أجمع المحللون السياسيون في ألمانيا أمس، على أن الهزيمة النكراء التي مني بها حزب المستشارة أنغيلا مركل أمام الحزب الاشتراكي الديموقراطي الأحد، في ولاية رينانيا فيستفاليا، الولاية الأضخم في البلاد، تشكّل هزيمة شخصية للمستشارة اضافة إلى الخسارة التي تُعتبر سابقة لمرشح حزبها وزير البيئة نوربرت روتغن الذي سارع إلى تحمّل مسؤوليته كاملة وقدّم استقالة فورية من رئاسة الحزب في الولاية. وتُعتبر هذه الانتخابات في الولاية التي يعيش فيها 18 مليون نسمة من أصل 82 مليوناً، مؤشراً الى الفائز في الانتخابات النيابية المقررة بعد 15 شهراً. ورأى مراقبون أن هزيمة روتغن مضاعفة، لأن أوساط حزبه الديمقراطي المسيحي كانت تتداول اسمه قبل شهور بوصفه مرشحاً قوياً محتملاً لخلافة مركل في المستشارية. لكن الأوساط ذاتها تقريباً، حمّلته أمس مسؤولية الفشل التاريخي الذي قاد الحزب إليه، بسبب تلكوئه في خوض الانتخابات، ثم اختياره مواضيع وطروحات لم تقنع أقساماً ضخمة من الناخبين. ولم يعفِ محللون كثر مركل من مسؤوليتها المباشرة عن فداحة الهزيمة، مشيرين إلى أن مشاركتها في تسعة مهرجانات انتخابية رئيسة لدعم مرشحها روتغن، لم تجعل مؤيدين تقليديين للحزب المسيحي يقترعون لمصلحته، ما يمكن اعتباره أيضاً عدم رضى عن سياستها. وأقرّت مركل بأن الهزيمة كانت «مريرة ومؤلمة»، لكنها شدّدت على أن «العمل في أوروبا لن يتأثر». وقالت: «لا تعارض بين وجود سياسة موازنة قوية، وتحقيق نمو». وللتذكير، فإن الهزيمة هي التاسعة للمسيحيين من أصل 11 انتخابات برلمانية محلية نُظمت خلال السنتين الماضيتين، آخرها قبل أسبوع في ولاية شلاسفيك - هولشتاين الصغيرة شمال البلاد، وفقد فيها التحالف المسيحي - الليبرالي الحكم أيضاً، لمصلحة ائتلاف اشتراكي - أخضر. وأسفرت انتخابات الأحد عن نتائج غير منتظرة على أكثر من صعيد، مع إعادة خلط للأوراق في مواقع عدد من الأحزاب، اذ حققت هانولوره كرافت، مرشحة الحزب الاشتراكي رئيسة حكومة الولاية المستقيلة، انتصاراً تاريخياً أعاد الولاية مجدداً إلى حضن الاشتراكيين. ونال الحزب الاشتراكي 39.1 في المئة من الأصوات، بزيادة 4.5 في المئة عن 2010، في مقابل 26.3 في المئة للحزب المسيحي الذي تراجعت أصواته 8.3 في المئة. وحصل حزب الخضر على 11.3 في المئة، بتراجع طفيف بلغ 0.8 في المئة، ما سيمكّن التحالف الاشتراكي - الأخضر من مواصلة الحكم بأكثرية مريحة، بعدما كانت بأكثرية نائب واحد. وحقق الحزب الليبرالي الصغير والمتعثر، المشارك في حكومة مركل، المفاجأة الثانية الكبيرة في هذه الانتخابات، بعدما بلغت سمعته الحضيض، اذ نال 8.5 في المئة من الأصوات، بزيادة 1.9 في المئة عن 2010، وبعدما رجّحت استطلاعات رأي حصوله على 6 في المئة. وعُزي ذلك الى عودة أمينه العام السابق كريستيان ليندنر، لتسلّم دفة الحزب في الولاية، بعد انسحابه إثر خلاف حاد مع قيادة حزبه الذي استقطب ناقمين على الحزب المسيحي. وحقق حزب القراصنة نجاحه الرابع على التوالي، في أربع ولايات ألمانية، اذ رجّحت استطلاعات رأي نيله 7.8 في المئة، بزيادة 6.2 في المئة. واعتبر قادة الحزب الاشتراكي الديموقراطي وحزب الخضر أن انتصاراتهم الأخيرة في الولايات، هي مقدمة لفوزهم في الانتخابات النيابية، علماً أن استطلاعات رأي ترجّح ذلك.