ولد مكبلاً بالإعاقة، فعاش سنوات صباه منكسراً حزيناً لا يقوى على الحركة أو اللهو مع الأطفال الآخرين. مع مرور السنوات تحول الحزن إلى بكاء حار، فتكالبت عليه الهموم وأوجعته نظرات الآخرين. ويقول أحمد: «أبلغ من العمر 33 عاماً، وأسكن مع والدتي المريضة وأشقائي في هذا المنزل بالإيجار، ولولا الله ثم شهامة صاحب المنزل لكنا في الشارع الآن». ويضيف: «يقوم أشقائي بمساعدتي في الأشياء البسيطة، مثل الأكل والشرب واللبس، أما الأشياء الخاصة كدخول الحمام وما شابه ذلك فليس لي سوى والدتي التي تبلغ من العمر نحو 60 سنة»، لافتاً إلى أن والدته تعاني أمراضاً عدة، ومع ذلك يعتمد عليها. ولا يخفي الشاب المحطم أنه مرت به سنوات ظل منعزلاً عن الآخرين، «كنت أرى نفسي أقل من أقراني، فهم يلهون ويلعبون كما يحلو لهم، بينما أبقى في غرفتي وحيداً لا حول لي ولا قوة، كنت أبكي من القهر والعجز، وذلك الشعور مهما تحدثت عنه لا يمكن لأحد أن يشعر به ما لم يجربه»، مشيراً إلى أنه ربما كانت تلك الأيام هي الوقود الذي دفعه إلى الأمام فيما بعد. ويوضح: «فجأة وجدت أنه لا بد أن أكمل تعليمي وأقاتل لأعوض ما أنا عليه، وفعلاً درست وجاهدت حتى حصلت على شهادة الثانوية العامة، وكان لأسرتي الدور الأكبر بعد توفيق الله فيما وصلت إليه»، مؤكداً أن هذه الخطوة تظل ناقصة إن لم يستطع الحصول على وظيفة تناسبه. ما يؤرق الشاب أحمد أنه يعتبر نفسه عالة على أسرته، ولذا فقد حث الخطى للبحث عن وظيفة تسد رمقه وتساعد أسرته على ظروف الحياة القاسية، وتؤهله للزواج من الخارج بعد أن تقدم لخطبة أكثر من فتاة ورفضته، ولكنه لم يجد مصدر رزق حتى الآن، «لا أعلم ماذا أفعل، فقد تقدمت إلى أعمال كثيرة ووظائف تناسب شهادتي التي حصلت عليها، ولم تقنعني المبررات التي أسمعها عن سبب عدم توظيفي»، مطالباً الجهات الحكومية في وادي الدواسر مساعدته والعمل على توظيفه بما يتناسب مع إعاقته، خصوصاً أن مساعدة الضمان لا تكفي لمصاريفه، فما بالك بشاب يريد رد الدين لوالدته وأشقائه المحتاجين. ويبقى الأمر المؤرق لجميع أفراد الأسرة هو منزل يؤويهم ويحتضنهم، ويهدئ من أنفسهم القلقة التي يتراءى لها التشرد في كل لحظة، «رضيت بقدر الله وأشعر بالسكينة بعد سنوات من الضياع والأسى، ولا ينغص هذا الشعور الإيجابي الذي يتملكني سوى أن أتزوج وأرى والدتي وأشقائي تغمرهم السعادة ولا أعتقد أن ذلك سيحصل إلا إذا حصلنا على منزل، وهذه هي أمنيتي التي أدعو الله ليل نهار أن يسخر لي من فاعلي الخير من يحققها لنا».