قال رئيس الحكومة المغربية عبدالإله بن كيران، إن الربيع العربي غيّر الظروف، وإن بلاده «ستسعى إلى حل قضية الصحراء بما يحفظ كرامة الجميع». وجاءت تصريحاته عشية الزيارة التي تقوم بها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إلى المغرب في إطار جولة مغاربية، وقبل حوالى أسبوعين عن التئام جولة جديدة من المفاوضات غير الرسمية حول الصحراء برعاية الموفد الدولي كريستوفر روس. وأكدت المصادر أن تطورات ملف الصحراء ستكون ضمن القضايا التي تبحثها الوزيرة كلينتون مع المسؤولين المغاربة، في ضوء التقارب الحاصل بين الرباط والجزائر، والذي اعتبرته مؤشراً إيجابياً. ويسود اعتقاد أن جولة المفاوضات المقبلة ستعرض إلى إجراءات بناء الثقة والإفساح في المجال أمام مشاركة شخصيات صحراوية في المفاوضات، غير أن مصادر ديبلوماسية تتوقع أن تشكل الجولة المرتقبة أول امتحان إزاء المضي قدماً في تطبيع العلاقات المغربية-الجزائرية، وإن كان البلدان اتفقا على إبعاد ملف الصحراء عن إجراءات التطبيع الذي يسير بوتيرة متوالية لكنه لم يصل بعد إلى اتفاق حول معاودة فتح الحدود البرية المغلقة منذ عام 1994. إلى ذلك، انتقد بن كيران ما وصفه ب «تجاوزات رصدتها الحكومة» في سياق موجة الاعتصامات والاحتجاجات التي بلغت درجة احتلال أماكن عامة. وقال إنه «أسلوب غير مقبول» في دولة الحق والقانون، مشدداً على أن لا أحد من وزراء حكومته «أغلق باب الحوار» حول الملفات كافة، وأنه مستعد للحوار مع الجميع، بداية من «حركة 20 فبراير» الشبابية وجماعة «العدل والإحسان الإسلامية» وكذلك تنظيمات الطلاب حملة الشهادات الجامعية العاطلين عن العمل. وكشف بن كيران أن حكومته أقرت خطة لاستيعاب أفواج العاطلين في وظائف إدارية «ستوزّع بشكل عادل وقانوني»، لكنه أقر بأنه لا يمكن دمج كافة حملة الشهادات الجامعية «لكن الوظائف المقترحة لن تخضع للزبونية أو التمييز»، مؤكداً أن هذا السلوك انتهى وأن حكومته مدعوة لإقرار إجراءات لضمان نزاهة مباريات التوظيف. ونفى رئيس الحكومة وجود أي مقاربة أمنية في التعاطي وموجات الاحتجاجات ذات الطابع السلمي. لكنه قال إن التعاطي الأمني «لن يكون إلا في حالات خاصة ومحدودة لوقف الفوضى»، في إشارة إلى تدخلات قوات الأمن لتفريق اعتصامات وإفراغ مقرات إدارية اعتصم المحتجون داخلها في مدن عدة. وجدد التأكيد أن الحكومة «لن تستخدم العنف ضد أي تظاهرة سلمية» لأن الاحتجاج السلمي مكفول قانوناً. وتمنى بن كيران على الفاعليات السياسية والاجتماعية دعم حكومته وهي تخطو في مواجهة الاختلالات الراهنة بهدف تكريس «الحوكمة الجيدة» وجعلها سارية المفعول. ورأى أن هذا الموقف سيؤثر إيجاباً على تطور الاستثمارات في البلاد، ما يتيح فرصاً أكبر أمام استيعاب العاطلين. وردد أن حكومته «تحتاج إلى وقت لمعالجة الملفات المطروحة». إلى ذلك، تعرض الحكومة في غضون الأسابيع المقبلة مشروع الموازنة المالية على اجتماع طارئ للبرلمان. وقال بن كيران، في هذا المجال، إن صندوق دعم المقاصة الذي يتعلق بدعم أسعار المواد الاستهلاكية مثل الدقيق والسكر والزيت سيعرف ارتفاعاً ملحوظاً. وجاءت تصريحات رئيس الحكومة على خلفية اندلاع أحداث وقلاقل مدنية في بعض المدن المغربية، مثل تازة وبني ملال. ولم يتسن لحكومة عباس الفاسي المنتهية ولايتها أن تقر الموازنة المالية للعام الحالي نتيجة خلافات سياسية حتّمت سحب مشروع الموازنة من البرلمان. ويُعتبر مشروع الموازنة الجديد أول امتحان لحكومة بن كيران كونه يحدد آليات تنفيذ سياستها الاقتصادية والاجتماعية.