بدا أن جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر وجدت في حكم القضاء الإداري أمس ببطلان تشكيل الجمعية التأسيسية المكلفة وضع الدستور، مخرجاً من الأزمة مع القوى الليبرالية واليسارية التي اتهمت التيار الإسلامي بالهيمنة على الجمعية، فيما أقرت اللجنة التشريعية في البرلمان مشروع قانون يحظر تولي نائب الرئيس السابق عمر سليمان أي منصب تنفيذي، رغم تحفظ الحكومة عن الخطوة. وبعد هجوم مبدئي شنه محامو «الإخوان» على الحكم القضائي الذي اعتبروه «تغوّلا من السلطة القضائية على البرلمان»، أكد رئيس مجلس الشعب القيادي «الإخواني» سعد الكتاتني الذي يتولى أيضاً رئاسة الجمعية التأسيسية «ضرورة احترام أحكام القضاء»، وأرجأ اجتماعاً كان مقرراً اليوم للجمعية. وأتبع رئيس حزب «الحرية والعدالة» المنبثق عن الجماعة محمد مرسي إعلان الكتاتني بتأكيد قاطع على أن حزبه لن يستأنف الحكم ببطلان تشكيل الجمعية التأسيسية، معتبراً أن «الحزب ليس طرفاً في هذه الخصومة». ودعا المرشح «الإخواني» للرئاسة خيرت الشاطر «جميع القوى الوطنية إلى الجلوس معاً للوصول إلى أفضل الحلول لعبور هذه الأزمة»، مؤكداً أن «مصر في حاجة إلى الجميع وإلى وضع دستور يؤسس للدولة الديموقراطية الحديثة ويمهد للنهضة المرجوة». وأكد رئيس كتلة «الحرية والعدالة» في البرلمان حسين إبراهيم أن «الحزب يحترم أحكام القضاء، وهي من ثوابته، ونحن كنا دائماً نطالب بذلك ولا يعقل أن نرفضها رغم اعتقادنا بأن الحكم صدر من غير جهة اختصاص وان الجمعية التأسيسية هي صاحبة القرار في ما يتعلق بشأنها». وتحدث عن «اجتماعات مستمرة لبحث تداعيات هذا الحكم». وكشفت ل «الحياة» مصادر قيادية في «الإخوان» أن الجماعة «تتجه إلى تنفيذ الحكم القضائي واعتبار تشكيلة الجمعية التأسيسية كأنه لم يكن، باعتبار ذلك مخرجاً للمأزق السياسي الذي تعيشه الجماعة وأزمتها مع غالبية القوى السياسية، لا سيما وأنها تسعى إلى غلق الجبهات المفتوحة في مواجهتها، وحشد الدعم خلف مرشحها للرئاسة». وعزت محكمة القضاء الإداري في مجلس الدولة حكمها أمس بوقف تشكيل الجمعية التأسيسة إلى أن «الإعلان الدستوري قصر مهمة أعضاء البرلمان بغرفتيه على اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية التي تضم مئة عضو بطريق الانتخاب، وهذا التحديد الواضح يقتضي الالتزام بالحدود المرسومة لهما من دون تداخل أو خلط». وأكدت أن «الإعلان الدستوري لم يتضمن أي نص يجيز لأعضاء البرلمان المشاركة في عضوية الجمعية التأسيسية». وأشارت المحكمة إلى أنه «لو كان هناك اتجاه لذلك لنُص على ذلك صراحة، بل انه لم يُسمح للسلطة التنفيذية أو التشريعية بالتعقيب على ما انتهت إليه الجمعية التأسيسية في هذا الشأن، ليكون مصير مشروع الدستور لرأي الشعب في الاستفتاء عليه». إلى ذلك، أقرت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في البرلمان أمس مشروع قانون يقضي بمنع أقطاب النظام السابق من الترشح في انتخابات الرئاسة بعد أن أدخلت تعديلاً جوهرياً على الاقتراح الذي قدمه النائب عصام سلطان نص على أنه «لا يجوز لمن عمل خلال السنوات العشر السابقة على 11 شباط (فبراير) 2011 في أي وظيفة قيادية في مؤسسة رئاسة الجمهورية أو الحزب الوطني الديموقراطي المنحل أن يتولى منصب رئيس الجمهورية أو نائبه أو رئيس الوزراء لمدة عشر سنوات». لكن الحكومة أبدت تحفظاً عن مشروع القانون. وقال وزير العدل عادل عبدالحميد إن «الشعب وحده هو مصدر السلطات ولا بد من أن نحترم الدستور والقانون». وتساءل: «لماذا التقدم بهذا الاقتراح في هذا الوقت إثر تقدم أشخاص بعينهم لمنصب رئاسة الجمهورية، وهل المقصود حرمان أشخاص بعينهم من الترشح؟... لا بد من الإجابة بغير لبس». ومن المقرر أن تحدد رئاسة البرلمان موعداً للتصويت على مشروع القانون. لكن حتى إذا تم إقراره، يلزم لتطبيقه تصديق المجلس العسكري الذي يمارس صلاحيات الرئيس خلال 30 يوماً، وإذا رفضه الجيش يعود مرة أخرى إلى البرلمان لإعادة مناقشته، ما يلقي الكرة في ملعب المجلس العسكري الذي استنفر أمس للنأي بنفسه عن الجدل في شأن هذا القانون. من جهة أخرى، يفصل اليوم القضاء الإداري في دعوى المرشح السلفي للرئاسة حازم صلاح أبو إسماعيل ضد وزارة الداخلية بسبب إعلانها أن والدته تحمل الجنسية الأميركية، كما يبت اليوم أيضاً في أحقية خيرت الشاطر في خوض الانتخابات استناداً إلى عفو أصدره المجلس العسكري وأسقط عقوبة بالسجن أصدرتها محكمة عسكرية عليه في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.