تظاهر آلاف السوريين في دمشق ومحيطها ودرعا وحلب ودير الزور وإدلب أمس احتجاجا على استمرار الحملة الأمنية في البلاد. وجاءت التظاهرات رغم الإنتشار الأمني الكثيف، خاصة في أحياء العاصمة، وتزامنت مع إغلاق كبير للمتاجر والمحال تنفيذا لدعوة المعارضة ب»العصيان المدني». وبعد قصف بالمدفعية لأكثر من أسبوعين، حذر ناشطون أمس من عملية ضد حي بابا عمرو في حمص «تحرق الأخضر واليابس»، وذلك أثر تقارير متطابقة عن تحرك دبابات ومدرعات وناقلات جند وشاحنات على الطريق الدولية من دمشق في مسعى من الجيش النظامي لإنهاء كل مظاهر الاحتجاجات في حمص، وتحركات مماثلة حول رنكوس قرب دمشق، عند كما قال ناشطون. وبعد يوم من خروج أكبر تظاهرات في دمشق، شهد امس العديد من أحياء العاصمة تظاهرات واسعة. وقال الناطق باسم تنسيقية دمشق وريفها محمد الشامي:»هناك انتشار أمني في دمشق، وهذا ليس جديداً، ولكن الانتشار في المزة هو الكثيف. هناك حواجر اقيمت في محيط المزة لفصل المناطق بعضها عن بعض». وأضاف الشامي أن «الكثير من المحلات مغلق في برزة والقابون وجوبر وكفرسوسة، التزاماً بالإضراب العام والعصيان المدني». لكن رغم الانتشار الأمني، خرجت تظاهرات في مناطق عديدة من دمشق، من بينها حى القدم والحجر الأسود والميدان وجوبر وبرزة بحسب اتحاد تنسيقيات دمشق. وقال الناطق باسم تنسيقية المزة «ابو حذيفة المزي» إن «قوات الامن أجبرت أهل الشهيد سامر الخطيب (34 عاماً) الذي سقط برصاص الامن في تظاهرة المزة، على دفنه عند السابعة صباحاً»، في ظل انتشار امني كثيف، فيما كان التشييع مقرراً عند العاشرة والنصف. كما خرجت تظاهرات في مدينة الحراك في درعا، ودير الزور، وجسر الشغور في ادلب، والقامشلي. ورفع متظاهرون في بلدة كفرنبل في إدلب لافتات كتب عليها «الحكومة المصرية: كان الاولى بكم منع مرور السفن الحربية الايرانية بدل سحب سفيركم من دمشق». وفي حمص، تواصل القصف المتقطع للقوات النظامية على حي بابا عمرو، فيما يتعرض حي باب السباع لإطلاق نار كثيف. وابدى معارضون خشيتهم من «تكرار ما جرى في بابا عمرو مع أحياء اخرى، مثل باب السباع والخالدية والبياضة، أو القضاء على من تبقى في بابا عمرو» لاسيما بعد «التعزيزات غير المسبوقة التي أتت من دمشق». ولفت ناشطون في ريف دمشق إلى تحرك قوة عسكرية أمنية على الطريق الدولية من دمشق الى حمص، كما تحدثوا عن استقدام قوة مدرعة إلى محيط مدينة رنكوس في ريف دمشق. وأكد المرصد السوري لحقوق الانسان هذه المعلومات، موضحاً أن «25 دبابة وناقلات جند مدرعة و10 شاحنات» وصلت إلى محيط رنكوس، فيما توجهت «قافلة قوامها نحو 32 حافلة كبيرة ترافقها سيارات إسعاف وسيارات عسكرية» الى حمص. وقال احد الناشطين ان ثمة «أخبارا من ضباط في الجيش أنه سيكون هناك اقتحام دموي يحرق الأخضر واليابس في بابا عمرو، وأن هذا الاقتحام كان مقرراً قبل أمس، لكن الأحوال الجوية العاصفة حالت دونه». وقال ناشطون إن الحالة الانسانية «كارثية» في بابا عمرو، موضحين أن عشرات العائلات المشردة لا تجد ملجأ سوى المساجد، لكن مع تعرض المساجد للقصف بات ايوائهم مستعصي. كما تحدث ناشطون عن أن استمرار انقطاع المياة، دفع الكثير من سكان حمص إلى شرب مياة الامطار التي باتت تخزن في قناني فوق أسطح البيوت. وقال ناشطون إن نحو 25 شخصا قتلوا أمس في أعمال عنف في مناطق مختلفة، كما تحدثوا عن إطلاق نار كثيف وعشوائي من رشاشات ومدرعات في درعا، وتحليق مكثف للطيران في حماة. ففي إدلب، اغتيل النائب العام للمحافظة نضال غزال، والقاضي محمد زيادة، وسائقهما الشرطي عبد القادر محمد برصاص «مجهولين»، وفقاً للمرصد السوري، في حين اتهمت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) «عصابات ارهابية مسلحة» بالاغتيال «في اطار استهداف الكفاءات الوطنية». سياسيا، وفي خطوة من شأنها زيادة الضغوط على الحكومة السورية، قررت القاهرة استدعاء السفير المصري في دمشق شوقي إسماعيل وذلك في «رسالة عدم رضا» عن استمرار الحملة الامنية في البلاد، بحسب ما قال ديبلوماسيون مصريون. وكان وزير الخارجية محمد عمرو عقد اجتماعاً في مكتبه أمس مع السفير المصري في دمشق واستمع منه إلى عرض حول الأوضاع على الأرض، وأبلغه قرار الحكومة المصرية إبقاءه في القاهرة «حتى إشعار آخر». وردا على الخطوة المصرية، قامت دمشق بدورها باستدعاء سفيرها في القاهرة يوسف أحمد. في موازة ذلك، انتقدت الجزائر موقف الجامعة العربية من الأزمة السورية. وقال وزير الدولة عبد العزيز بلخادم في مقابلة اذاعية إن «الجامعة لم تعد جامعة وهي أبعد ان تكون عربية مثلما يدل اسمها. انها جامعة تطلب من مجلس الامن التدخل ضد احد اعضائها المؤسسين، أو الحلف الاطلسي لتدمير قدرات بلدان عربية». وفيما كرر وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أمس موقف بلاده من انه»لا يمكننا التدخل (في سورية) على النحو الذي فعلناه في ليبيا... لكننا سنفعل أشياء اخرى عديدة» بدون توضيحات، أكد نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف أنه يتوجب على الأمين العام للأمم المتحدة إرسال خبراء لتقويم الوضع الإنساني في سورية. وقال غاتيلوف في مدونته على موقع «تويتر» أمس إن «الوضع الإنساني في سورية يتطلب تقويماً موضوعياً... ولعله يتوجب على الأمين العام للأمم المتحدة إرسال خبراء إلى هناك».