أدرجتها مكاتب المراهنات في أسفل القائمة القصيرة، لكن مادلين ميلر فاجأت كثيرين بفوزها بجائزة أورانج عن روايتها «أغنية آخيل» في احتفال في «رويال فستيفال هول» في لندن مساء أول من أمس. أمضت الكاتبة الأميركية عقداً كاملاً في كتابة باكورتها، ويتبع تكريمها نيل مواطنتها تيا أوبريت الجائزة نفسها العام الماضي عن روايتها الأولى أيضاً «زوجة النمر». سيطرت أميركا الشمالية على اللائحة القصيرة التي ضمّت سنثيا أوزيك وآن باتشيت وميلر من الولاياتالمتحدة وإيسي إدوغيان من كندا، والإرلندية آن إنرايت والبريطانية الوحيدة جورجيا هاردنغ. رجّحت مكاتب المراهنات البريطانية فوز أوزيك، ابنة الرابعة والثمانين عن روايتها السابعة «أجسام غريبة» التي تتناول اللاسامية والتطورات في أوروبا وأميركا إثر الحرب العالمية الثانية. وحدها القناة الرابعة في التلفزيون البريطاني رشّحت ميلر، التي تصغر أوزيك بنصف قرن، للفوز عن «أغنية آخيل»، ورأت الرواية إعادة كتابة ممتازة لكتاب هوميروس. تستند الكاتبة الشابة إلى «الإلياذة» لهوميروس التي فصّلت الحرب بين اليونان وطروادة بعد هرب هلن مع باريس إليها، على أنها تركّز على العلاقة بين المقاتل اليوناني الجبار والأمير باتروكلوس وسط مناخ الحرب الطويلة. لم يشر هوميروس إلى علاقة مثلية بين الاثنين، لكن الكاتبة التي درست الأدب الكلاسيكي في جامعة براون تحسم الأمر. آمن الأثينيون لاحقاً بأن الرجلين كانا عاشقين، وأكّد الكاتبان إسخيليوس وأفلاطون ذلك. ألكسندر «الكبير» زار القبر المشترك للرجلين في طروادة مع حبيبه هايفايستن وقدّم معه الأضحية. تتنافس ثلاث آلهات يونانيات على لقب الأجمل، ويطلبن من باريس، ابن ملك إسبرطة، الاختيار. ترشوه هيرا بامتلاك أوروبا وآسيا، وتعرض أثينا الحكمة والمهارة الفائقة في القتال، وتفوز أفروديت بعد أن تتعهد تقديم قلب هلن، أجمل نساء الأرض. تخفي كونها زوجة مينيلاوس، ملك إسبرطة، وحين يقتحم الأمير باريس القصر تهرب الملكة الجميلة معه بإرادتها إلى طروادة وتبدأ حرب السنوات العشر والسفن الألف. المخيلة الاغريقية قرأت والدة ميلر الخرافات الإغريقية لها قبل النوم، ففُتنت الطفلة بقصة أخيل المولود من رجل وإلهة. رغبت في اكتشاف باتروكلوس وأهميته لأخيل الذي شعر بالضياع بعد فقدانه. يقتل الأمير الأخرق باتروكلوس بالصدفة فتى سطا على لعبته وينفى إلى فيثيا حيث يتعرّف إلى أخيل القوي الوسيم، ابن الملك بيليوس (...) أعتقد أن ذلك سيغضبني. يقصد الاثنان طروادة لقتالها بعد هرب هلن، لكن أخيل يحرن ويلازم خيمته حين يهينه قائد الجيش أغاممنون ويسلبه عبدته بريسيس. تلقي ميلر ضوءاً على المرأة الهادئة الذكية التي أعلت شأنها بالتدبير القدير لبيت سيدها. يمتنع عن القتال ويؤكد اقتراب اليونانيين من الهزيمة أهمية أخيل في تقرير نتيجة الحرب. حين يُصرع باتروكلوس يغضب ويحمل سيفه ويحصد الطرواديين بلا هوادة. ثم يلحق بحبيبه حين يصيبه باريس بسهم في كعب رجله، الموقع الوحيد غير المنيع في جسده. لغة مادلين ميلر إروتيكية صريحة دفعت بعضهم إلى تعيير لجنة التحكيم لتفضيلها الإثارة على العمق. «نيويورك تايمز» قالت إن كعب أخيل (نقطة الضعف) في الرواية هو نبرته التي تزداد سوءاً مع قرار المؤلفة تحويل قصة بطولة قديمة إلى حكاية عصرية عن الهورمونات. على أن الصحيفة مدحت خيال ميلر التفاصيل الصغيرة في روايتها، في حين رأت رئيسة لجنة التحكيم، الكاتبة البريطانية جوانا ترولوب أن ميلر مبتكرة، شغوفة وخلاقة، وأن هوميروس كان ليفخر بها. أشارت إلى ضرورة توافر متعة القراءة في الكتب المرشحة، مكرّرة قول ستيلا ريمنغتن، رئيسة لجنة التحكيم في مان بوكر للعام الماضي التي «تعرّضت لإطلاق نار لاستخدامها هذه الكلمة، ولكن ما فائدة كتاب إذا لم يكن قابلاً للقراءة؟». لم تستطع اللجنة الحكم الاتفاق على اسم الفائزة قبل منتصف ليل الأربعاء الماضي، وتوقفت ترولوب عند قدرة الكاتبات على تناول مواضيع قوية كالحرب. ولئن اختارت ميلر حرب طروادة تناولت الأفريقية الكندية في «بلوز هجين» التي رشحت لمان بوكر محاولة موسيقيين أسودين الهرب من باريس بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية، والبريطانية جورجيا هاردنغ رجلاً موهوباً أصم وأبكم يعثر عليه شبه ميت على درج مستشفى في رومانيا إثر الحرب في «رسّام الصمت». «الفالس المنسي» للإرلندية آن إنرايت التي تروي قصة خيانة زوجية رُشّحت لجائزة مان بوكر التي كانت فازت بها في 2007 عن «التجمع». آن باتشيت نالت جائزة أورانج منذ عقد عن «بل كانتو» ورُشحت هذه السنة عن «حال عجب» التي تهجس بالبحث في غابة الأمازون عن دواء قد يغيّر حياة النساء. ميلر معلّمة لاتينية ثانوية في ماساتشوستس، وهي موعودة بعد الفوز بالجائزة التي تبلغ قيمتها ثلاثين ألف جنيه مع زيادة في البيع تراوح بين مئة ألف ومئة وخمسين ألفاً. هي الأميركية الرابعة التي تنالها في سنوات أربع متتالية بعد تيا أوبريت عن «زوجة النمر» في 2011 وباربرا كنغسولفر عن «المقطع الناقص» في 2010 ومارلين روبنسن عن «العودة» في 2009. هي السنة السابعة عشرة والأخيرة التي تقدّم فيها الجائزة بعد إعلان شركة أورانج للهاتف عن توقفها عن تمويلها. القائمون عليها أكيدون من توفير مموّل آخر واستمرارها باسم آخر.