنياً. وأشارت المصادر إلى أن اجتماعاً مهماً عقد قبل يومين بين مسؤولين سنّة عن محافظة الأنبار ومسؤولين أميركيين عسكريين رفيعي المستوى في محافظة أربيل، خلص إلى الطلب من واشنطن مساعدة الأنبار في مواجهة تنظيم «داعش». ولفتت المصادر إلى أن الجانب الأميركي وافق بشكل مبدئي على تقديم المساعدة، كما أنه أبلغنا استعداده بأن يكون الدعم يتجاوز الدعم الجوي العسكري. وامتنعت المصادر عن توضيح وسائل الدعم الأخرى، لكنها اشارت إلى أن الاجتماعات ستتواصل بمعزل عن الحكومة الاتحادية. وأوضحت المصادر أيضاً أن الجانب الأميركي يدعم فكرة تشكيل قوات نظامية من سكان المحافظات السنّية مشابهة لقوات البيشمركة، ووعدت بالضغط على الحكومة الجديدة لتكون هذه القوات نظامية تابعة لوزارة الدفاع وعدم التدخل في اختيار عناصرها. إلى ذلك كشف هادي الجنابي، وهو زعيم قبلي في جنوببغداد مقرب من الفصائل المسلحة، ل «الحياة» أمس أن «تنحي المالكي عن الحكم ساهم في عودة التفاؤل للمحافظات السنّية». وأشار إلى أن «الفصائل المسلحة الوطنية بدأت بعقد اتصالات في ما بينها لمناقشة مرحلة ما بعد المالكي». واوضح أن «الفصائل تدرس كيفية مواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية» وستتم مفاتحة التنظيم بضرورة انسحاب عناصره من المهاجرين من الجنسيات العربية واعطاء المناطق السنّية حرية في ادارة شؤونها». وأضاف أن «الفصائل المسلحة اعطت رسالة واضحة إلى الأحزاب الشيعية قبل يومين تضمنت الاستعداد الكامل لعقد حوار مشترك لحل المشكلات الأمنية في المدن السنّية واشترطت وقف القصف الجوي على المدن المأهولة بالسكان مثل الفلوجة وسحب الميليشيات من أماكن النزاع لأنها تستفز مشاعر الأهالي». وكانت أنباء افادت بأن اشتباكات محدودة جرت بين فصيل «جيش الراشدين» وبين تنظيم «داعش» في ناحية الكرمة شمال شرق مدينة الفلوجة في محافظة الأنبار، فيما دعت «كتائب الموصل» باقي الفصائل المسلحة إلى دعمها لطرد «داعش» من نينوى. وقالت الكتائب في بيان أمس: «ايتها الفصائل المجاهدة التي حملت على عاتقها مقاومة الاحتلال الأميركي للحفاظ على استقلال العراق ولكنكم في غمرة جهادكم وقتالكم لم تهتموا للبعد السياسي لعملكم وبينما كنتم تقدمون التضحيات تلو الأخرى كان المشروع الإيراني الصفوي يحصد نتائج تضحياتكم بمزيد من التغلغل والنفوذ في مؤسسات الدولة العراقية». وأضاف: «يجب ألا نغفل بأن تمدد «داعش» وتحكمها في مناطقنا لن يترك لنا أرضاً نبني عليها مشروعنا لمرحلة ما بعد المالكي. فإن داعش، قاتلهم الله، ضربوا وحدتنا الوطنية من خلال إساءتهم البالغة لإخواننا المسيحيين والأيزيديين. كما ضربوا قيمنا الدينية في تفجير مساجدنا وأساؤوا إلى حضارتنا». وزاد أننا «نهيب بكم ايتها الفصائل المجاهدة أن تتعاونوا معنا للقضاء على داعش في الموصل لتبقى الموصل معقلاً لأهلها عصية على الآخرين ونقطة انطلاق للمشروع العراقي الشامل. أما تعويلكم على انتظار حسم معارك داعش في أماكن أخرى من العراق فهو تكرار للخطأ الذي وقعت فيه المقاومة العراقية بمقاومتها للاحتلال». وطالب محافظ نينوى اثيل النجيفي أمس وزارة الداخلية الاتحادية بدعم مديرية شرطة المحافظة وإعادة ترتيب وضعها وتشكيل قوة قتالية جديدة، وذكر في بيان «بدأنا الآن مطالبة وزارة الداخلية بدعم مديرية شرطة نينوى وإعادة ترتيب وضعها فيما يستمر تنسيقنا مع المجتمع الدولي للحصول على الدعم والإسناد وتشكيل القوة القتالية لمحافظة نينوى التي ستكون من سكان المحافظة حصراً». ميدانياً قالت مصادر إن «غارة أميركية أخرى تمكّنت من تدمير عربتين مدرعتين تابعتين لتنظيم «داعش» جنوب منطقة سنجار بعد إطلاقهم النار على مدنيين في قرية جنوب سنجار».