شاب في مقتبل العمر، يعج بالحيوية والنشاط ولا يتسع الأفق لأحلامه وتطلعاته، على رغم ظروفه المالية، إلا أنه قرر الزواج ليبدأ بناء مستقبله ويتفرغ لتحقيق طموحاته. كانت غلطته الاعتماد على القروض في بناء أساس حياته وهو الزواج وحينها لم يكن يعرف أنه دلف باب الأحزان وبدأ في التعامل مع سلسلة طويلة من المعاناة. شيئاً فشيئاً وجد نفسه مكبلاً بديون لا قبل له بها، حاول كثيراً التغلب عليها، إلا أنه كان وحيداً ومصدر دخله أضعف من أن يواجهها، فانهارت حالته النفسية، ليمتد الأمر ويصل إلى جسده، فأصيب بالضغط والسكري. أبو محمد شاب سعودي وأب لطفلة تبلغ من العمر ثلاث سنوات، يقبع منذ نحو أسبوعين في السجن، بسبب عجزه عن سداد مبلغ 50 ألف ريال اقترضه من أشخاص عدة. تقول زوجة أبو محمد: «واجهتنا ظروف مادية صعبة، أولها مرضي الذي أصبت به، ثم تبع ذلك استئجار منزل يؤوينا»، مشيرة إلى أن زوجها لجأ مرة أخرى إلى الاقتراض لعلاجها. وتضيف: «الشخص الذي أقرض زوجي تقدم بشكوى ضد زوجي الذي هو مسجون الآن في سجن بالرياض حتى يسدد الدين»، مؤكدة أن الديون تراكمت على الأسرة بشكل جعلهم يعيشون بأقل من 300 ريال شهرياً. وتوضح الزوجة المحطمة: «بحثت عن عمل حتى أستطيع مساعدة زوجي، ولكن للأسف لم أحصل على شيء»، لافتة إلى أن زوجها حاول كثيراً سداد ديونه، إلا أنه لم يستطع ذلك بسبب ضيق الحال الذي تعيشه الأسرة. وتستطرد: «فكرنا في بيع سيارة زوجي لسداد بعض الديون، إلا أنها لن توفي ربع الدين، وعدم وجود وسيلة نقل لنا جعلنا نتراجع عن هذا الأمر»، مؤكدة أنها لو عملت براتب ضعيف مثلاً 2000 ريال، فلن تستطيع سداد المبلغ إلا بعد عدة أعوام. وتتابع أم محمد: «اليأس يحيط بنا والحزن يعيش معنا في البيت أنا وطفلتي التي دائماً تسأل عن والدها، ومع ذلك الأمل في الله فهو حصننا». آملة من أهل الخير أن ينزعوا هذا الحزن، وأن يكون لهم الفضل بعد الله في جمع شملها مع زوجها وطفلتها في أقرب وقت. وأمام الظروف القاسية والحزن العميق لا تملك أم محمد سوى الدموع والدعاء بخروج زوجها من السجن وتحسن حالتهم المعيشية، «أنا امرأة مؤمنة، ولكنني أتعذب وأنا أواجه أسئلة عديدة من طفلتي التي تسأل عن والدها في كل وقت، كذبت عليها وقلت إنه مسافر، ويحز في خاطري أنني لم أستطع عمل شيء لزوجي، خصوصاً أن المبلغ كبير بالنسبة لنا».