«الغناء بالنسبة إلي هو الحياة». هذا ما قالته وردة الجزائرية رداً على إشاعات عن نيتها اعتزال الفن وارتداء الحجاب. وهذا ما أكدته من خلال نشاطها الفني الذي تواصل نصف قرن، تخللته محطات توقف قسري تارة لأسباب عائلية وطوراً لظروف سياسية. فقد كانت تستعد، قبل أن يتوقف قلبها فجأة مساء أول من أمس، للغناء مع تامر حسني، لتثبت مجدداً قدرتها الدائمة على مواكبة الجديد، وغنَّت مع المطرب السعودي عبادي الجوهر، وغنّت الشهر الماضي في عيد استقلال الجزائر الخمسين «ما زال واقفين»، ليتواكب الحدث مع إطلاق ألبومها «اللي ضاع من عمري». نقل جثمان وردة أمس إلى موطنها الأم الجزائر، لتدفن في مقبرة «العالية» في العاصمة. وقال المغني المصري محمد ثروت إن وردة استطاعت أن تكون شخصية مستقلة في الغناء وأن تبثت نفسها في زمن العمالقة. وعبَّر الملحن حلمي بكر عن حزنه الشديد لوفاة «وردة الغناء»، مشيراً إلى أنها منذ انطلاقتها الفنية في مصر تعرضت للظلم الشديد، سواء في عهد جمال عبدالناصر أو السادات أو حسني مبارك. وقال إن وردة هي التي اكتشفته كملحن ومنحته فرصاً كثيرة لإثبات وجوده: «قدَّمت لها 13 أغنية عاطفية، منها «معندكش فكرة»، وست أغنيات أخرى منها «سلام لكل الحبايب»، وصرنا أصدقاء حتى حدثت القطيعة بيننا بسبب وشاية أحد الملحنين، لكننا التقينا في أبو ظبي خلال تسجيل أوبريت «الحلم العربي» واستأنفنا صداقتنا. وأذكر أن الأزمة الشهيرة التي سبّبتها بين مصر والجزائر مباراة كرة قدم، عرّضت وردة لهجوم غريب وطالب بعض قصار النظر بترحيلها من مصر، لكنني دافعت عنها باستماتة». أما الشاعر عبدالرحمن الأبنودي فعلّق على خبر رحيل وردة بالقول: «كانت علاقتي بها إنسانية أكثر منها فنية، ففي حين لم أقدم لها، كشاعر، سوى مجموعة محدودة من الأغاني، كانت علاقتنا كصديقين وثيقة. والغريب أن علاقتنا هذه كانت تقوى في أوقات المحن الحياتية والأزمات المَرَضية، سواء طالتني أو طالتها». وأضاف: «تعرضَت لظلم كبير من رؤساء مصر، وظلمها أيضاً عبدالحليم حافظ عندما اتهمها بمحاولة تخريب الحفلة التي قدَّم فيها أغنيته «قارئة الفنجان» للمرة الأولى. صدَّق عبدالحليم هذه الوشاية، فأصيبت وردة بجلطة في ساقها، ثم سعيت ومعي الملحن حلمي بكر لمصالحتهما، ونجحنا في ذلك». أما الملحن عمار الشريعي فقال عن صوتها إنه «من الخامة المعدنية، يُنسب إلى جيل أسمهان وليلى مراد. توطدت صداقتنا منذ أن تعاونا في أغنيات مثل «طبعاً أحباب» و «قبل النهار دة»، ولمست كم هي إنسانة كبيرة كما كانت فنانة مميزة».