حذّر مستثمرون ومزارعون في المدينةالمنورة من خطورة توجّه المزارعين مجبرين نحو إزالة نخيل الرطب «المدني، الذي يلقى رواجاً لدى المستهلكين محلياً وخارجياً، بسبب ارتفاع الكلفة عليهم، لعدم وجود سوق ملائم يروجون فيه بضاعتهم، مشيرين إلى أن الرطب يشكل 30 في المئة من إنتاج نخيل المدينة من التمور حالياً، وكان لا يقل في وقت سابق عن 50 في المئة، مطالبين بإنشاء مدينة تمور متكاملة في المدينةالمنورة. واشتكى المستثمرون والمزارعون في المدينةالمنورة من إهمال الجهات المعنية للسوق الحالية، وقالوا إن مساحته لا تتجاوز مساحة فيلاً سكنية، فيما يعرض على ساحته نتاج 4 ملايين نخلة سنوياً. وأشاروا في حديثهم إلى «الحياة» إلى أن هناك دراسة أمرت بها إمارة المنطقة، وأوصت بإقامة مدينة رئيسة للتمور بجميع مرافقها، إلا أن هذه الدراسة ما زالت حبيسة أدراج المسؤولين في «أمانة المدينة»، على حد قولهم. وقال عضو اللجنة الزراعية في «غرفة تجارة المدينةالمنورة» المهندس حمود الحربي: «وضع السوق حالياً لا يرضي طموحات مزارعي وتجار التمور في المدينة، فمساحة السوق حالياً 1500 متر، وهي تعادل مساحة فيلا سكنية، وأمر لا يعقل أن تكون تلك المساحة لسوق تمور في منطقة يزيد عدد النخيل فيها على 4 ملايين نخلة، إضافة إلى أن سوق المدينة هي السوق الرئيسة للتمور في المملكة، فمعظم مناطق المملكة تمورها تسوق عبر المدينة، لارتباطها بحركة كثيفة للحجاج والمعتمرين». وأضاف: «كان هناك دراسة أجريت سابقاً لإنشاء مدينة تمور متكاملة، وهذه الدراسة لها فترة طويلة لدى أمانة المدينة لم يبتّ فيها حتى الآن، وقد أجريت هذه الدراسة بتوجيه من الأمير عبدالعزيز بن ماجد أمير المنطقة سابقاً، وحدد فيها موقع مدينة التمور وآليات العمل فيها، أسوة بمنطقة القصيم ومكونات المدينة، ورفعت للأمانة من دون أن ترى النور حتى الآن». وتابع: «للأسف وضع السوق لا يرقى للاهتمام الذي تناله المدينة من الحكومة، ويدل على أن الأسواق الزراعية من آخر اهتمامات الجهات التنفيذية في المدينة». وتحدث الحربي عن توجه خطير لمزراعي المدينة خلال الفترة الأخيرة، يتمثل في إزالة نخيل الرطب تحت ضغط التكاليف المرتفعة، وقال: «مع ندرة العمالة الموسمية المخصصة لجني الرطب، ووجود سوق متدن للتمور في المدينة لا تتوافر فيه أبسط المقومات، اتجه المزارعون لإزالة نخيل الرطب، والاكتفاء بما تنتجه نخيل التمور، حتى لا يتعرضوا لمزيد من الخسائر في مثل هذه الأوضاع المتردية للسوق، على رغم أن أشهر مناطق المملكة في تسويق الرطب هي المدينة». وتابع قائلاً: «إلا أن استمرار المزارعين في إزالة نخيل الرطب في ظل هذه الأوضاع، سيجبرنا يوماً من الأيام على استيراد الرطب من الخارج. حالياً الرطب تشكل 30 في المئة من إنتاج نخيل المدينة من التمور، وكانت لا تقل في وقت سابق عن 50 في المئة. للأسف على رغم أن أسواق المدينة تعد أكبر مصدر لتسويق التمور السعودية في الخارج خلال مواسم الحج والعمرة، إلا أن أوضاعها مزرية، وتتطلب لفتة عاجلة من المسؤولين». ووافقه الرأي المستثمر في سوق التمور في المنطقة عضو لجنة الزراعة محمد السيف، الذي قال: «الوضع غير مرضٍ في سوق التمور، والمزارعون هم أكثر الأشخاص تعباً في السوق، فطوال عام كامل يحرثون في الأرض ويزرعون، ويعرضون نتاجهم في السوق نهاية المطاف، ليجدوا سوقاً غير مشجعة لا تتوافر فيها أي إمكانات. المزارع يخسر مصاريف وجهداً، ثم يضاعف عليه الخسارة من محرجين و دلالين يبيعون له محصوله، إذ يبيعونه بأي سعر». وطالب السيف بضرورة وجود جمعية رسمية للتمور في المنطقة، تحافظ على القطاع وتنظمه وتحمي مزارعيه، وقال: «ينبغي أن يكون هناك جمعية للتمور محددة لديها الأسعار لكل نوع، وتقوم بتسويق إنتاج المزارعين، وتقيهم جشع المحرجين وطمعهم، فإضافة إلى عمولتهم التي يجنونها من بيع محاصيل المزارعين، يقومون بتحصيل ريالين عن كل كرتون تمر، تحت ذريعة تحميل وتنزيل صناديق التمور، وهي حجج واهية، فعمولتهم التي يأخذونها كافية». وأشار إلى أن مساحة السوق حالياً صغيرة جداً، وتمت بناء على مخططات حكومية وضعت قبل عقود من الزمن، مستدركاً بقوله: «المساحة حالياً لا تكفي لعرض نتاج مزرعة واحدة في المدينة، فما بالك بجميع مزارع منطقة المدينة وقراها ومراكزها. من الضرورة أن تقام سوق للتمور لا تقل ساحة الحراج فيها عن 60 ألف متر مربع، يضاف إليها محال لبيع التمور، يتسوق فيها الزوار والمعتمرون في أي وقت». وقدّر السيف حجم مبيعات تمور المدينة سنوياً بما يزيد على 4 بلايين ريال في المنطقة ومراكزها وقراها، وهي نتاج أربعة ملايين نخلة، تنتج كل نخلة منها ما متوسطه 60 كيلو. وانتقد مستثمر في سوق التمور (طلب عدم ذكر اسمه) إهمال الجهات الحكومية لسوق التمور في المنطقة، على رغم المكانة الدينية لهذه التمور في نفوس جميع المسلمين محلياً وخارجياً. وقال إنه في الوقت الذي يجب أن يستغل مسؤولو المدينة هذه المكانة في تسويق التمور خارجياً، نفاجأ بإغفالها إنشاء مدينة للتمور تلبي طموحات المزارعين، وتحقق عوائد مجزية للبلد. 46 ألف طن من تمور «المنطقة» تُصدر إلى الخارج أكد مدير فرع وزارة الزراعة بمنطقة المدينةالمنورة بالإنابة المهندس عمر بلحمر استيراد دول أوروبا وأميركا أكثر من 46 ألف طن من تمور المدينةالمنورة خلال عام واحد، ما يؤكد المكانة الكبيرة لتمور المنطقة. وقال في تصريح ل«الحياة»: «تقدّر صادرات محجر مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي من التمور خلال العام الماضي ب46 ألف طن، ذهبت للدول الأوروبية وأميركا الشمالية وآسيا وأفريقيا». وأوضح بلحمر أنه على رغم صعوبة حصر حجم مبيعات التمور في المدينة، لعدم وجود سوق مختص ومنظم، واقتصار الأمر على مراكز بيع للتمور تجارية ومتفرقة، إلا أن إدارته تقدر حجم الإنتاج بأكثر من 100 ألف طن سنوياً. وأضاف: «الأوضاع الحالية لسوق التمور في منطقة المدينة لا ترقى لطموحاتنا، ونأمل أن تكون هناك سوق خاص بالتمور على غرار الموجود في بعض المناطق الأخرى».