باريس - أ ف ب - لم يعد تشغيل روبوت على شكل ذراع متحركة بواسطة التفكير مسألة خيال علمي، فهو إنجاز حققه فريق من الباحثين في الولاياتالمتحدة، أوردته مجلة «نايتشر». تعاني كاثي هاتشنسون (58 سنة) الشلل منذ 14 سنة نتيجة إصابتها بجلطة دماغية. لكنها تمكّنت أخيراً من تحريك ذراع آلية لتناول القهوة، بفضل شبكة صغرى من الأقطاب الكهربائية المزروعة في دماغها. وشرح المتخصص في طب الأعصاب ليي هوتشبرغ من مستشفى «ماساتشوستس جنرال هوسبيتال» في بوسطن والقيّم الرئيسي على هذا الاختبار، إنها «المرة الأولى التي تتمكن خلالها كاثي من تناول أي شيء بحسب رغبتها هي، منذ نحو 15 سنة». وأضاف: «لن أنسى أبداً الابتسامة التي ارتسمت على وجهها في ذلك الحين». أنجز ذلك في 12 نيسان (أبريل) 2011. وقامت كاثي هاتشنسون بواسطة إشارات التقطتها قشرتها الحركية (وهي منطقة في الدماغ تتحكم بحركات الجسد) بالتحكم عن بعد بذراع متحركة وضعت أمامها لتناول عبوة مليئة بالقهوة وحملها باتجاه فمها. وهذا الاختبار الذي موّل جزءاً منه المركز الأميركي للأبحاث الصحية، يهدف إلى تقويم سلامة وجدوى نظام «بريين غييت» الذي يصل ما بين الدماغ والروبوتات التي توضع في تصرف المعوقين. في مرحلة أولى، بيّن الفريق نفسه قبل ست سنوات، أنه بإمكان أشخاص مشلولين أن يحركوا مؤشر الفأرة على شاشة بفضل تفكيرهم. وسمح نظام زرع الأقطاب الكهربائية في الدماغ لكاثي هاتشنسون ولمريض مشلول آخر في السادسة والستين من عمره يدعى روبرت، أن يتحكما بدقة شديدة بالذراع الآلية حتى تتمكن من حمل جسم مصنّع من مادة رغوية. ويتكون النظام من شبكة مؤلفة من مئة قطب كهربائي فائق الصغر، تُزرع في قشرة الدماغ لتتمكن من التقاط إشارات الدماغ وتحويلها إلى أوامر رقمية تعطى للروبوت. وشرحت كاثي هاتشنسون أن العملية لم تكن في نهاية المطاف مرهقة. وقالت: «في البداية كان علي أن أركز على العضلات التي أحتاج إليها. لكنني اعتدت على الأمر سريعاً». ويأمل العلماء بتطوير الذراع الآلية لتعمل بطريقة أكثر توافقاً وتنجز مهمات أكثر تعقيداً. ويشرح جون دونهيو المتخصص في علوم الأعصاب في جامعة «براون» الأميركية: «نحن متحمسون لتطوير هذه التقنية كي نتمكن يوماً ما من وصل الدماغ مباشرة بالطرف المشلول أو بآخر اصطناعي». ويوضح: «نبلغ أهدافنا عندما يتمكن شخص ما خسر قدرته على الحركة نتيجة إصابة في الجهاز العصبي أو مرض ما، من التفاعل بشكل تام مع محيطه من دون أن يعلم أي كان أنه يستخدم وصلة بين الدماغ وجهاز الكومبيوتر». غير أنه يستدرك أن التوصل إلى ذلك يحتاج إلى سنوات إضافية، لكن «أقل من عقد». وتشجّع العلماء الأميركيون عندما لاحظوا أن كاثي هاتشنسون وبعد 15 سنة على تعرضها لجلطة دماغية، «كانت لا تزال قادرة على إحداث النشاط العصبي اللازم للاتيان بحركات معينة ومعقدة وذات أبعاد ثلاثية». وتأتي هذه الدراسة ثمرة تعاون بين وزارة شؤون المحاربين القدامى الأميركية وجامعة «براون» ومستشفى «ماساشوستس جنرال هوسبيتال» وكلية الطب في جامعة هارفرد والمركز الألماني للفضاء (دي أل آر). يذكر أن أطباء متخصصين في طب الأعصاب في الولاياتالمتحدة نجحوا في أيار (مايو) 2011، في جعل مشلول يقف ويحرك رجليه ويسير على جهاز جري متحرك بفضل أقطاب كهربائية زرعت في أسفل ظهره.