أدى تنامي العنف في المدن السورية، إلى ارتفاع معدلات اللجوء لمدينة الرمثا الحدودية شمال الأردن، الذي وصل إلى 1600 لاجئ بعد ظهر الخميس وحتى الساعات الأولى من فجر يوم أمس، وفق منظمات إغاثة محلية. وزارت «الحياة» أمس أماكن تجمعات اللاجئين السوريين في الرمثا، ووقفت على معاناة العائلات السورية التي فرت تحت جنح الظلام إلى الحدود الأردنية، هرباً من تصاعد وتيرة العنف التي تشهدها مدنهم. وقالت مصادر رسمية أردنية ل «الحياة»، إن السلطات «رفعت من وتيرة التأهب العسكري والأمني على الحدود مع سورية». وأكدت المصادر أنه «تم الحد من منح الإجازات الروتينية للعسكريين وأفراد الأجهزة الأمنية العاملين على الحدود». وقالت تلك المصادر إن المنطقة الشمالية للبلاد «تعيش حالة حقيقة من الاستنفار الأمني». ورصدت «الحياة» خلال زيارتها الميدانية إلى الحدود الأردنية السورية، حركةً مكثفة للدوريات الأمنية والعسكرية بشكل ملحوظ على الحدود الشمالية، وهو ما يؤكد حالة الاستنفار في تلك المناطق. وكان رئيس الوزراء الأردني فايز الطراونة قال في تصريحات سابقة: «وصلنا إلى أن كل الخيارات مفتوحة لحماية القطاعات الشمالية»، في إِشارة إلى الحدود الشمالية مع سورية. وفي الإطار ذاته، أكدت مصادر إغاثية أردنية وسكان محليون في الرمثا، سماع دوي قذائف وأصوات انفجارات متتالية من الجهة المقابلة للقرى السورية المتاخمة للأردن، وهو ما عاينته «الحياة» من قرب. وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من قرى محافظة درعا المجاورة للأردن، لا سيما مناطق داعل، والحراك، ونوى، والشيخ مسكين، والمزيريب، التي تعرضت على مدى اليومين الماضيين لقصف عنيف خلّف عشرات القتلى والجرحى، وفق لجان تنسيقية المعارضة في درعا. وقدر مسؤولو إغاثة أعدادَ اللاجئين السوريين الذين وصلوا الرمثا ومدينة المفرق الشمالية خلال الأسبوع الماضي، بأكثر من 10 آلاف لاجئ، ووصفوا الموجة الأخيرة من اللجوء بالأسوأ منذ اندلاع الثورة السورية على نظام الرئيس بشار الأسد في آذار (مارس) من العام الماضي. وأدى هذا التدفق الكبير إلى زيادة معاناة الأطفال وكبار السن الذين اكتظت بهم الأماكن المخصصة لاستقبال اللاجئين. وقالت مصادر المعارضة السورية ل «الحياة» إن الأردن «استقبل فجر الخميس 20 منشقاً من الجنود السوريين تم نقلهم إلى مخيم خاص بالمفرق». وقال زايد حماد رئيس (جمعية الكتاب والسنّة) المكلفة من قبل الحكومة الأردنية بتقديم الخدمات لعشرات الآلاف من السوريين، إن عدد اللاجئين الذين وصلوا خلال الأسبوع الماضي «تجاوز ال10 آلاف». واعتبر حماد أن تفجيرات دمشق تسببت بأكبر موجة نزوح سوري خلال اليومين الماضيين. وأضاف: «استقبلنا الأربعاء قرابة 2000 لاجئ، أما ظهر الخميس وحتى صباح الجمعة، فاستقبلنا ما يزيد عن 1600 لاجئ، والأعداد في تزايد ملحوظ». وقال نضال البشابشة مالك سكن «البشابشة»، وهو مكان تجميع اللاجئين السوريين عند وصولهم للرمثا، «إن مناطق الشمال شهدت خلال اليومين الماضيين ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات النزوح». وأكد أن نسبة اللجوء الأكبر من كبار السن والنساء والأطفال، مشيراً إلى وصول أعداد كبيرة من اللاجئين الفارين من العاصمة دمشق وريفها. وقال كامل درويش ممثل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، الذي كان في جولة ميدانية إلى الرمثا، إن عدد اللاجئين السوريين في الأردن «ارتفع خلال الأسابيع الماضية إلى 700 لاجئ يومياً، بعد أن كنا نستقبل في الفترات السابقة ما بين 200 إلى 300 لاجئ». وروى علي الدرعاوي، الذي فر إلى الرمثا قادماً من منطقة المزيريب في درعا مساء الأربعاء، لحظات الهروب من «موت محتم» على حد وصفه. وقال ل «الحياة»، إن المزيريب «تتعرض لقصف عنيف منذ أن تم الإعلان عن تفجيرات دمشق، والجيش والشبيحة أحرقوا العديد من البيوت التي قتل بعض من كانوا فيها بالسكاكين». وأضاف: «خرجت مع العديد من الأهالي بحراسة من الجيش الحر من مكان لآخر حتى وصلنا الحدود الأردنية». وتابع: «تحركنا تحت جنح الظلام حتى وصلنا الحدود الأردنية، واستقبلتنا وحدات الجيش الأردني التي رحبت بقدومنا». وعن موقف السوريين من تفجيرات دمشق، قال الدرعاوي: «إنها تعتبر مسماراً يدق في نعش النظام». وزاد: «لا نريد لا ماء ولا غذاء، كل ما نريده هو الخلاص من بشار وأعوانه». ورغم أن العدد الأكبر من الفارين من سورية من محافظة درعا، إلا أن العديد من أبناء المحافظات الأخرى يتوافدون إلى الأردن، لا سيما القادمين من حماة وحمص، التي يروي معاناتها ناصر عمرو، والذي فرّ إلى الأردن مطلع الشهر الماضي بعد مقتل زوجته واثنين من أشقائه. وقال: «فقدت عائلتي خلال قصفٍ استهدف منزلي في منطقة بابا عمرو بحمص، لكن تفجيرات اليوم تؤكد أن النصر على الأبواب». وتشير آخر إحصائية حكومية للاجئين السوريين في الأردن إلى وجود أكثر 140 ألف لاجئ حتى نهاية الشهر الماضي، لكن قائمين على العمل الإغاثي يتحدثون عن أرقام أكبر تصل إلى 200 ألف لاجئ.