مع أرتفاع أعمال العنف في سورية ورفض الحكومة في دمشق مبادرة الجامعة العربية لإرسال قوات حفظ سلام تحت مظلة مجلس الأمن، ترى واشنطن أن نافذة التفاوض والوصول إلى تسوية بين النظام ومعارضيه «تتلاشى سريعاً»، وأن الظروف ستحتم دوراً أكبر للجهود الدولية والإقليمية للخروج بحلول «قادرة على وقف القتل» والدخول في المرحلة الانتقالية. وتعكس أجواء الإدارة الأميركية والأوساط المتابعة للأزمة في سورية أن أحداث الأسابيع الأخيرة سددت ضربات شبه قاضية للحل التفاوضي ولإيجاد تسوية بين السلطات السورية ومعارضيها، وبعد الفيتو ضد ما يسميه مسؤولون أميركيون «الفرصة الأخيرة للتسوية» في مبادرة الجامعة العربية وخريطة الطريق لتنحي الرئيس السوري بشار الأسد بعد نقله السلطة لنائبه فاروق الشرع. وفيما لم تتفاجأ واشنطن بوتيرة العنف وذهاب الأمور نحو حرب أهلية بعد فشل جهود مجلس الأمن، فهي تبحث عن حلول «فاعلة وعملية» اليوم لتسريع وتيرة الحل وتفادي انعكاسات إقليمية تهدد أمن واستقرار المنطقة. ويأتي التنسيق التركي - الأميركي كركيزة للبحث بالخيارات المقبلة والتحضير لمؤتمر «مجموعة أصدقاء سورية» إلى جانب التنسيق وإيجاد القنوات الدولية لإرسال المساعدات الإنسانية للشعب السوري وتوفير دعم سياسي للمعارضة. أما في ما يتعلق باقتراح الجامعة العربية لإرسال قوات حفظ سلام إلى سورية، فتبدي الإدارة الأميركية انفتاحاً على الفكرة إنما تتطلع أيضاً إلى أفكار عملية و «قادرة على وقف القتل». وفي هذا الإطار بدأ الخبراء في واشنطن بالحديث عن السبل العسكرية المتوافرة، ورأى الخبير الدفاعي في معهد بروكينغز مايكل أوهانلون أنها تنحصر في ثلاثة خيارات. الأول يكون بفرض حصار بحري وضربات جوية محدودة لزيادة عزلة النظام وتقويضه اقتصادياً وعسكرياً. أما الثاني فهو في إعادة سيناريو «كوسوفو» في 1999 من خلال تسديد ضربات جوية وفرض حظر جوي لشل قدرات النظام. وثالثاً يطرح أوهانلون خيار إمكانية إقامة مناطق عازلة لحماية المدنيين وتوفير غطاء بري للمعارضة، وسيعتمد هكذا خيار بشكل كبير على الجانبين التركي والأردني بسبب حدودهما الطويلة مع سورية. وتبدي واشنطن ثقة بحتمية انهيار النظام السوري وترى أن الخيارات «القاتمة» أمام الأسد، وتعزو الأمر لفقدانه شرعيته داخلياً والكلفة الاقتصادية الباهظة للأزمة. غير أن سرعة الانزلاق إلى حرب أهلية وتداعيات ذلك على الاستقرار الإقليمي، يدفع الإدارة الأميركية إلى تكثيف جهودها الدولية واستعجال إيجاد حل يحمي المدنيين ويباشر بالمرحلة الانتقالية.