هيمنت الثورات العربية على نقاش المثقفين في الجلسات الخاصة، على هامش المهرجان الوطني للتراث والثقافة الذي انتهت فعاليته الثقافي يوم الثلثاء الماضي. مواضيع عدة انبثقت من الثورات العربية مثل استلام الإسلاميين للحكم في أكثر من بلد عربي، متسائلين حول ما إذا كان ذلك مثيراً للتخوف وإعادة النظر في نتائج هذه الثورات، أم القبول بالانتخاب، ومنح التيارات الإسلامية فرصة للحكم، بعد عقود طويل من الاستبداد بالكرسي. وقال مثقفون ل «الحياة» إن الخطورة ليس في صعود هذا التيار أو ذلك، إنما في أن تقفز قوى سياسية لها أجندات خاصة على مواقع صنع القرار وتتفرد به. وأوضح مدير إذاعة صوت الكرك الدكتور حسين محادين أن صعود الإسلاميين للسلطة له ما يبرره. وقال إن هذه الجماعات «تنادي بتطبيق الحق في مجتمعات معظمها مسلمة ومتدينة، وترى أن مثل هذه المجتمعات تتوق إلى العدالة وان الجماعات الإسلامية هي وحدها القادرة على تحقيق ذلك». ويضيف محادين ل «الحياة» أن الجماعات الإسلامية لم تأخذ حظها في العمل السياسي من قبل، وكانت قديماً محاربة ومنبوذة بشدة واكسبها التعاطف أن وصول الإسلاميين للحكم جاء بالديموقراطية، وأسقطت بسببها ديكتاتوريات عريقة»، مؤكداً أن هذه الثورات «تعد متغيراً تاريخياً في حياة الأمة، ستترتب عليه تحولات مهمة وشاملة بعد ركود وتخلف وفساد استمرت عقوداً، هي ثورات من نوع جديد في هذه الدول، شبابية سلمية وضعت حداً للاستبداد وفتحت أبواباً واسعة للديموقراطية». وأشار إن هناك مخاوف من ألا يتحقق الإجماع بين القوى الاجتماعية والسياسية المختلفة، «التي ساهمت في إسقاط النظام في مصر وتونس وتوشك أن تسقطه في اليمن، أي ألا تتفق على مواصفات النظام الجديد التي تحاول إقامته، والذي قد يفسح المجال للثورة المضادة في استغلال هذه الاختلافات والفرقة، لتعطيل تحقيق الأهداف العامة للثورة في النظام الجديد». وقال محادين إن المستقبل «بالتأكيد ليس سهلاً والشعوب ستواجه العقبات في الطريق، لكنها ستتغلب عليها وتستطيع صنع مستقبلها». فيما أشار الكاتب في الشؤون السياسية محمد سلام إلى أنه يتفهم أن ديموقراطية الثورات العربية جاءت بالإخوان المسلمين إلى الحكم. وقال: «عندما تكون هناك انتخابات لن أقف ضد الديموقراطية التي أوصلتهم، فقد ينجحون أو قد يفشلون وان الأمور تسير بشكل طبيعي والتاريخ مستمر، فالانتقال من الديكتاتوريات إلى الإسلاميين لا يعد تأخراً أبداً». وبين سلام أن تفشي الفساد في دول مثل مصر وتونس وليبيا «جاء بالإسلاميين إلى الحكم، كما جاء بقبول فكرة أن تجربة الدول حكم الإسلاميين، عوضاً عن أنظمة فاسدة ولعل ما أرسته الثورة هو تداول السلطة عبر بطاقة الانتخاب، وهذا مكسب إذا أردنا أن تستعيد الدول العربية دورها في المجتمع الدولي». من جهته، أشار رئيس جمعية عكار الخيرية ناجي علوش إلى أن المتابع لتطورات أحداث المنطقة العربية»، فيما أطلق عليه ثورات الربيع العربي وتداعياتها على الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، ربما لن يخطئ في أن يطلق على هذه المرحلة وصف ربيع الأخوان المسلمين، بدلاً من وصف الربيع العربي ومنها خروج الأخوان المسلمين إلى الشارع من بداية الثروات العربية». وأوضح علوش أن الخوف والخطورة، فيما تفرزه انتخابات ما بعد الربيع الثوري، «لا يتمثل في سيطرة هذا التيار أو ذاك التوجه على مقاعد البرلمان هنا أو هناك، بقدر ما تتمثل الخطورة القصوى في أن يتسلق على دماء وأرواح الشهداء وأنات الجرحى والمعاقين قوى سياسية أو فكرية، تختزل الثورة الجماهيرية في ذاتها وحدها وتمارس نفس الفعل السلطوي المخزي السابق في تعاملها مع الواقع السياسي والفكري والاجتماعي الجديد للناس، فيعود القهر والكبت والظلم من جديد».