ترجل بطل الدوري الهلال عن ملاحقة المتصدرين لدوري زين هذا الموسم باكراً جداً وقبل الختام بخمس جولات، في سابقة غريبة تحدث لبطل اعتاد أن يقاتل على البطولات كافة، ويخطف نصفها بشكل سنوي، ووجه الغرابة يكمن أنه كان في الموسمين الماضيين يتنزه في هذه الجولات بالذات، ويضغط منافسيه نفسياً عندما يمضي قدماً غير آبه بملاحقتهم له، وموسعاً الفارق إلى مدى يصعب مهمتهم ويحبط معنوياتهم فيتعبون، وهو قرير العين والبال. هلال هذا العام مختلف عما مضى، والسبب الرئيسي أنه يمر بنقطة تصحيحية منطقية سيتعطل مروره بها هذا الموسم، لا سيما في الدوري ذي النفس الطويل لسببين واضحين، أولهما الدلال الزائد من جمهوره العاشق المتيم، وبعض الإعلام المتعصب الذي أسبغ النعوت على اللاعبين وتجاوز عن هفواتهم وعدم تقدير بعضهم لمسؤولية ارتداء شعار الهلال، حتى كانت النتيجة ما تجلى من استهتار ولا مبالاة في مباراة الرائد التي بسببها فرط الهلاليين في المنافسة مع سبق الإصرار، كأنهم اكتفوا بالكأس، وقبل ذلك بأسبوع كانوا يبدأون أولى خطواتهم في آسيا متعثرين بالتعادل على أرضهم مع «بطاقة حمراء». أما السبب الآخر وهو الأهم في تعطل مسيرة الهلال هذا الموسم، فهو ضياع هوية الفريق بين القيمتين الاستثمارية والفنية، وهذه يعود الفضل فيها لإدارة النادي التي فضلت الاستثمار وجني الأرباح على حساب هيبة الفريق الأدائية التي أضاعها التعاقدات مع لاعبين لغاية واحدة ولا غيرها، وهي تسويقهم مستقبلاً وجني أرباح تعويضية عما تم صرفه من مبالغ مالية على الفريق، فقد نجحت التجربة مع تياغو نيفيز عندما تم بيع عقده بمبلغ مغرٍ كانت إدارة الفريق تتفاخر به في كل آن وتعزوه لقدرتها التسويقية وذكائها الحاد، على رغم أن البيع كان بسبب عدم رغبة اللاعب نفسه في البقاء، وهو ما استغلته الإدارة في الضغط لإملاء شروطها في الإعارة أو البيع الكامل، فإدارة الهلال «استحلت العملية» فتعاقدت مع المغربي العربي والكوري يو، وكان السبب المعلن الذي تردد كثيراً هو صغر سنهما وإمكان استثمار عقديهما، وكانت النتيجة أن الاثنين خيبا التوقعات ولم يقدما ما يشفع لهما في إحداث أية إضافة فنية، وكانا في غالبية المباريات عالة على الفريق، ما يؤكد أن الرغبة في التكسب كانت هي الأقوى، ولا يعلم كيف سيتم تسويقهما خارجياً وهما لم يقنعا أحداً داخلياً، لكني أعجب من ثقة أحدهما في نفسه وهو يقول إنه يريد اللعب في أوروبا ولن يدفن نفسه في الدوري السعودي، وربما هذه الثقة هي ما تنقص لاعبينا ليحترفوا في الخارج، أما الكاميروني إيمانا فهو فشل مضاعف مالياً وكروياً. الزعيم ممنوع بقرار إداري من المرور لبطولاته المعتادة حتى يتغير الفكر الاستثماري الذي طغى على صفقات اللاعبين، فلا يعني الجماهير سن اللاعب وكم سيجني النادي من وراء استثماره، بل ما يسطره من إبداع غايته زيادة رصيد الفريق من البطولات، فهذا ما تريده الجماهير من الإدارات كافة، ومن لا يعجبه ذلك فليقم له مؤسسة للاستثمار بعيداً عن الهلال. [email protected] @qmonira