يحتفظ المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح بوسطيته حتى في «مواقف الخصومة». فالقيادي الإخواني السابق الذي قضى عقوداً في «مطبخ الجماعة» وأمضى سنوات في السجن لا يستشعر أي نوع من «العداوة أو الصراع» في قرار مكتب الإرشاد حجب أصوات الإخوان عنه. وهو واثق من أنه سيحصل عليها لأن «هناك فرقاً بين الموقف السياسي المؤسسي والتصويت». ويشخّص الطبيب المشهور، في حوار مع «الحياة» ضمن سلسلة حوارات مع المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية، الحال المصرية الآن بأنها «حال من المخاض لبناء الجمهورية الثانية» التي لا تمثل «الدعوات الصارخة أو المتزايدة في ثوريتها» الحال العامة فيها. ويعتبر أبو الفتوح أن مطالب الثورة لم تتحقق كلها، لكنه أيضاً يرفض القول بأن شيئاً لم يتحقق، ولذلك يفضل أن يكون 25 كانون الثاني (يناير) المقبل عنوانه «استكمال مطالب الثورة واستعادة روح 25 يناير، لا «ثورة جديدة» ولا «احتفال بنجاح الثورة». وفي المستقبل، لا يتصور أبو الفتوح الجيش «بعيداً من كنف التعاون مع القيادة السياسية». وهو يرى الجيش «حامياً لنهضة مبتغاة» و «أداة القيادة السياسية لحماية الشرعية»، فلا الجيش يريد أن يكون دولة داخل دولة ولا الشعب سيقبل بذلك. ويأخذ أبو الفتوح على المجلس العسكري ما اتسم به أداؤه خلال الفترة الانتقالية من «سوء وإرباك وبطء». وهو يثق بأن العسكر «حتى إن أرادوا الاستمرار في السلطة، فإنهم لن يستطيعوا». ويعتقد المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية أن نتيجة انتخابات مجلس الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان) «ليست معبّرة عن واقع ثوري» وهو لم يكن يتوقع أن يفوز السلفيون بنسبة أكبر من 20 في المئة من مقاعده، لكنه «سعيد بوجودهم المفيد لمصر» ويتوقع أن يكونوا أكثر براغماتية واعتدالاً. وهنا نص الحوار: هناك أزمة ثقة بين مختلف أطراف العملية السياسية في مصر، وكذلك بين هذه القوى والمجلس العسكري. كيف نتجاوز هذا الأمر؟ - أختلف مع هذا التوصيف لأنه مبني على حال الاستقطاب الموجودة بين المدنيين والإسلاميين وكأن الإسلامي ليس مدنياً، كأنه ديني أو عسكري ولا أحد من الإسلاميين قال عن نفسه إنه ديني أو عسكري، وبالتالي التوصيف نفسه أختلف معك فيه، يمكن القول إننا في حال من المخاض. حال بناء الجمهورية الثانية المبنية على أساس من الديموقراطية والحرية والعدالة وبالتالي قوى المجتمع في تفاعلها مع بعضها بعضاً لم تستقر بعد، طبيعي أن يحدث مثل ما سمّيته عدم ثقة. هي أقرب إلى حال الترقب لأننا لم نعش حال الحرية قبل ذلك، ودائماً طوال فترة ال 60 عاماً الماضية كان جهاز الأمن ونظام مبارك البوليسي كان أحد أسسه تخويف كل الأطراف من بعضها بعضاً لمصلحته وليس لمصلحة الوطن. مصلحة الوطن أن تعود كل هذه القوى للعمل مع بعضها بعضاً من دون خوف أو تربص، وهذا يبنى الآن ومن الطبيعي أن القوى السياسية كانت متربصة ببعضها بعضاً ولم يتوافر تعاون بينها يجلب عدم ثقة. لكن في أيام الثورة ومنذ بدئها وحتى التنحي كان الكل في حال ذوبان في بوتقة ميدان التحرير، وبعد ذلك ظهرت الخلافات والتقسيمات والاستقطابات التي زادت حدتها؟ - قبل التنحي كان يحرك الجموع هدف أكبر، هو الإطاحة بالنظام ورؤوسه، وبعد التنحي عادت الحال الطبيعية التي يمكن أن تكون عليها قوى لم تعمل مع بعضها بعضاً من قبل في شكل يوفر قدراً من التفاهم ومساحة من الثقة ومن عدم التربص بينها. حال المخاض هذه طبيعية في أي مجتمع يشهد تغييراً أياً كان نوعه أو سببه، لكن سرعان ما سنستقر. هل يمكن أن تزداد حدة التباعد بين الأطراف المختلفة؟ - لا أتصور ذلك، بدليل أن القوى داخل البرلمان اتفقت. الحزب صاحب الغالبية يعيّن رئيس البرلمان والقوى التالية تعيّن الوكيلين. كيف تنظر الى هذا الاتفاق؟ - أثار إعجابي جداً، أتصور أنه اتفاق موضوعي. حزب الغالبية يعيّن الرئيس ومن يليه الوكيل. هذه ممارسة ديموقراطية وتوافق محترم. كان يستطيع حزب الغالبية (الحرية والعدالة) بالاتفاق مع حزب صغير آخر، وهذا ديموقراطي ويحدث في دول ديموقراطية، أن يحوز كل المقاعد في كل اللجان ومن خلال التصويت، لكن ما حدث ينبئ بأن ما تخشاه لن يستمر، بدليل أن القوى السياسية جلست وتوافقت على تقسيم المناصب داخل البرلمان. هذا لم يحدث مع الحزب الوطني (المنحل) الذي حاز الغالبية بالتزوير وعلى رغم ذلك استأثر بكل المقاعد. لكن هناك انفصال بين الشارع والعملية السياسية، البرلمان يعقد جلسته الأولى اليوم بينما الميادين ما زالت ملتهبة، وهناك دعوات للثورة حتى ضد البرلمان؟ - أتصور أن الدعوات الصارخة أو المزايدة في ثوريتها لا تمثل الحال العامة. وهذا لا يعني أن كل مطالب الثورة تم تحقيقها. بالعكس أرى أن يوم 25 كانون الثاني (يناير) عنوانه الأمثل ما عرضه الإمام الأكبر شيخ الأزهر في اجتماعه مع مرشحي الرئاسة والأحزاب من أنه استكمال مطالب الثورة واستعادة روح الثورة، وحدد 12 مطلباً لم يتم تحقيقها بعد. هذا هو عنوان «25 يناير»، لا هو العنوان الذي يقول إننا ننفذ ثورة جديدة لأن الثورة لم تفعل شيئاً ولا هو الذي يقول إننا نحتفل بالثورة. لا هذا ولا ذلك، العنوان الأعدل والأنسب هو أن الثورة مستمرة وتستكمل مطالبها. خط استكمال الثورة وخط بناء النظام السياسي وهما مكمّلان لبعضهم بعضاً. استمرار الثورة من أجل الضغط ومنع أي محاولة للالتفاف على مطالبها وبناء النظام السياسي الجديد المعبّر عنه في انتخابات مجلس الشعب ثم الشورى ثم الرئاسة، وفي وجود رئيس مدني وبرلمان مدني يوضع الدستور وبعد انتخابات الرئاسة يعود الجيش إلى مكانه الطبيعي، الثكنات. منذ نزول الجيش إلى الشارع وتولي المجلس العسكري السلطة، هل كنت تشكك في نياتهم في شأن بقائهم في السلطة؟ - في البداية كان هناك قدر من الثقة الكبيرة بين المجلس العسكري وكل القوى السياسية. وحين نزل الجيش الى الشارع وهتف الشعب (الجيش والشعب أيدٍ واحدة) كان هذا تعبيراً عن حال مستمرة بين الجيش والشعب. حال ثقة وتقدير وحب. المجلس العسكري في شهوره الأربعة كان يمارس ممارسة طبيعية تتفق مع ما أعلنه من أنه سيسلم السلطة خلال 6 شهور. ولكنه بعد هذه الفترة بدأ قدر من سوء الإدارة وسوء الأداء والإرباك من جانبه، وهذا جعل القوى السياسية تقلق وتسأل: هل يفعل ذلك نتيجة عدم خبرة وسوء إدارة أم للالتفاف حول مطالب الثورة والاستمرار في الحكم. ما انطباعك أنت. لماذا فعل ذلك؟ - أنا مع التفسير الأول، لأن الشعب المصري الذي قام بالثورة لن يقبل إلا أن ينفذ إرادته، بمعنى أن يحكمه المعبر عن الإرادة الشعبية وهذا لن يكون إلا من خلال انتخابات. المجلس العسكري لا يستطيع أن يستمر. ما تحفظاتك على المجلس العسكري؟ - أن نطالب بقانون الغدر فلا يصدر إلا قبل الانتخابات بقليل، المحاكم العسكرية والاتساع فيها من دون أي مبرر. الإفراط في استخدام العنف سواء من جهاز الشرطة، وهذا مسؤول عنه المجلس العسكري أو من الشرطة العسكرية والمجلس مسؤول عنه أيضاً، وهو ما أدى إلى سقوط شهداء سواء في البالون أو ماسبيرو أو أحداث محمد محمود ثم مجلس الوزراء. كل هذه الأحداث تعبّر عن أداء سيئ وبطء وإرباك من المجلس العسكري. هو فعل ذلك نتيجة سوء إدارة، أو لأنه كان راغباً في الاستمرار في الحكم. لا أعرف. لكن أقول: حتى لو كان يريد المجلس العسكري أن يستمر، فإنه لن يستطيع لأن الشعب لا يريد ذلك. على الجانب الآخر، بماذا أخطأت قوى الثورة؟ - ما مفهوم قوى الثورة. سواء الرسمية أم الشبابية؟ لا شك في أنها كلها لم يرفع أحد منها مطلباً تستطيع أن تقول إنه ليس حقاً، وحتى المطالب الخاصة بالأجور والحقوق لأننا في مرحلة انتقالية، فهي على رغم أنها مطالب محقة، لكن كان السلوك الصحيح أن نؤجلها الآن لحين استقرار النظام السياسي لأنها تفريع من مشاكل كثيرة جداً لا يمكن أن تحل الآن، ويمكن أن تؤدي إلى إرباك الحكومة وتؤثر في وضعنا الاقتصادي. هذا لا شك أحد القصور التي حدثت، أما في ما عدا ذلك تعبير الناس عن أحد مكتسبات الثورة التي لا يريد البعض أن يعترف بها في ممارسته العملية. حق التظاهر والتعبير والعصيان المدني والاعتصام بشرط عدم العدوان على أي مرفق. في الجانب الآخر هناك محاولة للخلط بين القوى الوطنية أو الثورية وبين البلطجة. أن تترك البلطجية يشوهون شباب الثورة من دون أن تدافع عنهم. واجب السلطة أن تحمي المتظاهرين. لكن كيف تسيطر على الجموع ووجود الجيش أو الشرطة في مناطق التظاهر مثير أصلاً للغضب؟ - لم يكن وجود الشرطة أو الجيش بين المتظاهرين مثيراً للغضب إلا بعد الممارسات الخاطئة بدليل أن قوات الجيش أيام الثورة كانت وسط الجماهير التي حملتها ووزعت عليها الورود. أيضاً الشرطة في العالم كله حينما تقوم أي مجموعة بتظاهرة تقف الشرطة جنباً إلى جنب معهم لأنهم اعتادوا أن رجل الشرطة ليس وظيفته القمع أو الضرب ولكن الحماية وهذا واجبه. من يقول هناك بلطجية، نعم هناك بلطجية لكن ماذا يفعل المواطن، هو ليس محترفاً أمنياً كي يقبض عليهم. ولا أحد يعيب على الشرطة أو الجيش إذا تصرف مع أي شخص بغض النظر عن تسميته «ثوري» أو «بلطجي» وهو يعتدي على أي منشأة. ترى أن كل مطالب الثورة مشروعة، وماذا عن مطلب تسليم السلطة الآن من المجلس العسكري لرئيس البرلمان أو رئيس المحكمة الدستورية العليا؟ - قلت بعض المطالب وليس كلها، لا أؤيد هذا المطلب تسليم السلطة الآن لرئيس مجلس الشعب، مسألة خلافية مقبولة من البعض ومرفوضة من آخرين، ليس مطلباً فجاً، لكن أن يرفع مطلب تسليم السلطة الى مجلس رئاسي مدني هذا حديث في ظاهره جميل لكن ممن يتكون المجلس الرئاسي ومن يديره؟ لذلك أؤيد استمرار المطالب الثورية الصحيحة. شكل برلمان إذا يتسلم السلطة التشريعية، وبعد انتخابات الرئاسة الرئيس يتسلم السلطة التنفيذية حينئذ المجلس العسكري يرحل بعد تسليم السلطة لأطراف منتخبة مشروعة. ما رأيك في حملة (كاذبون)؟ - أنا ضد استخدام ألفاظ تجرح أطرافاً أخرى، يجب أن يظل حوارنا موضوعياً. حوار المفلسين هو حوار التجريح. أستطيع أن أختلف معك من دون تجريح ومن دون تخوين. إن كنت تريد أن تنتقد المجلس العسكري لك أن تنتقده. لكن من دون أن تجرحه أو تخونه لا هو ولا غيره. أنا ضد التجريح والتخوين لأن هذا لا يبني وطننا. كيف ترى مستقبل المشير طنطاوي بعد تسليم السلطة، بماذا تنصحه؟ - أنصحه وكل المسؤولين الذين تجاوزوا السبعين أن يعودوا الى أمكانهم الجميلة. هذا ما أدوه لوطنهم وهذا يكفي جداً. ولا أتصور على المستوى العسكري ولا المستوى السياسي أن يستطيع إنسان أن يؤدي بعد سن السبعين، وهذا ليس معناه ألا يفعل شيئاً. كن استشارياً، قل آراءك، انقل خبراتك وتجربتك للأجيال القادمة. وهذا ما يجعلني أقول إنني إذا وفقت في انتخابات الرئاسة سأختار نائباً من شباب الأربعين. حال الشيخوخة التي سيطرت على مجتمعنا يجب أن تتوقف بعد الثورة لأنها كانت مفروضة علينا قبل الثورة. يمكن أن تتولى حكم مصر، إذاً كيف ترى شكل العلاقة بينك وبين المؤسسة العسكرية؟ - لا يمكن في وطن يريد أن يبني نهضة، أن تكون علاقة الناس بالجيش الحامي لهذه النهضة إلا علاقة تعاون وحرص لأنك تبني نهضة تريد من يحميها. وهو الجيش الذي يعد آلة ووسيلة القيادة السياسية لحماية الوطن، وبالتالي العلاقة مثل كل الدول الديموقراطية علاقة تعاون ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتصور أحد أن إحدى مؤسسات الدولة وهي الجيش تعيش بعيداً من كنف التعاون مع القيادة السياسية. في وثيقة المبادئ الدستورية التي أعدها نائب رئيس الوزراء السابق الدكتور علي السلمي أثير جدل حول مادتين عن وضع مميز للجيش، هل تقبل بأن تبقى عبارة الجيش يحمي الشرعية قائمة؟ - الجيش أداة القيادة السياسة لحماية الشرعية، من يحمي الشرعية الشعب، وأداة الشعب الذي تمثله القيادة السياسية المنتخبة لحماية الشرعية هو الجيش. ما هو موجود عن الجيش في نص دستور 1971 يجب أن يبقى كما هو لا نضيف عليه ولا ننقص، وهذا ما قاله المشير طنطاوي. وهذا أراه مناسباً. أما ما أثير بخصوص وثيقة السلمي، فهو إساءة للجيش المصري وللشعب المصري. أن تخرج مؤسسة الجيش عن سياقها السياسي والوطني هذا لا يشرف الجيش. أن يكون الجيش دولة داخل دولة لم يطالب به الجيش ولا يريده ولا يقبله الشعب نفسه. في التجرية المصرية الحديثة لم يعتد العسكر الخضوع لمدنيين، هل ترى أن من الممكن أن تخضع القيادة العسكرية في الجيش للقيادة السياسية المدنية الممثلة في مؤسسة الرئاسة بسهولة؟ - ثورة يوليو 1952 وما تلاها ليست تجربة، كانت فترة عابرة لم يمارس فيها الشعب المصري حقه في انتخاب قيادته السياسية أو نظامه السياسية، وبالتالي هي حال استثنائية لا يقاس عليها، لكن قبل ذلك كان الجيش وضعه طبيعياً وخاضعاً للقيادة السياسية. الأمر الثاني أنه حتى على المستوى النظري أن رئيس الدولة منذ عام 1952 لم يكن جنرالاً في الجيش وكانت له خلفية عسكرية. بين المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية مرشح ذو خلفية عسكرية، هل تعتبره مثل البعض مرشحاً للجيش؟ - هذا يحدث في كل الدول الديموقراطية، مسألة أن يكون المرشح عسكرياً سابقاً تحدث في كل الدول الديموقراطية، وهي مسألة طبيعية. لا تستطيع أن تصادر حق مواطن في الترشح لمجرد أنه قادم من الجيش. يرشح نفسه والشعب يختار من يشاء. هناك 3 مرشحين محسوبين على التيار الإسلامي أنت واحد منهم، ألا يسبب ذلك تفتيتاً للأصوات؟ - لا تستطيع تعداد تسمية المرشحين على المستوى الإسلامي أو الليبرالي، وهذا يسري أيضاً على الليبرالي، لا يوجد مرشح واحد لهذا التيار، وبالتالي التعددية أداء طبيعي في أي انتخابات، حين يكون هناك أكثر من مرشح من التيار الواحد أمر طبيعي. كون هؤلاء المرشحين سواء من تيار واحد أو عدد من التيارات لصالح العملية الانتخابية يجلسون ويتوافقون على عدد أقل ممكن، وحتى لو لم يحدث أتصور أن الطرح التعددي لا يزعج ما دام سيحسم المسألة الصندوق. انسحاب الدكتور محمد البرادعي البعض يراه صبّ في مصلحتك، وزاد من فرص نجاحك؟ - حتماً انسحابه يصب في صالح كل المرشحين. الكل سيأخذ من كتلته التصويتية، من يأخذ أكثر ومن أقل هذه مسألة تحتاج إلى دراسة. أنت محسوب على التيار الإسلامي وكنت قيادياً في الإخوان وقضيت سنوات في السجن بسبب ذلك، لكن الجماعة أعلنت أنها لن تدعمك لأنك خالفت قرارها عدم المنافسة على منصب الرئيس، والسلفيون يفترض أن لهم مرشحاً، على من تراهن في الانتخابات؟ - الكتلة الرئيسة التي اعتمد عليها هي التيار الرئيس في مصر. هذا لا يعني أنني لن آخذ أصواتاً من التيار الإسلامي، طبيعي سآخذ أصواتاً منه ولا يعني أنني لن آخذ أصواتاً من التيار العلماني المتشدد أو المتطرف، لكن التيار الرئيس المصري هو الأساس بالنسبة إلي. كيف تنظر إلى موقف الجماعة التي انتميت إليها لعقود وهي تعلن أنها لن تناصرك؟ - أنا راضٍ عما بذلته وكان هدفي فيه مصلحة مصر، لم يكن هدفي فيه لا مصلحة الإخوان ولا غيرهم، ونظرتي أن البناء أو التنظيم الإخواني أو مؤسسة الإخوان مؤسسة بالإجمال خادمة لمصر وقامت من أجل مصر منذ أن بدأت في عام 1928. أعلنت مبكراً أنني إذا رشحت نفسي سأكون مستقلاً، وبنيت هذا القرار على أمرين: أولهما أن الإخوان ينبغي ألا تزج بنفسها في عمل حزبي، والبعض اختلف معي في هذه المسألة وهذا وارد، هذه وجهة نظري وما زلت متمسكاً بها. الأمر الثاني إدراكي ودراستي ومعرفتي بالحال النفسية للمصريين أنهم يحبون أو يكون مكان رئيس الدولة من فيه ليس منتمياً إلى حزب بعينه أو جماعة بعينها، وبالتالي أعلنت منذ البداية أنني إذا قررت أن أرشح نفسي أن استقيل. وموقف جماعة الإخوان مني لا ينشئ أي نوع من العداوة أو الصراع. هل تتخيل معركة على الدستور أم ان الوضع سيهدأ؟ - أتصور أن ما صدر عن شيخ الأزهر من وثائق صدرت بموافقة معظم مرشحي الرئاسة ورؤساء الأحزاب أو ممثليها، هذه الوثائق تنبئ مع هذا التوافق بأن الدستور وكتابته يجب أن يأخذا حواراً مجتمعياً معمقاً لكن لن يدخل الناس في معركة. كيف تنظر لنتائج انتخابات البرلمان، بعض القوى الثورية غاضبة من اكتساح الإسلاميين؟ - هذه النتيجة معبّرة عن واقع 30 سنة وليست معبرة عن واقع ثوري بعد الثورة. ثمار الثورة ستأخذ سنوات. ولا أرى مبرراً لغضب البعض لأن الإسلاميين حصلوا على مقاعد في انتخابات نزيهة. والغاضبون لديهم فرصة في الانتخابات المقبلة والتي تليها. فوز الإسلاميين في الانتخابات كان متوقعاً، لكن كثيرين فوجئوا بنتيجة السلفيين، كيف تقرأ النتائج؟ - صحيح، أنا أولاً لم أفاجأ بنسبة الإخوان بل كنت أتوقع أن يحصلوا على 55 في المئة حتى مع وجود السلفيين الذين توقعت أن يحصلوا على 15 في المئة، ولكنهم حصلوا على أكثر من 21 في المئة. وبم تفسر هذه النتيجة؟ - السلفيون عملوا في المجتمع على مدار 30 سنة، وكانت لهم قنواتهم الفضائية، وأوجدوا حالاً شعبية. ما فاجأ الناس أن هذه الحال الشعبية الموجودة في قاع المجتمع لم تعبر عن نفسها في عمل سياسي، وبالتالي الجماهير لم تكن تشعر بهم. زيادة النسبة كانت المفاجأة، لكن طبيعي أن يحصلوا على مقاعد، وأنا سعيد بهم على رغم اختلافي مع بعض أداءاتهم، لكنني سعيد بوجودهم لأنه مفيد لمصر. هناك توافق الآن على النظام السياسي المختلط (جمهورية برلمانية رئاسية)، هل ترى أن هذا النظام يناسب مصر الآن ثم نتحول في مرحلة لاحقة إلى جمهورية برلمانية؟ - أؤيد ذلك، وأنا من أوائل الذين طالبوا بالنظام المختلط. حزب الحرية والعدالة كان ينادي بالنظام البرلماني وغيّر رأيه منذ شهرين وهذا شيء جيد. النظام المختلط أفضل شيء لمصر الآن، لأنه يخشى من النظام الرئاسي أن يحول الرئيس المنتخب إلى ديكتاتور. أما النظام البرلماني فتقوم فلسفته على وجود قوتين أو ثلاث قريبة في القيمة السياسية من بعضها وهذا غير موجود الآن. إذاً نمنح المجتمع الفرصة لدورتين أو ثلاث لتقترب القوى من بعضها، ولو عُدت في هذا الوقت من النظام البرلماني يكون الأمر صحيحاً. إن أصبحت رئيس مصر، قد تضطر إلى مقابلة رئيس وزراء إسرائيل، ماذا ستفعل؟ - إذا اضطررت لذلك سأفعل، أتصور أن الإشكال أكبر من ذلك. كأن أزمة مصر مع إسرائيل هي إن التقى رئيس مصر رئيس إسرائيل فهل يصافحه أم لا؟ هذا ليس إشكالاً. الإشكال الحقيقي بين مصر وإسرائيل أن إسرائيل لم تحترم المعاهدة ولم تحترم حقوق الفلسطينيين، لم تحترم القرارات الدولية بإقامة دولتين. لا أرى أن مسألة مصافحة رئيس مصر، بغض النظر عمن هو، رئيس إسرائيل مشكلة أصلاً. المشكلة في التعامل مع طرف لا يحترم القرارات الدولية ولا يحترم حقوق الإنسان ولا يحترم المعاهدة التي كانت معاهدة إذعان بالنسبة الى المصريين. هذه هي المشكلة الحقيقية وإن أصبحت مصر قوية إن شاء الله فستحل هذه المشكلة. هل تعتقد أن الولاياتالمتحدة سيكون لها دور في انتخابات الرئاسة المصرية؟ - لا أتصور ذلك، أميركا لا تتدخل في أي وطن إلا إذا أرادت إدارة هذا الوطن أن تستدعي الأميركيين. حين يكون هناك نظام سياسي يرفض تدخل أي طرف في شؤونه، لن يتدخل أحد. «الشاب الشجاع» و«الإخواني المتمرد»