تمر الأيام والشهور على أم فهد، على أمل أن تجد من يسد حاجتها المتزايدة وعوز أسرتها المكونة من ستة أولاد وفتاتين. لا تعلم أين سيقودهم المصير المجهول وضيق حالهم سوى اللجوء إلى الله ثم صدقات فاعلي الخير التي تأتيهم على فترات متباعدة. تسكن أم فهد في بيت مستأجر في أحد أحياء جنوبالرياض، وتعجز دائماً عن دفع إيجاره، ما يجعل الخوف من التشرد هو شغلها الشاغل. وتقول: «كنا نعيش حياة طبيعية، وبفضل الله مؤمن لنا أساسيات المعيشة، ولكن الأمور انقلبت بعد سجن زوجي قبل ثمانية أشهر، إذ انقلبت الدنيا علينا وأدارت لنا ظهرها»، موضحة أنهم أحياناً لا يجدون ما يسدون رمق أطفالهم، ولا يوجد لنا دخل ثابت، ما يجعلنا في حاجة دائمة إلى ما تجود به أيدي المحسنين. حاولت أم فهد إخفاء دموعها وهي تسرد مأساتها ل«الحياة»، ولكن الدموع أبت عليها ذلك، فقد انسكبت بغزارة لتترجم ما يخالجها من الداخل، ويعتصر قلبها الذي ذاب حزناً وعينيها اللتين أرهقما السهر، وتختصر ما عانته مع أطفالها وفقدانهم لوالدهم حال العوز دون إسعاد أولادها، بل أقل من ذلك حرمهم من محاكاة أقرانهم في الملبس والمأكل، وحتى فاتورة التيار الكهربائي لم تستطع أن تدفعها، فتم فصل الكهرباء عنهم يجلسون من دون كهرباء. وتضيف: «أن زوجها مطالب بدفع مبلغ أكثر من 200 ألف ريال حتى يتمكن الخروج من السجن، وأن راتبه لا يكفي مصاريف أطفاله، فكيف يدفع هذا المبلغ الكبير، الذي تراكم عليه من جراء ديون سابقة». وعلى رغم سوء حالتها النفسية وشعورها باكتئاب طوّق حياتها وكبّلها، كونها امرأة وأطفالها صغار لا يستطيعون العمل، وهي سيدة متخرجة من الجامعة، ولم تجد فرصة وظيفية تساعدها بالصرف على من تعول، إلا أنها لم تيأس، فقد حاولت طرق الأبواب الأخرى التي قابلتها بالرفض، والأمر الأصعب هو سجن رب الأسرة. وتتابع: «اليأس يحيط بنا، والحزن يعيش معنا في البيت، ومع ذلك الأمل بالله هو حصننا، آملة من أهل الخير أن ينزعوا هذا الحزن، ولهم الفضل أمام الله في لم شملها مع زوجها وأولادها في أقرب وقت».