استمرت الاشتباكات المتقطعة على الحدود الأردنية -السورية أمس وسط حالة من التوتر والاستنفار، وهو ما أكدته مصادر متطابقة في مدينة الرمثا الحدودية شمال الأردن، ورصدته «الحياة» في جولة ميدانية لها على الحدود الفاصلة بين البلدين. في حين نفت الحكومة الأردنية حدوث اشتباكات. وكانت اشتباك جرى ليلة أول من امس وأسفر عن مقتل طفل سوري كان يعبر الحدود مع عائلته من سورية باتجاه الأردن، كما أصيب جندي أردني بجراح متوسطة. وقال مصدر عسكري ل»الحياة»، إن وحدات الجيش الأردني المتواجدة على الحدود «اضطرت للرد على نيران الجيش السوري التي استمرت لساعات، لتأمين عبور مئات اللاجئين إلى الأردن بشكل آمن». وأضاف «أدى إطلاق النار السوري إلى مقتل طفل وجرح العشرات من بينهم جندي أردني». ورصدت «الحياة» خلال جولة ميدانية إلى الحدود الأردنية السورية، وصول تعزيزات عسكرية ومدرعات للجيش الأردني إلى المنطقة الحدودية، وسط تواصل موجات النزوح إلى الرمثا، والتي وصلت حتى مساء يوم أمس إلى أكثر من ألفي لاجئ، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، بحسب زايد حماد رئيس (جمعية الكتاب والسنة) المكلفة من قبل الحكومة الأردنية بتقديم المساعدات لعشرات الآلاف من اللاجئين. كما التقت «الحياة» لاجئين سوريين فروا فجر امس إلى الأردن، كانوا شهوداً على مقتل الطفل السوري وجرح العشرات الذين نقلوا إلى المستشفيات الحكومية إضافة إلى الجندي الأردني. وقالت والدة الطفل المتوفى بلال اللبابيدي (4 سنوات) من حمص، والتي كانت تتصدر المشيعين»: «كانوا يطلقون النار بكثافة.. الجيش السوري قتل ولدي وجرح العديد من السوريين». وأضافت باكية «لولا فضل الله ثم الجيش الأردني الذي تدخل لإنقاذنا، لكان الجميع في عداد الأموات». والتقت «الحياة» خلال التشييع الذي استمر لساعات باللاجئ السوري أحمد الحمصي، الذي كان شاهداً هو الآخر على الاشتباكات. وقال «بدأنا بقطع الشبك الحدودي مع حلول الظلام، كنا برفقة حراسات من الجيش الحر، لكن إطلاقاً كثيفاً للنار من قبل جيش النظام أدى إلى استشهاد الطفل بلال وهو في حضن والدته وإصابة آخرين». وروى منتصر الدرعاوي، مشاهد صادمة لخصت الأخطار التي واجهوها خلال عبورهم الأراضي الأردنية، وقال «مررنا بحقول الألغام، واضطررنا إلى الزحف على أيدينا وأرجلنا خشية أن يكتشف أمرنا من قبل القوات الموالية لنظام الأسد». وتابع «كان بيننا أطفال ونساء وطاعنون في السن، الموت كان يلف المكان وأصوات النيران تحاصرنا من كل اتجاه». وزاد آخر «رأيت أحد الجنود الأردنيين مضرجاً بدمائه، بعد أن حاول جاهداً إنقاذ الطفل ووالدته التي سقطت مغشياً عليها». وفي ذات السياق، قال نشطاء في تنسيقيات الثورة السورية من داخل مدينة درعا ل»الحياة»، إن وحدات الجيش الأردني «ردت بشكل عنيف على مصدر النيران الصادرة» عن قوات النظام. وأكد هؤلاء أن كثافة النيران «دفعت جنوداً سوريين كانوا في مركزين أمنيين قرب الحدود، إلى تركها والفرار في اتجاهات عدة». وعلى صعيد الانشقاقات في صفوف الجيش السوري، قالت مصادر أردنية رسمية ل»الحياة» إن زهاء 35 جندياً سورياً يعملون في 5 نقاط حدودية مع الأردن، أعلنوا انشقاقهم عن النظام السوري، بعد وصولهم إلى مدينة الرمثا. وكان ثمانية سوريين أصيبوا فجر الخميس أثناء محاولتهم الهرب نحو الأردن، حيث نقلتهم قوات الجيش الأردني إلى مستشفيي الرمثا الحكومي والملك المؤسس، وتراوحت إصاباتهم بين متوسطة وسيئة. وشيعت الرمثا عصر الخميس الماضي لاجئاً سورياً توفي متأثراً بجراح أصيب بها قبل أيام ووصل للعلاج بالرمثا، إلا أنه توفي الخميس وشيعه العشرات من اللاجئين السوريين ومن أهالي المدينة.