أجمع خبراء اقتصاد ومال ألمان على أن استمرار أزمة العجز المالي في منطقة اليورو وعدم وجود حلول سريعة لها، بدآ يكبحان نمو اقتصاد البلاد أكثر مما كان منتظراً، إنما من دون أن يصيباه بالجمود كما هو حاصل في معظم دول الاتحاد الأوروبي. وتمحور الخلاف بين هؤلاء حول حجم الضرر الذي سيصيب الاقتصاد الألماني. ورأى رئيس معهد البحوث الألمانية «إيفو» هانس فيرنر زِن أن الاقتصاد الألماني «يتعرض خلال الصيف الحالي إلى مرحلة ضعف بسبب عدم حل أزمة اليورو وتراجع النمو في الدول الصاعدة المهمة التي تستورد من ألمانيا، لكنه سيتمكن في أواخر السنة من استعادة نشاطه». وتوقع أن ينمو الاقتصاد في الربعين الثالث والأخير بمعدل 0,1 في المئة فقط، على أن يصل النمو في نهاية السنة إلى 0.7 في المئة، وأن يرتفع إلى 1,3 في المئة بحلول عام 2013. وخلافاً لمعهد «إيفو»، أظهر معهد بحوث الاقتصاد الألماني «دي إي في» في برلين تفاؤلاً أكبر بقدرة اقتصاد البلاد على مواجهة أزمة العجز الأوروبية، إذ توقع أن يبلغ نمو الناتج القومي السنوي واحداً في المئة هذه السنة و2 في المئة عام 2013، بدلاً من 2,4 في المئة، كما كان يعتقد سابقاً. وأشار المعهد البرليني إلى أن استمرار تفاؤله يستند إلى توقعاته بانتعاش الاستهلاك الداخلي بعد أن دفع أرباب العمل والشركات زيادة جيدة على الأجور، إضافة إلى استقرار سوق العمل، واستمرار تدفق الاستثمارات، وتحقيق زيادة واضحة في مداخيل الدولة من الضرائب والرسوم. أما معهد الاقتصاد الكبير وبحوث النمو «إي إم كا» في دوسلدورف فكان أكثر حذراً وتشاؤماً، إذ توقع تعرض اقتصاد البلاد إلى مراوحة تجعله لا يحقق أكثر من 0,6 في المئة من النمو هذه السنة (بزيادة 0,3 في المئة على توقع سابق له)، وجمود في السنة المقبلة بنمو 0,3 في المئة، مخفضاً توقعه السابق بمقدار 0,4 في المئة. وعلى عكس المعهدين السابقين، قال مدير معهد دوسلدورف، غوستاف هورن، إن البيانات والأرقام «تؤكد مخاوفنا من أن يلحق الركود الاقتصادي في منطقة اليورو ضرراً شديداً باقتصاد ألمانيا». وأضاف أن الطلب القوي على السلع الألمانية من الخارج في الربع الأول من هذا العام «ساهم في إبطاء انعكاسات الأزمة أكثر مما توقعناه». وأقرت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل بتعرض الاقتصاد الألماني إلى «كابح قوي»، لكنها رأت أن البلاد «لا تزال تسير على نهج جيد، وستحقق نمواً، ولو محدوداً»، في إشارة ضمنية إلى أن الحكومة تنتظر هذه السنة معدل نمو 0,7 في المئة. وإذ لفتت إلى أن أوروبا «لم تخرج بعد من الأزمة المالية الدولية التي ضربتها عام 2008»، أعربت عن قناعتها بالقدرة على التغلّب على أزمة العجز المالي فيها، لكنها حذّرت «من الاعتقاد بأن الحل سريع، وشدّدت على أنه سيحتاج إلى وقت طويل». وأمس، اعلنت وزارة الاقتصاد الألمانية أن النمو في الربع الثاني من العام الحالي سيكون معتدلاً، لكنه يواجه «أخطاراً كبيرة» ترتبط بأزمة منطقة اليورو، وفق وكالة «رويترز». وأضافت في بيان قبل نشر بيانات الناتج المحلي الاجمالي الثلاثاء المقبل «بعد النمو الكبير في الربع الأول، تراجع الزخم بدرجة كبيرة بسبب تباطؤ المناخ العام العالمي». وتابعت: «قبل كل شيء، هناك أزمة ديون في بعض دول منطقة اليورو التي تؤثر في الاقتصاد الالماني، ما يخلق حالة من الغموض بين الشركات». وزادت «التوقعات الاقتصادية حذرة ولا تستبعد أخطاراً كبيرة».