استؤنفت في القاهرة أمس المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية غير المباشرة برعاية الوسيط المصري. وقال مشاركون في هذه الجولة من المفاوضات إنها أكثر جدية من سابقتها التي اتسمت بكونها استكشافية، إذ أراد كل طرف اختبار نيات الطرف الآخر وتوجهاته وقدراته. (للمزيد) وقال عضو الوفد الفلسطيني بسام الصالحي، إن المفاوضات بحثت بصورة معمقة رفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة في مقابل وقف النار وإعادة الإعمار، فيما قال عضو آخر في الوفد، إن المفاوضات ستكون ماراثونية، موضحاً أن الجلسة الواحدة تستمر ساعات طويلة وتخوض في التفاصيل. وأضاف: «يحاول الوسيط المصري استغلال أطول فترة ممكنة من فترة وقف النار بهدف التوصل إلى اتفاق، مشيراً إلى التفاصيل المعقدة المطروحة على طاولة البحث. وكان رئيس الوفد الفلسطيني عزام الأحمد صرح قبيل الاجتماع أمس: «ورقتنا التي قدمناها (إلى المصريين) ليست أكثر من استعادة لآليات العمل لدب شريان الحياة إلى قطاع غزة وفق ما كان معمولاً به قبل الانقسام الذي استغلته إسرائيل ووسعته وسلبت كثيراً من الحقوق التي سبق أن وقعت عليها مع الجانب الفلسطيني». في غضون ذلك، طالب كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات أمام الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين أمس، بدعم مبادرته لإقامة جسور برية وبحرية وجوية لإيصال المساعدات الإنسانية والوقود والاحتياجات الغذائية العاجلة إلى قطاع غزة على مدى 7 إلى 10 أيام بالتوازي مع المفاوضات في مصر. ميدانياً، التزمت فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل أمس التهدئة التي أعلنتها مصر وبدأ سريانها عند منتصف ليل الأحد- الإثنين لمدة 72 ساعة. وأُعلن عن استشهاد الرضيعة ميداء محمد أصلان (شهر ونصف) متأثرة بجروح أصيبت بها في وقت سابق نتيجة قصف إسرائيلي على وسط قطاع غزة، ما رفع حصيلة العدوان إلى 1940 شهيداً، و9886 جريحاً. ومع بدء سريان التهدئة، واصل الفلسطينيون إحصاء خسائرهم من العدوان الإسرائيلي، فحذرت الأممالمتحدة من انهيار الوضع الصحي في القطاع، وشرعت بتوزيع معونات غذائية على «الغزيين». كما أعلنت وزارة التربية والتعليم أن القصف ألحق أضراراً ب 141 مدرسة حكومية. في الوقت نفسه، أعلنت وزارة شؤون الأسرى والمحررين في السلطة الفلسطينية أمس أن قوات الاحتلال تواصل احتجاز 26 فلسطينياً اعتقلتهم خلال عدوانها البري على القطاع. أما في إسرائيل، فاتسع نطاق الانتقادات التي وجهت إلى رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو ووزير دفاعه موشي يعالون بداعي الفشل في إضعاف حركة «حماس»، إذ شكا وزراء كثيرون من إقصائهم عن صنع القرار خلال الحرب، وعدم إطلاعهم على قرار استئناف المفاوضات في القاهرة وما يدور فيها. كما دعا عضو «لجنة فينوغراد» التي حققت في إخفاقات الحرب على لبنان العام 2006 البروفيسور يحزقيل درور إلى تشكيل «لجنة فحص» لسير الأمور خلال الحرب على غزة، فيما رفض وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان وقف العمليات العسكرية في غزة. ودافع نتانياهو عن نفسه بالتأكيد أن إسرائيل أصرّت على عدم إجراء مفاوضات القاهرة «تحت النار»، وأن الجيش وجّه ضربات شديدة ل «حماس منذ وقف النار الأول قبل أسبوع، وأن إسرائيل مصرّة على تحقيق الأهداف التي حددتها من عمليتها العسكرية («الجرف الصامد»)، وهي إعادة الهدوء لفترة طويلة و «ضرب منظمات الإرهاب بشكل حقيقي».