من الوسيط الورق مروراً بالأتمتة الرقمية ووصولاً الى الشبكات الإجتماعية وتطبيقات الخليويات الذكية: على هذه المساحة يمتد «مجلس المكتبات الوطنية»، الذي يتكوّن من ائتلاف يضمّ «المكتبة الوطنية» لسنغافورة و24 مكتبة عامة تتوزّع عبر تلك البلاد. ويكفي القول إن بلاداً لا يزيد عدد سكانها عن ال5 ملايين نسمة، تضم مليوني مشترك في المكتبات العامة، تتزايد أعدادهم بصورة مستمرة. واستطراداً، فلعل كثافة استخدام التقنيات الرقمية، خصوصاً المتّصلة بالشبكات، تقف في أساس العلاقة الوثيقة التي تربط «سلطة تطوير المعلوماتية والاتصالات» («إنفوكوم دفلوبمانت أوثوريتي» INFOCOMM DEVELOPMENT AUTHORITY- إختصاراً «آي دي إيه» iDA) في سنغافورة، و «مجلس المكتبات الوطنية». تحدي الملكية الفكرية في مبنى ضخم في الوسط التجاري لمدينة سنغافورة، تستقر «المكتبة الوطنية». يرتفع المبنى عبر 17 طبقة ليشكل برجاً واجهته مزيج من الزجاج والمعدن اللامع، على طريقة المباني الأميركية الضخمة المعاصرة. ولا تبعد هذه المكتبة من معالم رئيسية للمدينة مثل «متحف الفن» و «كنيسة القديسين بطرس وبولس» والمُجمّع الضخم الذي يحمل اسم «براس باساه» Bras Basah Complex المُخصّص للعلوم والفنون والثقافة. وعلى الانترنت تملك هذه المكتبة موقعاً متطوراً عنوانه nlb.gov.sg. وأثناء انعقاد معرض «إمباكس» Imbx الذي يعتبر أبرز حدث مفرد للمعلوماتية والإتّصالات في آسيا، استقبلت هذه المكتبة وفداً صحافياً صينياً - عربياً مشتركاً، كان في ضيافة سلطة «آي دي إيه». والتقى الوفد لجنة ثلاثية من المكتبة، تألّفت من المدير لي كي سيانغ، ومساعده كيا سيانغ هوك ونائبه راشمندران نارايانان، مع ملاحظة أن الثلاثة ينتمون الى «مجلس المكتبات الوطنية». وبيّنت اللجنة أن عدد مرات إستعارة الكتب الورق تصل الى 33 مليون إستعارة سنوياً، ما يعني نظرياً أن كل مواطن يذهب أكثر من مرّة الى إحدى المكتبات العامة ليستعير كتاباً. وأوضحت أن «المكتبة الوطنية» مرّت بمراحل من التطوّر في استخدام الوسيط الرقمي، كي تصل الى هيئتها الحاضرة، حيث بات الجمهور متفاعلاً ومشاركاً مع المكتبة. وعلى نحو خاص، تفاعلت «المكتبة الوطنية» مع جرائد سنعافورة في مسألة الأرشفة الإلكترونية. وقدّمت هذه المكتبة للجرائد تقنيات الأرشفة الرقمية، مثل تقنية «أو سي آر» OCR، وهي اختصار «أوبتكال كاركتر ريكوغنيشن»Optical Character Recognition (=»التعرّف ضوئياً الى الرمز») التي مكّنت الجرائد من أتمتة نصوصها المكتوبة باللغات الأكثر شيوعاً في سنغافورة، وهي الإنكليزية والماليزية والصينية والتاميلية. وبفضل هذا التعاون، توصّلت المكتبة الى إقناع الجرائد بفتح إرشيفها على الإنترنت وصولاً إلى العام 2009. ويعتبر هذا الأمر إنجازاً ضخماً، خصوصاً أن بعض قوانين الملكية الفكرية تمنع الوصول العام إلى المحتوى الذي يرجع الى ما بعد العام 1928، كما هو حال الولاياتالمتحدة. «ذاكرة سنغافورة» دخل الشق الإلكتروني من المكتبات العامة في سنغافورة مرحلة التعامل مع شبكات الخليوي عبر التطبيقات الرقمية التي توضع على الهواتف الذكية عبر الإنترنت، بما فيها تلك التي تستعمل نظام «أندرويد» Android. وقُدّمَت هذه الخدمة للجمهور تحت شعار يشبه أن نقول «إلتقط كتاباً واقرأه على الطائر». ومن المستطاع الوصول الى هذه التطبيقات المخصصة للخليوي على موقع m.nlb.gov.sg. وتزداد أهمية هذه الخدمة «الطائرة» إذا علمنا أن سنغافورة، وهي بلاد صغيرة المساحة، تضمّ ما يزيد على 7500 نقطة إتصال مع الإنترنت. وتنهض «المكتبة الوطنية» بمشروع رقمي يعتمد على الشبكات الإجتماعية، اسمه «ذاكرة سنغافورة». ويعتمد على جمع ما تختزنه ذاكرة أهالي سنغافورة عن تاريخها ومدنها وقراها وأحيائها وأشخاصها، وصولاً الى الذاكرة الفردية لأفرادها. ويُتاح للمواطن وضع أشرطة مرئية - مسموعة على موقع تديره المكتبة بعناية هو SingaporeMemory.sg. ويُذكر هذا الأمر بمشروع مُشابه تنهض به «مكتبة الإسكندرية» يحمل عنوان «ذاكرة مصر»، مع الفارق بأن المشروع السكندري ركّز على التاريخ الرسمي لمصر، فيما اهتم نظيره السنغافوري بذاكرة الشعب. واستطراداً، يقدّم الموقع الشبكي ل «المكتبة الوطنية» المصادر الشبكية كافة في هذه البلاد، عبر عنوان nl.sg.