تعرض المواطن البحريني أحمد رضا قبل أسابيع لأزمة صحية نقل على أثرها إلى مستشفى السلمانية في العاصمة المنامة لتلقي العلاج، قبل أن يخبره الطبيب بأنه مصاب ب بكتيريا "السالمونيلا". ويعمل رضا (40 عاماً) موظفاً في شركة تجارية في المنامة ويقيم في منطقة قريبة من خليج توبلي الذي يعاني من التلوث منذ فترة طويلة. وعلى رغم عدم استطاعة الأطباء تأكيد ارتباط محل إقامته بإصابته، ثمة مؤشرات تعزز هذه الفرضية. وكانت الهيئة العامة لحماية الثروة البيئة في البحرين أعلنت عام 2009 عن عزمها "تنفيذ خطة وطنية للقضاء على التلوث" في خليج توبلي، إلا أن أي تغيير ملموس لم يحدث وما زال السكان في المناطق المحيطة يستنشقون روائح كريهة نابعة من مياه الصرف الصحي التي تلقى في الخليج. ويلفت مدير برنامج إدارة الموارد المائية في جامعة الخليج العربي الدكتور وليد زيباري إلى إجرائه دراسات وأبحاثاً عدة للمساعدة في حل المشكلة منذ سنوات من دون جدوى. ويوضح زيباري أن السبب الرئيسي للأزمة أن محطة توبلي لمعالجة مياه الصرف تتلقى خمسين في المئة أكثر من طاقتها الاستيعابية التصميمية التي تبلغ 200 ألف متر مكعب، فيما يصل إليها 300 ألف متر مكعب فتذهب 100 ألف متر مكعب إلى البحر من دون معالجة. ويقول إن الكمية المعالجة لا يمكن الوثوق بها أيضاً، وبالتالي تخرج من المحطة بنوعية رديئة". ويستطرد زيباري قائلاً: "لذلك لا يمكن الاطمئنان للمزروعات الورقية التي يتم ريها بالمياه المعالجة"، داعياً إلى فحص المزروعات للتأكد من عدم احتوائها على مخلفات قد تسبب أمراضاً خطيرة. ويعزز صحة هذه الشكوك، مناشدة وزارة الصحة البحرينية المواطنين غسل الخضروات بالماء والصابون وعدم ترك الأطفال يلعبون في المسطحات الخضر منعاً لإصابتهم بالأمراض. ويتحدث مواطنون مقيمون في المنطقة ومحيطها، دورياً، عن إصابتهم بإعياء، فيما سجلت حالات عدة ومتكررة من نفوق الأسماك على ساحل جزيرة النبي صالح وبعض سواحل خليج توبلي. ويرى الناشط البيئي البحريني غازي المرباطي ارتباط نفوق الأسماك بمياه الصرف، محذراً من "اتساع المساحة القاعية الملوثة" في الخليج المذكور. وتقدر الهيئة العامة لحماية الثروة البيئية والبحرية في البحرين مياه المجاري غير المعالجة جزئياً والتي يتم التخلص منها في المياه ب 80 ألف متر مكعب يومياً، فيما هدفت الخطة التي أعلنتها الهيئة عام 2009 في هذا الصدد، إلى وقف تصريف الملوثات في مياه الخليج وتنظيف قاعه من الملوثات الرسوبية، إضافة إلى حفر القنوات البحرية لتجديد مياه الخليج بالكامل. وعلى رغم مرور خمس سنوات على إطلاق الخطة، وإعلان وزارة الأشغال بدء التشغيل التجريبي لمحطة جديدة للصرف الصحي بالمحرق في نيسان (أبريل) الماضي، لا تزال مياه الصرف الصحي غير المعالجة تجد طريقها إلى البحر. وهذا ما يدفع زيباري للدعوة إلى الانتقال من أسلوب إدارة الأزمات إلى التخطيط الاستراتيجي البعيد المدى. ويرى وزير الأشغال عصام خلف من جانبه، أن الحل في محطة المحرق للصرف الصحي، مؤكداً أن "المشروع سيؤدي إلى إحداث نقلة نوعية في نظام الصرف الصحي بالبحرين، إذ ستلغى الحاجة لنقل مياه الصرف من المحرق إلى المنامة ومن ثم إلى محطة توبلي وبالتالي إزالة الضغط عنها والحد من نسبة التلوث".