بدأ المصريون أمس وسط أجوء حماسية مشوبة بالقلق، انتخاب رئيس لبلادهم للمرة الأولى، بمشاركة مرتفعة خصوصاً في المساء دفعت السلطات إلى مد ساعات التصويت حتى منتصف الليل، في ظل تجاوزات محدودة كان النصيب الأكبر منها للمرشح أحمد شفيق الذي عقد مؤتمراً دعا خلاله إلى انتخابه بالمخالفة لقواعد الدعاية الانتخابية كما اشتبك أنصاره مع حملات غالبية منافسيه. وستغلق لجان الاقتراع أبوابها مساء اليوم ليتم فرز أصوات الناخبين داخل اللجان الفرعية بمعرفة القضاة وأمناء اللجان في حضور ممثلي منظمات المجتمع المدني ومندوبي المرشحين، على أن تعلن النتائج في كل لجنة فور الانتهاء من الفرز، بانتظار إعلان النتائج المجمعة رسمياً الثلثاء المقبل. لكن لا يتوقع أن يحسم أي من المرشحين ال13 المعركة لمصلحته من الجولة الأولى، في انتظار انتخابات الإعادة المقررة الشهر المقبل. وتدور المنافسة الفعلية بين خمسة هم مرشح «الإخوان المسلمين» محمد مرسي والإسلامي المعتدل عبدالمنعم أبو الفتوح والناصري حمدين صباحي ووزير الخارجية السابق عمرو موسى، إضافة إلى أحمد شفيق آخر رؤساء حكومات الرئيس المخلوع حسني مبارك. ومر اليوم الأول من الانتخابات بهدوء ومن دون حوادث كبرى، لكنه لم يخل من خروقات تكفل بها المرشحون وأنصارهم بعدما التزمت المؤسسات الرسمية الحياد إلى حد كبير. وتأخر بعض اللجان في فتح أبوابه لاستقبال الناخبين تحت ذرائع مختلفة وأغلقت أخرى أبوابها في منتصف اليوم لساعات بحجة الراحة وتناول وجبة الغداء. وأدلى مرسي وموسى وأبو الفتوح بتصريحات بعد الإدلاء بأصواتهم التقت في تركيزها على ضرورة حماية أصوات الناخبين، فيما لم يتمكن شفيق من مغادرة لجنة الاقتراع إلا في حماية الشرطة والجيش بسبب هتاف ناخبين ضده وإلقاء بعضهم الحجارة عليه. ولم يعكر صفو الأجواء الانتخابية إلا اشتباكات محدودة بين أنصار المرشحين بدت غير مؤثرة. ورصدت مخالفات منها خرق الصمت الانتخابي، كان أبرزها عقد شفيق مؤتمراً صحافياً في مقر حملته، دعا فيه إلى انتخابه وحذر من الاعتراض على فوزه. ودفعت مخالفة شفيق منظمات مجتمع مدني عدة إلى تقديم بلاغات ضده إلى اللجنة العليا للانتخابات، أحالتها الأخيرة على النيابة العامة للتحقيق فيها. وقلل رئيس اللجنة القاضي فاروق سلطان من التجاوزات التي شهدتها العملية الانتخابية. وقال في مؤتمر صحافي إن «كل لجان الاقتراع على مستوى الجمهورية بدأت في مواعيدها المقررة عدا 3 لجان فقط نتيجة عوائق خارجة عن إرادة القضاة». ونفى استبعاد عدد من القضاة من الإشراف على الانتخابات إثر قيامهم بتوجيه الناخبين. وأضاف أن «خروقات الدعاية الانتخابية التي تم تحويلها على النائب العام شملت شفيق ومرسي وأبو الفتوح». لكن حملة الأخير نفت خرق الصمت. ولوحظ حرص قوات الجيش والشرطة على تلافي بعض سلبيات الانتخابات البرلمانية، إذ أوقفت عشرات من أنصار مختلف المرشحين بسبب الدعاية أمام اللجان. وجدد المجلس العسكري الحاكم تأكيد حياده في العملة الانتخابية. وقال عضو المجلس اللواء إسماعيل عتمان أمس إن «القوات المسلحة لا تحمل أية نية لفوز مرشح بعينه في الانتخابات الرئاسية، وتقف على مسافة واحدة من جميع المرشحين، لأن المؤسسة العسكرية تؤمن بأن الشعب وحده هو صاحب الاختيار». ورغم أن الانتخابات قد تشكل نهاية رسمية للحكم العسكري، إلا أن دور قادة في تسيير شؤون الدولة لن ينتهي، فالمؤسسة العسكرية التي ظلت على مدار عقود رقماً أساسياً في التفاعلات السياسية وتدير إمبراطورية اقتصادية ضخمة حذرت مراراً من المساس بها، لن تتخلى عن دورها بسهولة. وستكون العلاقة بين المؤسسة العسكرية والقصر محور الأحداث بعد انتخاب الرئيس الجديد.