أبدت الشركات الألمانية المتوسطة والصغيرة، التي تشغِّل نحو 60 في المئة من العاملين والمستخدمين في ألمانيا، في استطلاع أخير، تفاؤلاً في سير أعمالها في المستقبل المنظور وفي شكل مغاير للوضع الذي كانت عليه مطلع هذه السنة. وخلص الاستطلاع الذي أعدّه معهد البحوث الاقتصادية في ميونيخ «إيفو»، بالتعاون مع المصرف الحكومي «قروض من أجل إعادة الإعمار»، إلى ان توقعات معظم الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل عملياً العمود الفقري لاقتصاد البلاد، «تتطور نحو الأفضل». وأفاد بيان صادر عن الهيئات الاقتصادية بأن الشركات الألمانية الكبيرة، «أكثر تشاؤماً من الصغيرة والمتوسطة، وعلى رغم ذلك أقرّت بتحسّن توقعاتها لانتعاش فرص العمل لديها في المستقبل القريب للمرة الأولى منذ 12 شهراً». ولفت كبير خبراء المصرف الحكومي آريش نوربرت، في النشرة الاقتصادية الشهرية لغرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية (الغرفة)، إلى ان البيانات الاقتصادية الصادرة منذ أيار (مايو) «أكدت ظهور تكوّن جديد لأرضية حركة النمو في البلاد»، لكن حذّرَ «من الإفراط في التفاؤل قبل استقرار توقعات التحسن». واعتبر ان نظرة الشركات إلى أجواء أعمالها الحالية «تراجعت الشهر الماضي»، لافتاً إلى ان الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تشغِّل القسم الأكبر من العاملين في ألمانيا «لم تتأثر بأزمة المال والاقتصاد الدولية بالحجم الذي تأثرت به الشركات الكبيرة». وفي موضوع الشركات المعتمدة على الصادرات، أكد خبراء «ظهور تحوّل إيجابي يعطي الأمل بقرب بدء حركة الإنتاج والتصدير»، وهو ما يعتمد عليه الاقتصاد الألماني في شكل حاسم، خصوصاً ان 45 في المئة من الناتج القومي السنوي لألمانيا تؤمّنه الصادرات». وفي مقارنة سريعة، تبلغ نسبة الصادرات في الناتج القومي البريطاني والإيطالي 28 في المئة، وفي فرنسا وإسبانيا 26 في المئة فقط. وتراجع معدل الصادرات الألمانية في نيسان (أبريل) الفائت 28.7 في المئة عن الشهر ذاته من العام الماضي، ونحو 22 في المئة في النصف الأول من هذه السنة. وذكر الخبير المصرفي لدى «كوميرتس بنك» يورغ كريمر ان الصادرات الألمانية «ستتراجع حتى فصل الخريف المقبل، لكن ستستقر تدريجاً بعد ذلك». وأكد «انتهاء الهبوط الحاد في الاقتصاد الألماني والانتقال إلى مرحلة بدء الصعود مجدداً». الصناعة الألمانية وأشار كبير خبراء المصرف «أونيكريديت» أندرياس ريس ان الصورة العامة «عادت متعددة اللون، وهذا دليل آخر على أننا سنشهد قريباً تحولاً في الوضع الاقتصادي»، مستشهداً بارتفاع الطلب على الصناعة الألمانية بمعدل 3.7 في المئة في الشهرين الماضيين، وكذلك ارتفاع مؤشر «إيفو» للمرة الثالثة على التوالي، وانتظار بدء انعكاسات خطتي دعم النمو الحكوميتين في الشهور المقبلة، وقيمتهما 81 بليون يورو. واعتبر الخبير يورغن فون هاغن، ان ألمانيا «ستكون من الدول الأوائل التي ستستفيد من بدء تحسّن الاقتصاد العالمي». فيما رأى ان احتياطات الشركات من البضائع والسلع نضب تقريباً، متوقعاً ان «تدور عجلة الإنتاج مجدداً في حال ارتفع الطلب عليها بعض الشيء». ويتفق خبراء وهيئات اقتصادية على ان حصول انتعاش اقتصادي جديد في البلاد في النصف الثاني من هذه السنة، «لن يعني القدرة على إلغاء المفاعيل العميقة لأزمة المال والاقتصاد الحالية، التي ستترك آثاراً يصعب محوها بسرعة»، وهو ما أكده اتحاد التجارة الخارجية وتجارة الجملة أخيراً. لكن ما سيساعد نوعاً ما في توازن الناتج القومي الألماني، تراجع حجم الواردات الألمانية مع انخفاض الصادرات، ولو بحجم أقل. العجز في الموازنة من هنا سيسجل الناتج القومي نهاية السنة عجزاً يبلغ 9.4 بليون يورو فقط في مقابل 19 بليوناً عام 2008. واعتبر رئيس مجلس خبراء الاقتصاد فولفغانغ فرانتس، الذي تعتمده الحكومة الألمانية هيئة استشارية، ان حركة التراجع في الناتج القومي للبلاد «توقفت الآن»، موضحاً ان ما يدل على ذلك «ليس فقط الأرقام الإيجابية للمؤشرات المبكِّرة، بل أيضاً الارتفاع الطفيف الحاصل في الطلبيات على الصناعة». ومن الإيجابيات التي ينتظرها خبراء الاقتصاد، هي ان يسجل النمو السلبي في الربع الثاني من هذه السنة 0.8 في المئة، أي أقل بكثير مما سجله في الربع الأول، وهو 3.7 في المئة سالبة، على ان يسجل الربعان الأخيران نمواً إيجابياً.