انتقدت فاعليات نقابية واقتصادية قرار الحكومة المغربية رفع أسعار البنزين ومشتقات نفطية بسبب تأثيره المباشر في أسعار المواد الاستهلاكية. وصرّح العربي حبشي القيادي في «الفيديرالية الديموقراطية للعمل» بأن الحكومة لا تملك مقاربة اجتماعية مندمجة وأنها «بدل أن تكون لها الشجاعة والجرأة السياسية في اتخاذ مبادرات في الحرب على الريع والرشوة ودفع الأثرياء للمساهمة في تجاوز الوضع الراهن اتجهت للبحث عن الحلول السهلة»، واصفاً تداعيات القرار بأنه «سيجعل الفقراء والفئات المتوسطة يدفعون فاتورة الأزمة». ودعا الحكومة إلى فتح حوار وطني حول «نظام المقاصة» الذي يُعتقد أنه كان وراء قرار الزيادة في أسعار الوقود، من منطلق مقاربة تشاركية تنخرط فيها الأحزاب والمركزيات النقابية والمجتمع المدني. ووصف رئيس الجامعة الوطنية للنقل الطرقي عبد الإله حفظي القرار بأن انعكاساته ستطاول قطاع النقل سلباً، بخاصة وأنه يعيل ما يزيد على مليون ونصف مليون أسرة. ورأى أن توقيت القرار لم يكن مدروساً كونه يأتي قبل أسابيع من حلول شهر رمضان الفضيل، إضافة إلى تأثيره في القدرات الشرائية للمواطنين. وكانت الوزارة المنتدبة المكلفة الشؤون العامة أعلنت عن رفع أسعار مواد البنزين والغاز والفيول الصناعي بنسب متفاوتة «لمواجهة أسعار المواد النفطية في الأسواق الدولية». وعزت ذلك إلى التأثير سلباً في موازنة الدولة بخاصة على صعيد دعم المواد الاستهلاكية. غير أنها شددت على أن الحكومة بصدد معاودة النظر في نظام المقاصة لفائدة الفئات المعوزة والفقيرة. وأقرت الحكومة، في غضون ذلك، إجراءات أولية تهدف إلى حجب الإفادة من دعم الدولة على شركات ومقاولات خاصة في مقابل معاودة توزيع الدعم ليشمل الفئات المحتاجة بطريقة مباشرة. غير أن ذلك لم يحل دون بروز تساؤلات حول التداعيات المحتملة لرفع أسعار الوقود على قطاعات إنتاجية واستهلاكية، ما حتّم مطالبة الحكومة بالتدخل لحماية القدرات الشرائية للمواطنين عبر تفعيل آليات الرقابة وتنظيم الأسواق في الحد من احتكار الوسطاء. ويُعتبر الإجراء أول قرار اتخذته حكومة عبد الإله بن كيران في سياق ما تصفه ب «مكاشفة الرأي العام» حول حقيقة التقلبات والاختلالات الاقتصادية والمالية. ويقول مراقبون إنها اضطرت إلى ذلك لتلافي استمرار العجز، بخاصة وأنه يأتي في أعقاب التصديق على الموازنة المالية الذي تأخر كثيراً وألقى بظلاله على التدبير الاعتيادي في ملفات وقطاعات عدة. وصرح الوزير المنتدب في الشؤون العامة والحوكمة نجيب بوليف القيادي في «العدالة والتنمية» بأن القرار «لم يكن في الإمكان تفاديه» سيما وأن صندوق المقاصة استنفذ ما يقارب ب 80 في المئة من كلفة الدعم بعد مرور أقل من نصف العام. ويرصد مراقبون ردود أفعال المركزيات النقابية حيال الإجراءات الحكومية الجديدة كونها تأتي في أعقاب شد الحبل بين الكونفيديرالية الديموقراطية للعمل والفيديرالية الديموقراطية للعمل من جهة وحكومة عبد الإله بن كيران من جهة ثانية، فيما باتت أشواط الحوار الاجتماعي مهددة بسياسة الكراسي الشاغرة في حال إصرار مركزيات نقابية على عدم المشاركة في الحوار الذي دعت إليه الحكومة. على صعيد آخر، أبدى حزب الأمة ذو التوجه الإسلامي استغرابه إحالة ملفه التأسيسي على القضاء الإداري بمبادرة من وزارة الداخلية. وأفاد بيان الحزب أن هذا الأسلوب «دليل على استمرار النهج السياسي الاستبدادي»، مؤكداً أن مبررات إعادة الملف إلى القضاء «واهية» كونه يرهن شرعية العمل الحزبي «بالترخيص وليس التصريح». ورأى أن قانون الأحزاب تعتريه ثغرات عدة. وكانت السلطات المغربية حظرت حزب الأمة على خلفية تورط قيادييه في أعمال إرهابية ضمن ما يعرف بملف «خلية بلعيرج». غير أن إفادة أولئك القياديين ومتهمين آخرين من عفو ملكي ألغى تلك الأحكام الصادرة ضدهم والتي شملت حظر حزب «البديل الحضاري» الإسلامي التوجه.