ولد مكبلاً بالإعاقة، فعاش سنوات صباه منكسراً حزيناً لا يقوى على ملاعبة أقرانه، وشيئاً فشيئاً ومع مضي السنوات تحول الحزن إلى بكاء حار، فتكالبت عليه الهموم وقهره العجز وأوجعته نظرات الآخرين. لم يتمالك الشاب فرج الدوسري نفسه، فأجهش بالبكاء فور زيارة «الحياة» لمنزله، وبعد دقائق معدودة صمت قليلاً ثم بدأ بسرد معاناته: «أبلغ من العمر 31 عاماً، وأسكن مع والدتي المريضة وأشقائي في هذا المنزل بالإيجار، ولولا الله ثم شهامة صاحب المنزل، لكنا الآن مشردين في الشارع»، موضحاً: «تركَنا والدي نصارع العوز، وذهب ليعيش مع زوجته الأخرى». ويضيف: «يقوم أشقائي بمساعدتي في الأشياء البسيطة مثل الأكل والشرب واللبس، أما الأشياء الخاصة كدخول الحمام وما شابه ذلك، فليس لي سوى والدتي التي تبلغ من العمر نحو 80 عاماً» لافتاً إلى أن والدته تعاني من مرض السكر وارتفاع ضغط الدم، وقد بترت إحدى أصابعها من مرض الغر غرينا في مستشفى وادي الدواسر. ولا يخفي فرج أنه حاول الانتحار جراء الحالة النفسية التي يقاسيها بسبب الإعاقة والعجز، «كنت حينها أبلغ من العمر ثمانية أعوام، والحمد لله لم تنجح المحاولة ولكنها لحظات شيطانية وصلت لها بعد أن تأكدت أنني أقل من غيري، فعلاوة على الإعاقة، أطرافي مشوهة وحالتي رثة وفي كل شيء أحتاج إلى الآخرين، وهذا بحد ذاته يجعلك تتعرض لشتى أنواع الأمراض النفسية»، مؤكداً بأن أحداً لن يبلغ به الخيال أن يتصور الوضع الذي يعيشه المعاق، خصوصاً إذا رافق ذلك فاقة وظروف أسرية سيئة. ويستدرك: «أحمد الله عز وجل على أن محاولة الانتحار باءت بالفشل، فخرجت منها أقوى من ذي قبل، فثابرت في تعليمي حتى حصلت على شهادة متواضعة ولكنها تعتبر إنجازاً لمثل من مرّ بتجربتي وقاسى مثلما قاسيت. ما يؤرق الشاب فرج أنه يعتبر نفسه عالة على أسرته، ولذا فقد حث الخطى للبحث عن وظيفة تسد رمقه وتساعد أسرته على ظروف الحياة القاسية، وتؤهله للزواج من الخارج بعد أن تقدم لخطبة أكثر من فتاة ورفضته، ولكنه لم يجد مصدر رزق حتى الآن، «لا أعلم ماذا أفعل، فقد تقدمت إلى أعمال كثيرة ووظائف تناسب شهادتي التي حصلت عليها، ولم تقنعني المبررات التي أسمعها عن سبب عدم توظيفي»، مطالباً الجهات الحكومية في وادي الدواسر بمساعدته، والعمل على توظيفه بما يتناسب مع إعاقته، خصوصاً أن مساعدة الضمان لا تكفي لمصاريفه، فما بالك بشاب يريد رد الدين لوالدته وأشقائه المحتاجين. ويبقى الأمر المؤرق لجميع أفراد الأسرة هو منزل يؤويهم ويحتضنهم، ويهدئ من أنفسهم القلقة التي يلوح لها التشرد في كل لحظة. ويناشد فرج وأسرته أولياء الأمور العمل على شراء منزل لهم، «رضيت بقدر الله وأشعر بالسكينة بعد سنوات من الضياع والأسى، ولا ينغص هذا الشعور الإيجابي الذي يتملكني سوى أن أتزوج وأرى والدتي وأشقائي تغمرهم السعادة، ولا أعتقد أن ذلك سيحصل إلا إن حصلنا على منزل، وهذه هي أمنيتي التي أدعو الله ليل نهار أن يسخر لي من المسؤولين أو فاعلي الخير من يحققها لنا».