إتمام تسعير أول صكوك دولية بملياري دولار    ضبط وافدين لمخالفتهما نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص في الرياض    السعودية للكهرباء و"أكوا باور" توقعان اتفاقية شراء الطاقة لمشروع توسعة محطة القريّة للإنتاج المستقل ب13.4 مليار ريال    بدعم قوة الطلب.. النفط صوب 77 دولاراً    بريطانيا: «التجزئة» لأعلى معدلاتها    النصر يبحث عن نقاط الاتفاق    وكيل إمارة الشرقية: يوم التأسيس مناسبة وطنية نستذكر فيها مراحل بناء وتطور وطننا الغالي    السويد تحقق في تخريب محتمل لكابل اتصالات في بحر البلطيق    الغامدي ل«عكاظ»:: يوم التأسيس تعزز فيه روح الانتماء الوطني    الأمير فيصل بن سلطان: يوم التأسيس ذكرى وطنية راسخة تعزز مكانة المملكة ودورها الريادي في العمل الخيري والسلم العالمي    اليامي ل«عكاظ»: يوم التأسيس ذكرى لتلاحم شعب وتطلع للمستقبل    خطيب المسجد الحرام: العافية أجمل لباس، وهي لذة الحياة والناس وبغية الأحياء والأموات    خطيب المسجد النبوي: رمضان مدرسة الإرادة وساحة التهذيب وهذه الإرادة تمتد لتشمل الحياة كلها    الحارثي: صفقات الأهلي بحاجة للتأقلم    الإمارات تطلب استضافة كأس آسيا    رئيس «القيادة اليمني» يُهنئ خادم الحرمين وولي العهد بذكرى يوم التأسيس    وزارة الشؤون الإسلامية تنظم ندوة علميّة تزامناً مع ذكرى يوم التأسيس    حماس: أشلاء الأسيرة الإسرائيلية اختلطت بين الأنقاض    في محاضرة عن المبادئ الراسخة لتأسيس الدولة السعودية بأدبي جازان    الشؤون الإسلامية في جازان تنهي تجهيزات الجوامع والمساجد استعدادًا لاستقبال شهر رمضان المبارك    خادم الحرمين يتلقى تهنئة القيادة القطرية بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    الذهب يتجه لتحقيق ثامن مكاسب أسبوعية وسط مخاوف الرسوم الجمركية    قادة الخليج والأردن ومصر يتوافدون لعاصمة القرار العربي    الرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة والتلفزيون يكرّم الفرق الفائزة بمعسكر الابتكار الإعلامي في المنتدى السعودي للإعلام    رياح نشطة وأتربة على عدة مناطق وأمطار خفيفة شمال المملكة    وزير الدولة للشؤون الخارجية يشارك في حفل افتتاح مؤتمر رؤساء حكومات مجموعة الكاريبية (كاريكوم)    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    زيارة "فريق الوعي الصحي التطوعي" التابع لجمعية واعي جازان لمؤسسة دار رعاية الفتيات    قرارات ترمب المتطرفة تفاقم العزلة الدولية وتشعل التهديدات الداخلية    "السهلي"تهنئ القيادة الرشيدة بمناسبة يوم التأسيس    هل رجحت كفة «المُترجَم» بالعربي؟    كبار علماء الأمة يثمنون رعاية خادم الحرمين لمؤتمر بناء الجسور بين المذاهب    احتمالية الإصابة بالسرطان قد تتحدد قبل الولادة    مُرهق عاطفياً؟ هذه الطرق تساعدك على وقف استنزاف مشاعرك    5 عادات تبدو غير ضارة.. لكنها تدمر صحتك    افتتاح نادي الطيران في الرس    مبادرة كنوز السعودية بوزارة الإعلام تطلق فيلم "ليلة الصفراء" احتفاءً بمناسبة يوم التأسيس    وطن الأمجاد    فريقا جامعتي الملك سعود والإمام عبدالرحمن يتأهلان لنهائي دوري الجامعات    ثلاثة قرون .. السعودية شامخة    علاقة وثيقة بين المواطنين والقادة    شخصيات اجتماعية ل«الرياض»: يوم التأسيس ذكرى تجسد الوحدة وتُلهم الأجيال لصنع المستقبل    عم إبراهيم علوي في ذمة الله    الديوان الملكي: وفاة الأميرة العنود بنت محمد بن عبدالعزيز آل سعود    القوات البرية والجيش الأميركي يختتمان مناورات «الصداقة 2025» بالمنطقة الشمالية    هالاند يسابق الزمن للحاق بمواجهة ليفربول    الهرمونات البديلة علاج توقف تبويض للإناث    الصداع العنقودي أشد إيلاما    حضر بلا داعي وقعد بدون فراش    «شعبنتوا» ولا لسه ؟    درس في العقلانية الواقعية    تعليم جازان يحتفي بيوم التأسيس تحت شعار يوم بدينا    القبض على إثيوبي في جازان لتهريبه (17) كجم "حشيش"    أكثر من 4 آلاف مبادرة لكفاءة الإنفاق في الجهات الحكومية    قطر تؤكد أن استقرار المنطقة والعالم مرتبط بحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية    هيئة تقويم التعليم والتدريب تعتمد 62 برنامجًا أكاديميًا    نائب أمير الرياض يرعى الحفل السنوي لجمعية كيان للأيتام    الطائف تودع الزمزمي أقدم تاجر لأدوات الخياطة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«بهجة» مكاوي سعيد «تحزم حقائبها» وتغادر بلاد المقهورين
نشر في الحياة يوم 17 - 07 - 2014

ما إن تطالع عنوان المجموعة القصصية الجديدة للكاتب المصري مكاوي سعيد حتى تمسك مفتاح قراءة حكاياتها التي تقطر بالأوجاع والأحزان، وتتهادى على مهل، صانعة جواً مقبضاً، لا يمنعك من التعاطف مع تلك الشخصيات الموزعة على أعمار شتى. وتروق لك بساطة اللغة، ويعجبك بعض الصور الموصوفة أو المرسومة بعناية، والنهايات المفارقة التي تمنحك قدراً معقولاً من الدهشة. وإضافة إلى هذه الأمور المتعلقة بالشكل، فإن عنوان المجموعة ومضمونها ربما يتماشيان مع حال الأسى والحيرة التي سيطرت على المجتمع المصري في السنوات الأخيرة جراء محاولة إجهاض ثورة يناير وحرفها عن مسارها، وهي الأجواء التي أبدع فيها الكاتب مجموعته عبر سنتين من الكتابة.
في «البهجة تحزم حقائبها» (دار نون) لا يكتب مكاوي سعيد عن عالم لا يعرفه، بل يلتقط ببراعة تفاصيل حياة عايشها وكابدها وتأملها بروية، وسحب شخوصها وطقوسها على الورق لينسج منها حكاياته.
تشمل المجموعة إحدى عشرة قصة، أولاها أخذت عنوان «ثلاثة أشكال لأبي»، وفيها طفل ضعيف يواجه غشم أب متجبّر، ويتحايل على الإفلات من العقاب غير المستحقّ وترويض الخوف الذي ينتابه على الدوام.
والقصة الثانية «أحياناً تعاودنا الدهشة» تسرد حكاية من تلك التي تجري في وسط القاهرة حيث شاب لا مهنة له سوى مراقبة أحوال غريبة قد يكون عليها المشاهير في مطاعم فخمة ليتلقط لهم صوراً ويضعها على صفحتيه على «فايسبوك»، و«تويتر»، وبالتالي يتحول إلى مصدر لتهديدهم، فيكرهونه ويتحاشونه، إلا أنهم لا يلبثوا أن يتعاطفوا معه في النهاية حين يخذله أصدقاؤه ولا يأتون للاحتفال معه بعيد ميلاده في المطعم، فيصبح ضحاياه جميعاً أصحابه.
والقصة الثالثة «لم يحدث مطلقاً» تحكي عن شاب لديه جوع جارف إلى أن يعيش حالة حب مع فتاة في مثل سنه، فيكابد من أجل هذا ويتعثر ويواجه الخيبات المتلاحقة.
والقصة الرابعة «المتحول» تحكي عن شخص مضطرب عقلياً يعتقد أن كائناً خرافياً هو الذي سرق لوحة «زهرة الخشخاش» من أحد متاحف القاهرة، وهي حكاية حقيقية شغلت مصر قبل ثورة يناير.
وتحكي القصة الخامسة «الهابطون من السماء» عن صبي صغير يتسبب من دون قصد في وفاة طفل آخر، فيحلّ الجفاء بين أسرتين جارتين وتظل أصابع الاتهام تتجه إليه رغم براءته، فيتباعد أصدقاؤه عنه وكذلك زملاؤه في المدرسة لتشاؤمهم منه.
والقصة السادسة «لا أحد يقدر على قهرها» عن فنانة تشكيلية بوهيمية تسعى إلى التحقق وتخشى من رفض المجتمع للصورة العارية التي ترسمها ولا تجد نفسها إلا حين تطلب منها أم شهيد أن تعيد رسم صورة ابنها على جدار في «شارع محمد محمود» الذي ارتبط بحركة الغرافيتي النابتة من رحم ثورة يناير.
أما القصة السابعة التي تأخذ عنوان المجموعة «البهجة تحزم حقائبها» فتتحدث عن طفلين متحابين جمعتهما المدرسة وفرقتهما فتاة، إذ إن الانطوائي الثري ظفر في النهاية بحبيبة البسيط، فسافر معها إلى أميركا وترك للآخر الألم والوحدة.
والثامنة التي أخذت عنوان بطلتها «صابرين» فتتحدث عن واحدة من بنات الشوارع وجدت نفسها في ميدان التحرير وعلى أطرافه وقت الموجة الأولى للثورة، فمارست حضورها الإنساني وسط أبناء الطبقتين الوسطى والعليا في لحظة تحقّق لم تخطر لها على بال.
والقصة التاسعة وهي أكثر القصص تكثيفاً وشاعرية ونزعة للتفلسف عنوانها «الزيارة»، تحكي كيف يرى وليد للتو الدنيا التي حوله وتلك التي عاشها في شهر فقط قبل أن يغادر إلى السكون الأبدي، ساخراً من الأحياء.
والعاشرة «آخر لياليّ الصيفية» عن قصة حب عابرة بين طفل وممرضة. والأخيرة عنوانها «لم تترك خلفه وروداً» تحكي عن مراهقين ترابطا بقوة، فأحدهما يسرّي عن الآخر قصص حبه الفاشلة، والثاني يقف إلى جانب صاحبه في موت أبيه، وينتهي الأمر بموت العاشق الذي يروق له دوماً اصطياد الفتيات المفجوعات في الحب من على كورنيش النيل.
يغلب على هذه القصص الحس الإنساني للراوي، الذي يبدو في معظمها «بطلاً إشكالياً» يحكي بضمير الغائب، كراوٍ عليم، وأحياناً بضمير «الأنا»، من دون أن يفقد في الأحوال كافة هذه السمة. فهو يدخلنا دوماً في قصص فرعية لتتوالد الحكايات، ما يفقد بعض القصص التكثيف المطلوب أو البؤرة المركزية التي تدور حولها الحكاية، ويجعل مقتضيات الرواية تسيطر بعضها على بعض. ومنها بالفعل قصص كان من الممكن أن تمتد إلى روايات كاملة، وأخرى كان من الممكن أن تكون بورتريهات لشخصيات من الحياة، وهي طريقة اعتادها الكاتب في عملَيه «مقتنيات وسط البلد»، و«أحوال العباد».
وعلى تميّزها لا تبدو هذه المجموعة، وهي السادسة في مسيرة كاتبها، سواء في شكلها أو مضمونها، مختلفة عن كثير من أعماله، فهي إن كانت تضيف رصيداً جديداً من الشخصيات إلى العالم الواقعي الذي يستلهم منه قصصه، وترسم جزءاً من الجدارية التي يصنعها على مهل لحياة وسط القاهرة في ربع قرن على الأقل، بشخوصها وأماكنها وتفاعلاتها البشرية، فإنها لا تحمل أي مغايرة تجعلنا نقول إن الكاتب يجرب أشكالاً جديدة أو يبتكر أسلوباً آخر عن ذلك الذي انتهجه في أعماله السابقة، بخاصة روايته البديعة «تغريدة البجعة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.