تستيقظ باكراً وتخرج من منزلها. لا تفكر في شيء حينها سوى أن تجد سيارة أجرة تقف لها سريعاً. تدفع عربة والدتها المسنة وتتأكد من سلامة الطريق الذي لا يخلو من الحفر والمستنقعات المائية. تجوب أم وليد وهي في العقد الرابع من عمرها لتطلب من المحسنين إخراجها من سلسة الانتقال من منزل مستأجر إلى آخر لعلها تهرب بأولادها الذكور إلى أحياء آمنة لا ينتشر فيها المتسولون ومتعاطو المخدرات ومن لهم سوابق في الجريمة والسرقات. تتحدث أم وليد بأسى: «بعد طلاقي من زوجي منذ سنوات وتخليه عن أسرته أصدرت المحكمة صك إعالة لمصلحتي كي أكون مسؤولة عن أبنائي الأربعة والتكفل بمصروفاتهم كاملة والنفقة عليهم، خصوصاً بعد أن تأكدت المحكمة أن زوجي يتناول الكحول بصورة مفرطة»، مؤكدة أنها لا تستطيع ترك أبنائها مع والدهم لو للحظة واحدة، «لم يبق لي في الدنيا سواهم كي أتعهد تربيتهم التربية الصالحة وينشأوا في بيئة سوية». وتضيف: «بادر أحد المحسنين إلى مساعدتنا، فقد أخرجنا في شكل موقت من منزلنا المستأجر الكائن في حي اليمامة إلى جنوبالرياض حتى أجد جهة تؤويني وأولادي». وتوضح: «انهكتني سيارات الأجرة، فأنا أصرف في بعض الأيام 100 ريال على إيجارها من أجل قضاء مواعيد والدتي في المستشفيات»، لافتة إلى أن والدتها مصابة بأمراض مزمنة إضافة إلى مرض السكر والخرف المبكر وتكاليف الأدوية تفوق قدرتها. لم تتوقف مصائب أم وليد عند هذا الحد، فقد أصيب والدتها أيضاً بمرض القلب، ما اضطرها إلى شراء جهاز لتنظيم ضربات القلب، «لقد أصابني الاكتئاب من هذا الوضع، ولا أعلم هل أهتم بوالدتي أم بأبنائي ولقمة عيشهم التي ما عدت قادرة على توفيرها». لجأت أم وليد إلى الجمعيات الخيرية وطرقت أبوابها التي أوصدت في وجهها منذ عامين وانقطعت الإعانات العينية والمالية وبطاقات الشراء المسبوقة الدفع نتيجة قلة الموارد والمتبرعين والصدقات في الجمعيات خلال السنوات الأخيرة، على حد قولهم، ولم تجد المرأة من حل سوى البدء في رحلة البحث عن وظيفة في أي جهة، سواء حكومية أم خاصة، «أرضى بأن أعمل مستخدمة أو فراشة في مدرسة ولكن عدم وجود عمل جعلني اطلب الناس المساعدة، فقد عملت بائعة في مدرسة براتب 200 ريال فقط ولكن حجم المجهود وتركي أبنائي طوال اليوم حال من دون استمراري، خصوصاً أن المبلغ لا يكفينا حتى لمصاريف الأكل والشرب والملابس». ولا تجد أم وليد وأبنائها سوى إعانة الضمان الاجتماعي فقط، فهو الدخل الوحيد المتوفر لهم، «لا يكفي هذا المبلغ لسداد إيجار المنزل ومصروفات المدارس»، مشيرة إلى أن بعض المعلمين يتصدقون على أبنائها بقيمة الإفطار في المدرسة، «أخاف أن يؤثر ذلك في شخصيتهم وسعادتهم وبالتالي على مستقبلهم».