ضمّنت الجامعة الأميركية في القاهرة «مكتبة الكتب النادرة والمجموعات الخاصة» فيها، قسماً رقمياً كي يضع هذا الإرث الثمين في هيئة ملفات إلكترونية، ما يزيد في صونها من التلف والضياع. إذ شكّل الحريق الأخير الذي طاول مبنى «المجمع العلمي المصري» في وسط القاهرة ومحتوياته، جرس إنذار للتذكير بأهمية الحفاظ على الكتب والمخطوطات النادرة. ولذا، من المقرر أن يعمل هذا القسم الرقمي على حماية ما تملكه الجامعة الأميركية، التي لا تبعد كثيراً عن مبنى «المجمّع العلمي»، من الكتب النادرة، والصور التاريخية، والمخطوطات المعمارية والخرائط ووثائق التاريخ الشفهي، عبر إنشاء نسخ رقمية من هذه المقتنيات الفريدة. وقررت الجامعة جعل هذا القسم الرقمي مفتوحاً على شبكة الإنترنت. وإضافة إلى رقمنة المقتنيات التاريخية، يعمل القسم أيضاً على رقمنة مساهمات معاصرة، مثل مشروع «الجامعة في الميدان: توثيق ثورة مصر في القرن الحادي والعشرين». صورة واسعة عن ثورة معاصرة في هذا الصدد، أوضحت كارولين رنيون وهي أمينة أرشيف المجموعات الرقمية في المكتبة، انه «قبل إنشاء المكتبات الرقمية، كان على الباحثين زيارة مكتبات المجموعات الخاصة لساعات محدودة، ولم يكن بإمكانهم التحقق من المواد اللازمة في شكل أعمق في منازلهم. وفي المقابل، تسمح مشروعات الرقمنة في هذا القسم، للباحثين للوصول إلى المقتنيات النادرة للجامعة الأميركية، في أي وقت وبغض النظر عن أمكنة عملهم جغرافياً». وتعاون أمناء الأرشيف ومكتبات الجامعة مع اختصاصيّ تكنولوجيا المعلومات لإنشاء هذا القسم الرقمي. إذ تُمكّن المجموعات الرقمية، كما تقول رنيون، من هم خارج البلاد من الوصول إلى المواد النادرة، إضافة إلى أن كثيراً من هذه الكتب والبحوث والمخطوطات، هي في حال حساسة للغاية بحيث لا تتحمل الاستخدام اليدوي. في هذا السياق، يحافظ الأرشيف الإلكتروني على هذه المواد الحساسة، ويوفر بدائل رقمية في حال وقوع كارثة. ويعتبر «مشروع الجامعة في الميدان»، بحسب رنيون أيضاً، أحد المقتنيات المميّزة للمكتبة الرقمية. «لقد أثرى طلاب الجامعة الأميركية في القاهرة، وخريجوها وأعضاء هيئة التدريس فيها، الحياة المصرية سياسياً واجتماعياً، عبر مجموعة من الأعمال الفنية والصور والفيديوات والحكايات الشفهية عن ثورة 25 يناير. حتى الآن، جمع مشروع «الجامعة في الميدان» أكثر من 4 آلاف صورة و300 شريط فيديو. كما أجرى المؤرخون الشفاهيون في «مركز بحوث التاريخ الاقتصادي والتجاري»، ما يزيد على 50 مقابلة مع أكاديميين وطلاب وناشطين سياسيين، سعياً منهم لصوغ صورة واسعة عن «ثورة 25 يناير»، تقول رنيون. وإضافة إلى مشروع «الجامعة في الميدان»، أطلقت الجامعة نفسها مشروع «توثيق الرسومات الهندسية للفنان رمسيس ويصا واصف»، وهو أحد أبرز المهندسين المعماريين في مصر في القرن العشرين. وسيصبح إرثه جزءاً من القسم الرقمي في «مكتبة الكتب النادرة والمجموعات الخاصة». وجاء إطلاق هذا المشروع كجزء من الجهود الرامية لرقمنة أكثر من 800 رسم ومخطوط معماري صممها واصف بين عامي 1935 و1972. وأوضحت رنيون أن القسم الرقمي يعمل كمشروع مستمر، بحكم وجود كمية هائلة من المواد التي يتوجّب رقمنتها. ويعمل هذا القسم جنباً إلى جنب «دار»، وهو مشروع شراكة بين «مكتبة الكتب النادرة والمجموعات الخاصة» و «تقنيات الحوسبة الأكاديمية» في الجامعة الأميركية. وتأسّست «دار» في 2009 كمساحة لتخزين أطروحات خريجي الجامعة الأميركية في القاهرة. وحاضراً، تحتوي «دار» مطبوعات وأطروحات للطلبة وبحوثاً لهيئة التدريس، إضافة إلى سجلات إدارية ومطبوعات لمكاتب الجامعة وأقسامها.