تعهد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بعد انتخابه رئيساً للبلاد، أن يكون رئيساً لكل مواطنيه، داعياً إلى «مصالحة اجتماعية». لكن المعارضة اعتبرت أن فوزه تحقّق من خلال «غش وخداع»، مشكّكة في مؤهلاته لتولي المنصب. وأفادت وكالة أنباء الأناضول الرسمية، بأن فرز أكثر من 99 في المئة من الأصوات، أظهر نيل أردوغان 51.9 في المئة من الأصوات، في مقابل 38.3 في المئة لأكمل الدين إحسان أوغلو، مرشح حزبَي «الشعب الجمهوري» و «الحركة القومية» المعارضين، و9.7 في المئة لمرشح «حزب السلام والديموقراطية» الكردي صلاح الدين دميرطاش. وأقرّ إحسان أوغلو ودميرطاش بهزيمتهما، لكنهما نددا بحملة «غير عادلة» و «غير متناسبة» لخصمهما الذي اعتبر مراقبو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا الذين أشرفوا على الانتخابات في تركيا، أن الحملة شهدت تغطية إعلامية غير متوازنة لمصلحة أردوغان. وأشار المراقبون إلى أن استغلال رئيس الوزراء «منصبه الرسمي، إلى جانب تغطية إعلامية متحيزة، أعطياه ميزة على المرشحَين الآخرين». على رغم ذلك، هنأ إحسان أوغلو أردوغان، متمنياً له «النجاح». وأضاف: «آمل بأن تكون النتيجة مفيدة للديموقراطية في تركيا». لكن رئيس «حزب الحركة القومية» دولت باهشلي قال: «أردوغان لم يفز، (بل) انتقل إلى (قصر الرئاسة في) شنكايا من خلال غش وخداع وتحايل». وتابع: «هذا الشخص مشكوك جداً فيه وثمة شكوك في النظر إليه باعتباره رئيساً». وتتوجّس المعارضة من سعي أردوغان إلى تعديل الدستور والانتقال إلى نظام رئاسي أو شبه رئاسي، إذ تتخوّف من أن يكرّس سلطة «استبدادية» تنسف أسس الجمهورية العلمانية التي أقامها مصطفى كمال أتاتورك عام 1923. وقال ناطق باسم «حزب الشعب الجمهوري»: «إننا أمام سلطة قمعية لم تعد خاضعة للدستور، بل تسعى إلى فرض نظامها الاعتباطي». في المقابل، اعتبر أردوغان أن انتخابه الذي تم للمرة الأولى بالاقتراع المباشر، طوى مرحلة وأدخل تركيا «مرحلة جديدة». وقال لآلاف من أنصاره في خطاب النصر من شرفة مقرّ حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في أنقرة: «هذا يوم انبعاث تركيا من الرماد». وأضاف: «أولئك الذين لم يصوّتوا لي فازوا بمقدار أولئك الذين فعلوا ذلك، وأولئك الذين لا يحبونني فازوا بمقدار أولئك الذين يفعلون ذلك». وتابع: «أريد بناء مستقبل جديد، مع عملية مصالحة اجتماعية، من خلال اعتبار خلافاتنا مصدر ثراء، وعبر الإشارة ليس إلى خلافاتنا بل إلى قيمنا المشتركة». ودعا رئيس الوزراء إلى نبذ «خلافات الماضي»، وزاد: «سأكون رئيساً ل77 مليون تركي لا فقط للذين منحوني أصواتهم. سأكون رئيساً يعمل من أجل علم البلاد والبلاد، ومن أجل الشعب». وتمنّى على «كل الذين وصفوني بديكتاتور ومتسلط، أن يراجعوا موقفهم». وكان أردوغان قام، بعد صدور النتائج شبه النهائية، بزيارة رمزية بمسجد أيوب سلطان في إسطنبول للصلاة، كما كان يفعل السلاطين قبل اعتلائهم عرش الإمبراطورية العثمانية. وبدأ حزب «العدالة والتنمية» مشاورات في شأن الحكومة المقبلة، علماً بأن على أردوغان الذي سيُنصَّب رسمياً رئيساً لتركيا في 28 من الشهر الجاري، أن يشرف على اختيار رئيس جديد للحزب الذي أسسه مع الرئيس المنتهية ولايته عبد الله غل. وكان لافتاً في هذا الشأن أن غل أعلن عزمه متابعة العمل السياسي بعد تنحّيه عن منصبه، قائلاً: «طبيعي أن أعود إلى حزبي بعد انتهاء ولايتي الرئاسية». وينصّ الدستور على انسحاب أردوغان من حزبه قبل تنصيبه خلال نحو أسبوعين. وتفيد معلومات بأن وزير الخارجية أحمد داود أوغلو هو من المرشحين الأوفر حظاً لتولي رئاسة الحكومة، علماً بأن وزير النقل السابق بن علي يلدريم يتطلع إلى المنصب. إلى ذلك، دعا الاتحاد الأوروبي أردوغان إلى أداء «دور توفيقي للمجتمع التركي» في منصبه الجديد، «من أجل جمع كل المجموعات والمعتقدات والحساسيات والآراء وأساليب الحياة في المجتمع التركي». ووَرَدَ في رسالة وجّهها رئيس مجلس الاتحاد هيرمان فان رومبوي ورئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو، أن تركيا «شريك رئيس للاتحاد الأوروبي ودولة مرشحة للانضمام إليه وجارة وشريكة تجارية وحليفة ديبلوماسية». وحضت أردوغان على «مواصلة جهوده لتسوية المشكلة الكردية وإيجاد مخرج (لمشكلة) قبرص».