يغيب عن المهتمين بقياس مؤشرات الفقر في السعودية اعتبار «بطاقة شحن الجوال» مرجعاً أساسياً في قراءة مستويات دخل الفرد، خصوصاً فتيات وسيدات يعرضن مناظر مخجلة عبر وسائل تواصل من فئة «سكاي بي، ماسنجر، وغيرهما» في مقابل بطاقة شحن موبايل تتدنى في حالات كثيرة إلى قيمة عشرة ريالات. تمتلئ مواقع تواصل اجتماعي بالفيديو تسكن شبكة «الإنترنت، آي فون، وبلاك بيري» بفواتح شهية من مناظر فتيات يؤكدن أن حيازة وجبة رئيسية بالمشاهدة أو الملامسة يستلزم إرسال رقم بطاقة شحن جوال، ثم بعد تفعيلها ينال المرسل أطماعه، أو يتلثم بشماغه لأن الرقم طاح بيد «فتاة لعوب أو شاب كذوب». تتمسك فتيات الهوى بتسعيرة ألفية للسهرة، لكنها تشترط لإثبات حسن نية، وملاءة مالية أن يكون شاري الليلة والمنظر قادراً على أن يغامر بتمرير رقم بطاقة شحن لا تقل قيمتها عن مئة ريال ولا تزيد عن مئة، وأجمل ما في الحكاية أنها تذيّل شروطها بقسم يجمل اسم الله وصفاته إن «لعنة الله عليها لو كانت كذابة»! تأتي الغواية الرخيصة بثمنها وأسلوبها بمؤشر حقيقي على فقر بين الأفراد، تحديداً النساء، بغض النظر عن دخل رب الأسرة، فكسر فتاة لكل المعايير الأخلاقية من أجل بطاقة شحن جوال يمنح جلباب الإثم والخطيئة لكل ممانعي توظيف السعوديات، القائلين بأن الأولوية للذكور، متناسين أن «تفقير» الشعوب يجلب ممارسات تكسر قوانين السماء والأرض معاً. تستمر هذه التجارة بوصفها نسقاً إنسانياً منذ الأزل، لكنها كدائرة فعل تضيق وتتسع توافقاً مع معدلات الفقر، والفقر اعتلال يحتاج العثور عليه لاستدلال بعلامات خارجية وداخلية، وهي هنا تمتد من رقم إلى تفاصيل يسكت عند ظهورها الكلم. ينام الناظر والمنظور، وتسهر صور الجميلة في ليل الإنترنت بجوار جملة توسلية «اشحن لي». تتعالى أصوات مانعة لحظوظ السعوديات في اكتساب ما يمنع بعضهن من تحويل غرف نومهن إلى حفلات «ستربتيز»، وشبكة الإنترنت إلى أرصفة «تتمخطر» عليها فتيات يشتمن حظوظ هزيع ليل لم يساعدهن في تسويق مفاتن تتضور جوعاً، لجوع هنا يكون أكثر بؤساً إذا تعدى الفتاة إلى جهاز جوالها. يصبح جوع الجوال جرساً لا يتوقف عن تذكير بحالة نفسية، فالمفلسون نفسياً يبيعون أثاث بيوتهم، وحده أثاث الجسد قابل للبيع تكراراً، حتى وإن كانت البضاعة فقط بريق ألماس لرجل «يكحل عيونه» بوجبة من جسد مسجون بتشريعات متناقضة، وسبات ضمير جمعي لا أحد يوقظه، وحينها يصبح الألماس زجاجاً متعدد الكسور. تشيع ثقافة «اشحن لي» عربياً، وتتضخم في بيئات ذات مقاييس فراغ وعنوسة مرتفعة، لكنها تصبح نتاجاً متوقعاً أكثر عندما يطفح على سطح ثقافة المجتمع تأصيل فقهي يدفع نحو اعتبار خروج المرأة إلى العمل حالة ذنب. [email protected] jeddah9000@