احتفلت زحلة أول من أمس بإزاحة الستار عن تمثال الشاعر جوزف الصايغ في حديقة الشعراء في المدينةاللبنانية البقاعية، ثم أعقبه مباشرة احتفال في فندق قادري الكبير، بدعوة من بلدية زحلة - معلقة والكلية الشرقية ومجلس قضاء زحلة الثقافي وأصدقاء الشاعر. حضر الاحتفال حشد من وجوه السياسة والأدب، تقدمهم النائبان نقولا فتوش وأنطوان أبوخاطر والوزراء السابقون محمد يوسف بيضون والياس سكاف وجورج السكاف وأدمون رزق وجوزف الهاشم. مهّد للاحتفال وتقدم المتكلمين الزميل انطوان أبو رحل بالقول إن «التمثال الحقيقي، قبل أن يكون من إزميل وحجر، هو في قلوب الناس، وفي محبّتهم». ومما ورد في كلمة رئيس بلدية زحلة - معلقة جوزف دياب المعلوف: «شاعرنا زحلاوي في باريس، وشبه باريسي في زحلة، والإرث الثقافي لشاعرنا يمثّل حقبة مجلّة في تاريخ الأدب والشعر الزحلي واللبناني المقيم والمغترب في القرن الماضي الذي يمكن الرجوع إليه لمعرفة أدق التفاصيل». ثم ألقى رئيس الكلية الشرقية في زحلة الأب سابا سعد كلمة استهلها بالقول: «من حنايا الكلّيّة الشرقيّة، وزوايا ملاعبها، ومقاعد صفوفها، لمع نجم الشاعر جوزف صايغ ابن زحلة الأبية، وإذ استوطن باريس، وتوطّن شعره أجواءها وتراثها وثقافتها، فإنّه لم ينس مدينته التي أحبّها حتى الجنون». وأضاف: «يتميّز جوزف برؤيا وطنيّة وسياسيّة خاصّة، وهو ذو شخصيّة رؤيويّة تطلّعيّة، وأمثاله لا يمكنهم أن يعيشوا في «الوطن المستحيل». جوزف صايغ ليس شاعراً وناثراً فحسب، بل هو مقاوم، ثائر ضدّ الميول السياسيّة والدينيّة والمصلحيّة، ومناضل من أجل بناء الوطن الحقيقيّ». وألقى الشاعر صالح الدسوقي قصيدة بعنوان «آب الهزار» لاقت تجاوباً من الجمهور، حيّا فيها زحلة وتناول بعضاً من حياة الشاعر، وقد جاء فيها: أبدعتَ «كولين» رمزاً للجمالِ وقُلْ للفنِّ معجزةً خلَّدتها أَبَدا حتى غدوت لا قيس ولا عُمر تبارك الشعر قد سوّاك منفردا وظل لبنان فردوس الوجود وما بدّلته وطناً أغلى ولا بلدا وألقى صاحب جريدة «زحلة الفتاة» جان بخاش كلمة زحلة ومجلس قضاء زحلة الثقافي، وأبرز ما جاء فيها: «ها أنت اليوم يا عزيزي الشاعر تعتلي هذه القاعدة وحولك كوكبة من الشعراء الزحليين، أمدّك الله بالعمر الطويل بعدهم، أماجد، عايشت بعضهم وعاصرت بعضهم الآخر، تتفيأ معهم ظلال هذه الباسقات الحاملة أثقال السنين الطوال. ألا يحق لنا أن نتساءل مع صديقك الكبير سعيد عقل - الغائب الحاضر في كل وقفة عزّ ومجد بزحلة ولبنان - كيف يمكن أن تطلّ على الناس بوجه من معدن ولفتة من نحاس، وأنت الذي هو قلب، كيف تصبح حجراً؟». وأضاف: «قرأناك مراراً تقول: ان الشعر، بالنسبة إليّ هو الهرب من الموت. أعتقد أنك اليوم بعد دخولك الى حديقة الشعراء مخلّداً قد توقفت. ذلك ان ليس لا زحلة ولا وطنك هما من يخلدانك. بل أنت خلّدت نفسك بنفسك وفي هذا ذروة العطاء للذات وفيه ذروة الإبداع بين الآخرين». ثم ألقى الوزير الشاعر جوزف الهاشم قصيدة ورد فيها: وأنْتَ يا صائغَ الماساتِ يا علَماً مِنْ صيْدِ زحلةَ منْ أبنائِها النُجُبِ على يديكَ الصروحُ الشُمُّ باذِخَةٌ يسمو البيانُ بها، والعلْمُ لمْ يَخِبِ في أيِّ أُفْقٍ مِنَ الإبداعِ خُضْتَ بهِ حقَّقْتَ ما نالتِ الأقلامُ مِنْ أرَبِ بريشةٍ طيَّبَتْ بالتِبْرِ مبْسِمَهَا لَوْ لمْ ترصِّع جَناحَ الشِعرِ لمْ يَثِبِ ورُحْتَ تخْتَرِقُ الأجواءَ منْطَلِقاً كالنَسْرِ إنْ شاخَ لمْ يهرَمْ ولمْ يَشِبِ ومن كلمة الوزير إدمون رزق في الاحتفال:«هنا مقام الشعر والأدب، محراب الوطنية، منبت الفروسية، محط الإيمان والرجاء، و«أعظمهنّ المحبة». جئنا نشهد أن لا «وطن مستحيلاً»، لبلد فيه زحله، مسقط عظماء الكلمة، منجبة الأعلام، مقيمين ومنتشرين، وكلهم يكرّم العشيّة، مع شاعر «آن - كولين»، حامل الوحي من وادي العرائش، إلى عاصمة النور». وقرأ عريف الاحتفال رسالة من السفير السعودي في الرباط الشاعر عبد الرحمن الجديع ورد فيها: هذي جواهرُكم يا صائغُ انتظَمتْ قوافياً فاضَ منها الحُسْنُ وانسكبا تالله، هل مِن لقاءٍ في زُحَيلتِنا نستلهمُ الشِّعرَ أَو نستطيبُ العِنَبا! ثم ألقت السيدة باسكال ترزي كلمة عائلة المحتفى، واختتم المحتفى به جوزف الصايغ الاحتفال بكلمة استهلها قائلاً: «لا يخلّد إلا الخالدون، وزحلة مدينة خالدة. لا يُجِلُّ الكلمة إلاّ الكُلماء، وزحلة ربيبة كلمة ومن أربابها. ولا يتعشّق الجمال إلاّ مَن اصطفاه الجمال، وزحلة مصطفاة جمال، رائدة من روّاده، وإزميل من أزاميل إبداعه».