اقتصرت شعارات المسيرات الشعبية الاسبوعية امس، على تحذير الحكومة من استصدار قرار برفع الاسعار والضرائب، وذلك غداة نيل الحكومة ثقة مريحة من مجلس النواب الذي منحها 75 صوتاً من اصل 110 نواب حضروا جلسة التصويت مساء اول من امس. وكانت العاصمة الاردنية شهدت احتفالاً رسمياً بعيد الاستقلال ال 66 واعلان المملكة الاردنية الهاشمية دولة مستقلة، حضره العاهل الاردني الملكل عبدالله الثاني وكبار رجال الدولة المدنيين والعسكريين. وخرجت في عمان مسيرة سيّرتها جماعة «الاخوان المسلمين» من الجامع الحسيني وسط العاصمة بمشاركة 1200 شخص، تقدمهم المراقب العام للجماعة همام سعيد وقادة الجماعة وحزب «جبهة العمل الاسلامي» وقادة التجمع الشعبي للإصلاح بغياب بقية احزاب المعارضة والجبهة الوطنية للإصلاح. وانتهت المسيرة بكل هدوء في ساحة النخيل بعد اعلان اعتصام جماهيري ضد قرار الحكومة المرتقب بتخفيف الدعم عن بعض السلع وفرض ضرائب جديدة. ورفع المشاركون شعارات كتب عليها «الجوع عدو الأنظمة»، و «الشعب ساكت احذروا إذا تكلم». وفرضت قوات الامن طوقاً امنياً للحيلولة دون وقوع اي اشتباكات بين الاسلاميين وانصارهم وبين عشرات الشباب الآخرين الذين كانوا ينفذون اعتصام ولاء وانتماء للعاهل الاردني. وفي مدينة اربد شمال البلاد، خرجت مسيرة شعبية شهدت سخونة في الشعارات التي طالت رموزاً وقيادات عليا في مؤسسات الدولة، متسائلة عن تأخر الإصلاح المنشود، ومصير حال المواطن وقضايا الفساد. وشاركت في المسيرة قوى حزبية وشعبية خرجت من ساحة المسجد الهاشمي في مدينة إربد متجهة إلى ميدان الساعة وسط المدينة. وهتف المئات من المشاركين مطالبين الحكومة والنظام بالإحساس بما آل إليه وضع المواطن من سوء الحال الاقتصادي في ظل الغلاء المتصاعد ونية رفع الدعم عن المشتقات النفطية وفرض ضرائب جديدة. وحذر المشاركون كل الجهات الرسمية صاحبة القرار الاقتصادي، بمس لقمة عيش المواطن، مهددين بالتصعيد السلمي في حراكهم ليصل الى حد العصيان المدني والامتناع عن دفع الفواتير ابتداء من الشهر المقبل، خصوصاً ان سعر الكهرباء سيتم رفعه. وجددت المسيرة تمسكها بالمطالب التي ينادي بها الشعب في الإصلاح السياسي والإقتصادي ووقف نزف الفساد ومحاسبة الفاسدين بالشكل القانوني. وفي مهد الاحتجاجات الاردنية في الجنوب، شهدت مدينة الكرك وبلدة المزار الجنوبي التابعة لمحافظة الكرك بعد صلاة الجمعة اعتصامين طالبا بعدم رفع الأسعار، وحذّرا الحكومة من الإقدام على قرار كهذا. وطالب المشاركون الحكومة بعدم مضاعفة اعباء المعيشة التي تثقل كاهل الاردنيين، والالتفات بدل ذلك الى تصحيح مسار الأردن الاقتصادي، واعادة ما وصفه المشاركون بأموال الوطن المنهوبة وشركاته المخصخصة. واكدوا ان الحكومة الحالية التي نالت ثقة مجلس النواب الذي لا يمثل الشعب الاردني، لا تحوز على ثقة الشعب لانها لا تمثل الغالبية من الاردنيين. وتمت تلاوة البيان الموحد الصادر عن الحراك الشبابي والشعبي الاردني في جمعة «انقاذ الوطن»، وهو الاسم الذي اطلق على مسيرات امس. واعلن الحراك في بيانه رفضه كل إجراءات الحكومة والأجهزة الرسمية، مؤكداً استمرار الحراك في السلط وجرش وعجلون والطفيلة وذيبان وحي الطفايلة وسحاب والشوبك والعاصمة عمان والكرك وإربد ومعان حتى تتحقق مطالب الشعب الأردني في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. ووصف البيان ما يجري حاليا في الاردن بأنه عودة للتعامل مع الوطن بالعقلية العرفية القديمة، داعياً الجميع الى «النهوض بوجه حال الارتداد وإنقاذ الوطن من بين براثن الفاسدين ومحتكري السلطة». وتابع ان الأردنيين «ما خرجوا للشوارع وبشكل دائم على مدى عام ونصف ليعود الوطن إلى المربع الأول، اذ يستعيد رجال الحكم المحافظين سطوتهم ومراكز نفوذهم ومباشرة سياسات كانت ومازالت مرفوضة حتى اليوم في إدارة الدولة». وقال ان القرارات المتوقعة والإجراءات الأخيرة للحكومة الرامية الى رفع الاسعار وزيادة الضرائب هي «تجاوز وقفز بالمجهول سيقود البلد إلى ما لا يحمد عقباه». وفي مناسبة عيد الاستقلال الذي احتفل به الاردن امس، قال البيان «انه لمن الخزي والعار ان تحتفل الحكومة والأجهزة الرسمية بعيد الاستقلال في وقت يرى الأردنيون وطنهم وقد ضاع، وأصبح رهناً لإرادة القوى الاستعمارية وكبرى الشركات ومراكز النفوذ والمال ورهن قراره السياسي والاقتصادي بإرادة الولاياتالمتحدة ودولة الكيان الصهيوني وأصبح تابعاً لهما، في وقت يرفض الحكم إعطاء الأردنيين حقهم في المشاركة بالحكم وتقرير مصير وطنهم حسبما يريدون، كما هي الحال لدى غالبية شعوب الأرض». وفي معان، نفذ شباب الإصلاح والتغيير والفعاليات الشبابية والشعبية والحركة الإسلامية وقفة احتجاجية ومهرجاناً خطابياً أمام مسجد معان الكبير تحت شعار «لا استقلال إلا بالإصلاح»، محذرين من أن رفع الأسعار ينذر بثورة شعبية. وأكد المشاركون ان استكمال مسيرة استقلال الوطن لا يتم الا بالاصلاحات الدستورية الحقيقية، مطالبين بإصلاحات دستورية وقضائية وتشريعية واحترام حرية التعبير عن الرأي وعدم المس بكرامة المواطن. وحذر المتحدثون في الاعتصام الحكومة من استمرارية ما وصفوه ب «مسلسلات التجويع والتركيع من خلال رفع الأسعار وإذلال المواطن، خصوصاً ان شهر رمضان قادم، ما ينذر بثورة قريبة للشارع الاردني». ورفع المشاركون شعارت عدة أبرزها: «نرفض رفع الاسعار»، و «لا استقلال دون إصلاح»، و «أهم بنود حلف الفضول رفع الظلم»، و «فهل رفع الظلم عن شعبنا». يذكر ان الاحتجاجات على رفع اسعار البنزين عام 1989 انطلقت من معان قبل ان تلحقها بقية المحافظات الاردنية في ما عرف ب «هبة نيسان» التي عادت إثرها الحياة الديموقراطية في الاردن.