يحمل إعلان حكومة الوحدة الوطنية في اسرائيل تداعيات عدة على العلاقة مع الولاياتالمتحدة وأفق التعاون الاستراتيجي بين الحليفين، اذ تفتح فرصاً أكبر لإنعاش عملية السلام بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، كما تعني جدية أكبر في أي قرار تتخذه تل أبيب حول ملفات خلافية تتعلق بأمن المنطقة، وأبرزها ايران. ويشير الخبير في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى ديفيد ماكوفسكي الى أن خطوة رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو في اعلان الحكومة جاءت “استباقاً” للانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين الثاني (نوفمبر)، واستعداداً لترتيب البيت الاسرائيلي، سواء فاز باراك أوباما بولاية ثانية وهو ما يبدو مرجحاً اليوم، أو في حال فاز الجمهوري ميت رومني. وتعطي الحكومة الاسرائيلية الجديدة في حال عدم اصطدامها مبكراً مع ادارة أوباما حول ملف ايران فرصة لتحسين العلاقة بين أوباما ونتانياهو التي اصطدمت بكثير من المطبات في السنوات الأربع الأخيرة وخصوصاً في ملفات المفاوضات مع الفلسطينيين والاستيطان وايران. ويرى ماكوفسكي أنه كون الحكومة الجديدة تحظى بتأييد غير مسبوق في الكنيست سيتاح لها التحرك بمرونة أكبر ومن دون الخضوع لشروط اليمين المتطرف الاسرائيلي. ويتوقع توجهاً أكبر لدى تل أبيب لإنعاش عملية السلام بعد الانتخابات الأميركية، إذ ان هناك فرصاً أكبر لتقديم تنازلات في موضوع التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية كان اليمين الاسرائيلي ضدها قبلا. وتشير مصادر موثوقة الى مخاوف مشتركة لدى نتانياهو والسلطة الفلسطينية من المد الاسلامي المتصاعد في المنطقة والذي تستفيد منه حركة المقاومة الاسلامية (حماس) في الأراضي الفلسطينية. وفي الملف الايراني يتوقع ماكوفسكي ان تتمتع الحكومة الاسرائيلية الجديدة باستقلالية أكبر عن واشنطن في اتخاذ القرار بسبب قاعدتها الشعبية ووجود ثلاثة رؤساء سابقين لهيئة أركان الجيش الاسرائيلي في صفوفها هم: وزير الدفاع ايهود باراك الذي تجمعه علاقة ممتازة بنتانياهو وشاؤول موفاز زعيم حزب كاديما الذي يرى فيه نتانياهو منافساً محتملاً على رئاسة الحكومة بسبب رصيده العسكري وانتمائه ليهود السفارديم (من أصل شرق أوسطي) أصحاب الحضور القوي في حزب «ليكود»، إضافة الى موشيه يعالون. ويعطي مثلث هيئة الأركان قوة دفاعية واستراتيجية للحكومة في معالجة الملف الايراني. واذ يبدو أن تل أبيب تنتظر محادثات بغداد بين ايران ومجموعة الدول الخمس زائد واحد، فان موضوع التوقيت يشكل محور الخلاف مع واشنطن حول ايران. فقد تعمد اسرائيل، في حال اعتقدت أن ايران تخطت نقطة اللاعودة في برنامجها النووي نحو التسلح، الى ضرب المنشآت الايرانية مع أو من دون ضوء أخضر أميركي. وتختلف أجهزة استخبارات البلدين حول الفترة التي تفصل ايران عن هذه النقطة. أما في حال التوصل الى اتفاق بين ايران والمفاوضين الغربيين فهناك سلسلة مطالب تتطلع اسرائيل الى ضمانها في أي اتفاق، وتحديداً ارسال اليورانيوم المخصب الى خارج الأراضي الايرانية، والكشف الدقيق على المنشآت. وبغض النظر عن تطورات الملف الايراني تشكل هذه الحكومة اندفاعة ايجابية للعلاقة بين واشنطن وتل أبيب، اذ يحظى كل من موفاز وباراك بعلاقة جيدة مع المؤسسة العسكرية الأميركية.