واصلت قوات الأمن العراقية حال التأهب القصوى وانتشارها الكثيف داخل المدن وخارجها بعد 6 ايام من الانسحاب الاميركي من المدن، فيما أكدت وزارة الداخلية العراقية عدم وجود ثغرات امنية أو حاجة الى الدعم الاميركي. وقال وكيل وزارة الداخلية اللواء احمد الخفاجي في تصريح الى «الحياة» ان «التقارير الأولية التي وردت الى الوزارة من القادة الميدانيين كشفت قدرة الاجهزة الامنية القيام بمهمة ملء الفراغ الامني الذي احدثه الانسحاب الاميركي من المدن»، مضيفا ان «الوضع الأمني لم يتغير عما كان عليه قبل الانسحاب، بل ان مستوياته اصبحت افضل نسبيا». وتابع ان «القوات الامنية لا تحتاج حتى الان لأي دعم وإسناد اميركي وهو امر يعزز الثقة بالأجهزة الامنية». وكشف الخفاجي وجود مخطط يهدف الى زعزعة الثقة بالاجهزة الامنية من خلال القيام بعمليات تفجير انتحارية وتخريب البنى التحتية المرتبطة بالخدمات»، موضحا ان «الانتشار الكثيف للقوات الامنية يهدف الى احباط هذه المخطط». ويبدو ان حال الاستنفار المستمرة منذ شهور، وقد بلغت ذروتها هذه الايام، ارهقت جزءا كبيرا من القوى الامنية التي كلفت مهمات اضافية في ظروف بيئية صعبة. ولوحظ في اليوم الاول لتسلم السلطات العراقية الملف الامني توزيع قوات الشرطة المحلية وقوات «الصحوة» في نقاط مشتركة داخل المدن. ويخشى العديد من السياسيين والقادة الامنيين لجوء المسلحين الى استراتيجية إنهاك الاجهزة الامنية خلال الاسابيع المقبلة. وقال عضو لجنة الامن والدفاع في البرلمان النائب عز الدين الدولة ان «التقويم الاولي لجاهزية القوات الامنية في حفظ الامن جيد، لكن يجب الانتظار اسابيع لمعرفة قدراتها الحقيقية». وكانت القوات الاميركية انهت انسحابها من المدن بموجب الاتفاق الامني بين بغداد وواشنطن في 30 حزيران (يونيو) الماضي تاركة للقوات العراقية المسؤولية الامنية بشكل كامل، على ان يتم انسحاب كل القوات الاميركية من العراق بحلول نهاية عام 2011 باستثناء المدربين والمستشارين. في كركوك، ابدى سياسيون تركمان واكراد قلقهم من استمرار اوضاع المدينة من دون ايجاد حلول نهائية لها وسط تضارب في المواقف يتم استثماره لضرب الامن والسلم الاجتماعي. ولفت العضو التركماني في مجلس محافظة كركوك تحسين كهية في تصريح الى «الحياة» الى «استمرار الملفات العالقة مثل تحديد هوية المدينة وانتمائها وادارتها». وحذّر كهية من انه «اذا لم تحسم هذه الامور فإن الوضع السياسي والأمني سيبقى قلقا، لكن الحوار البنّاء للوصول الى حلول مرضية واقعية هو الطريق الامثل للخروج من هذا الوضع»، مشيراً الى «مساع بنّاءة لإيجاد حلول توافقية لمشكلة كركوك». من جهته، ذكر العضو الكردي في مجلس المحافظة بابكر صديق في تصريح الى «الحياة» أن «الوضع يتجه الى التدهور والانعطاف بطرق خطيرة» في المحافظة. ولفت الى ان «الكتل السياسية في كركوك بعيدة عن بعضها، بالاضافة الى حال عدم الاتفاق التي تسود الاجواء» وعبّر عن اعتقاده بأن «احداً من هذه الاطراف لا يريد تقويض مصلحة كركوك لأنهم جميعا على مستوى المسؤولية ولن يفرطوا بالمدينة». ولاحظ صديق ان «الوضع الأمني يتجه الى التدهور ايضا، فالأجهزة الأمنية غير قادرة على ضبط الاوضاع، والارهابيين يصعّدون من عملياتهم المسلحة ضد المدنيين، ويعمل تنظيم القاعدة على ضرب اي استقرار أمني». وأثار إقرار البرلمان الكردي أخيرا دستورا يلحق كركوك والعديد من المناطق التي اطلق عليها «المتنازع عليها» بإقليم كردستان جدلاً سياسيا واسعا ورفضه العرب والتركمان مطالبين بسحبه. وقال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في تصريحات عبر الموقع الالكتروني اول من امس ان مشكلة كركوك الغنية بالنفط لا تحل ب «الفرض والقوة»، مؤكدا رغبة حكومته في اجراء انتخابات خاصة بها قبل نهاية العام الجاري. واضاف ان «موضوع كركوك يحتاج الى انفتاح جميع المكونات على بعضها لانجاز الانتخابات الخاصة بمجلس المحافظة»، كاشفا «عزمه زيارة كركوك قريبا». على صعيد آخر، ابدى تيار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر رفضه لقرار الحكومة العراقية الذي يقضي بتخويل القادة الامنيين صلاحيات تنفيذ اوامر اعتقال من دون مذكرات قضائية. وقال مدير الهيئة الاعلامية في مكتب الصدر في مدينة الديوانية الشيخ صالح الجشعمي ل «الحياة» ان «هذه الصلاحيات تنذر برفع مستوى استهداف انصار الصدر. فهم كانوا يعتقلون يوميا من دون مذكرات توقيف على رغم ان هذا الاجراء لم يكن قانونياً». ولفت الى ان «قوات الامن تعتقل ابرياء من دون مذكرات قضائية ويستمر اعتقالهم في السجون العراقية الى فترات طويلة من دون حسم امرهم قضائيا». وحذّر من ان «هذا الاجراء جاء ليسوغ اعمال قوات الامن والشرطة وليتسنى لهم اعتقال عدد اكبر من ابناء الخط الصدري المناوئ لسياسة الحكومة العراقية التعسفية». كما انتقد القيادي السابق في «جيش المهدي» الجناح العسكري السابق للتيار الصدري زهير الخفاجي قرار الحكومة الاخير بمنح صلاحيات للقادة الامنيين واعتبره «خطوة اولى لحملة منظمة تشن ضد اتباع الخط الصدري» وأبلغ «الحياة» بأن «المعلومات التي لدينا من مصادرنا بداخل الحكومة العراقية تؤكد ان هنالك حملة قوية ستشن ضد عناصر جيش المهدي قبيل الانتخابات»، لافتاً الى ان «الحكومة العراقية بأحزابها تريد اخلاء الساحة من المناوئين لها حتى يتسنى الشارع بأكمله لها». وكانت الحكومة العراقية منحت القادة العسكريين والأمنيين الميدانيين صلاحيات واسعة في مطاردة المواطنين من دون مذكرات قضائية ابتداء من اليوم الاول للانسحاب الاميركي من المدن.