أفادت نتائج أولية أمس، بانتخاب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان رئيساً للبلاد، للمرة الأولى بالاقتراع المباشر، مستكملاً هيمنته على البلاد بعد تسلّمه السلطة العام 2003. ويستعد أردوغان لدخول قصر شنكايا الذي حكم منه مصطفى كمال أتاتورك إثر تأسيسه تركيا الحديثة على أسس علمانية في 1923. وتخشى المعارضة أن يغيّر الرئيس المنتخب هوية تركيا، مبدّداً إرثها العلماني من خلال جدول أعمال إسلامي، خصوصاً أنه يأمل بأن يبقى في منصبه الجديد لولايتين كل منهما من 5 سنوات، ما يتيح له قيادة تركيا خلال إحيائها الذكرى المئوية الأولى لتأسيس جمهورية أتاتورك. ومنحت نتائج أولية في الانتخابات التي يحق لحوالى 53 مليون تركي المشاركة فيها، أردوغان تقدماً مريحاً على خصميه أكمل الدين إحسان أوغلو، مرشح حزبَي «الشعب الجمهوري» و «الحركة القومية» المعارضين، وصلاح الدين دميرطاش مرشح «حزب السلام والديموقراطية» الكردي. وبعد فرز حوالى نصف أوراق الاقتراع، نال أردوغان 55 في المئة من الأصوات، في مقابل 36 في المئة لإحسان أوغلو و8 في المئة لدميرطاش. لكن إحسان أوغلو تحدّث عن مخالفات انتخابية، مشيراً إلى سحب هواتف خليوية لناخبين قبل إدلائهم بأصواتهم في مراكز اقتراع، ما أتاح تصوير أوراق اقتراعهم قبل وضعها في الصندوق. وأضاف أن ناخبين صوّروا أوراق اقتراعهم بعد إدلائهم بأصواتهم، ما قد يمنحهم امتيازات من أحزاب. وأشار إلى أن حملته الانتخابية ستقدّم شكوى رسمية في هذا الصدد. وأفادت وكالة «دوغان» الخاصة للأنباء باعتقال رجل في محافظة جنوب شرقي تركيا، بعدما ختم أوراق اقتراع لمصلحة أردوغان، مشيرة إلى شجار بين مسؤولين في حزب «العدالة والتنمية» الحاكم وحزب معارض، في مركز للشرطة. في المقابل، اعتبر وزير الداخلية أفكان ألا أن العملية الانتخابية «مرّت بسلام»، مشيراً إلى «سبع حوادث بسيطة سُوِّيت بتدخل مخافر الشرطة». ووصف الاقتراع بأنه «أهم انتخابات في المسيرة الديموقراطية لتركيا». ويعتزم أردوغان تحويل الرئاسة من منصب فخري إلى لاعب محوري في البلاد، من خلال تعديل الدستور وجعل النظام «رئاسياً» أو «شبه رئاسي». وترفض المعارضة الأمر، متمسكة ببقاء الرئيس «حيادياً» وعلى مسافة واحدة من جميع الأحزاب السياسية. وعلى وقع هتافات «تركيا فخورة بك» و «الرئيس أردوغان»، قال الأخير بعد إدلائه بصوته في اسطنبول: «قرار (الناخبين) سيكون حاسماً بالنسبة إلى الديموقراطية التركية ومستقبل بلدنا، إذ إن رئيساً وحكومة منتخبَين سيحملان تركيا بحزم، يداً بيد، نحو عام 2023». أما إحسان أوغلو فقال بعدما اقترع في اسطنبول: «الحملة كانت جائرة وليست متناسبة، لكننا واثقون من حكمة أمتنا. ستعبّر أصوات الجماهير الصامتة عن موقفها وسنفوز بسهولة من الدورة الأولى». وأعرب عن أمله بأن تكون الانتخابات «حرة ونزيهة وحيادية»، وإلا تشهد تركيا «أزمة خطرة للديموقراطية». دميرطاش الذي اقترع في دياربكر، كبرى المدن الكردية في جنوب شرقي تركيا، اعتبر أن الانتخابات «بداية لكفاح من أجل الديموقراطية والحرية، سيستمر أياً يكن الفائز، ومرحلة مهمة في التقدّم السياسي الذي تشهده تركيا». الفائز بالانتخابات سيخلف الرئيس عبدالله غل الذي أعرب عن أمله بعد إدلائه بصوته، في أن تعزّز تركيا «قوتها من خلال الديموقراطية والقانون، وتتابع مسيرتها عبر تقوية اقتصادها». ولم تتأثر كثيراً شعبية أردوغان، على رغم فضيحة فساد كبرى طاولته ومقربين منه، بينهم نجله بلال و4 وزراء. وكان شنّ حملة ل «تطهير» مؤسسات الدولة، لا سيّما القضاء والشرطة، مما يعتبره «كياناً موازياً» يتهم جماعة الداعية فتح الله غولن بتأسيسه، علماً أن الأخير حليف سابق لرئيس الوزراء وخاضا معاً معركة كسر هيبة الجيش وإقصائه من الحياة السياسية. وكان أردوغان قمع احتجاجات شعبية صاخبة الصيف الماضي، أوقعت قتلى وجرحى، وسط اتهامات باعتماده نهجاً استبدادياً في الحكم.