استقبل العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني امس الرئيس محمود عباس ودعاه إلى التحلي بالصبر في شأن اللقاءات التي يستضيفها الأردن بين الفلسطينيين والإسرائيليين في مسعى إلى تحريك مفاوضات السلام. وفيما أكدت السلطة الفلسطينية أن اللقاء الذي جرى في عمان بين الموفد الفلسطيني صائب عريقات والمبعوث الإسرائيلي اسحق مولخو أول من امس «لم يسفر عن شيء»، تحدث مسؤول إسرائيلي عن الاستعداد لتقديم بوادر حسن نية تجاه الفلسطينيين شرط إسقاط خيار التوجه إلى الأممالمتحدة، مضيفاً أن ثمة مساعي لكسب الوقت ومنع تفجر المفاوضات الاستشكافية إلى ما بعد 26 الجاري، الموعد الذي حددته اللجنة الرباعية لإسرائيل وللسلطة الفلسطينية لإطلاق مفاوضات في مسألتي الحدود والترتيبات الأمنية. وقالت مصادر أردنية ل «الحياة» إن الملك عبدالله الثاني دعا الرئيس عباس إلى التحلي بالصبر في مفاوضات عمان مع الجانب الإسرائيلي من اجل بيان الحقيقة للمجتمع الدولي وكشف من يتحمل المسؤولية عن تعطيل العودة إلى عملية السلام. وأكد أهمية تهيئة الأجواء الملائمة لإطلاق مفاوضات تبحث كل قضايا الوضع النهائي التي تؤدي في النهاية إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة على خطوط عام 1967 وعاصمتها القدسالشرقية. واعتبر أن اجتماعي عمان الأسبوع الماضي يشكلان خطوة للبناء عليها واتباعها باجتماعات أخرى بهدف تجاوز العقبات التي تحول دون استئناف المفاوضات المباشرة استناداً إلى حل الدولتين. الملك يلتقي أوباما في 17 الجاري وأفاد بيان للديوان الملكي بأن العاهل الأردني أشار إلى لقائه المرتقب في 17 الشهر الجاري مع الرئيس باراك أوباما والذي سيركز في جانب رئيس منه على أهمية مساندة جهود السلام الذي يستدعي تحقيقه دعم المجتمع الدولي ومؤازرته. وأعرب عباس في تصريحات عقب الاجتماع أن اللقاء تطرق إلى القضايا التي سيبحثها الملك مع الرئيس الأميركي، خصوصاً العملية السلمية. وقال: «تحدثنا عن مجريات الحوار الفلسطيني - الإسرائيلي الذي استضافه الأردن مشكوراً لتقريب وجهات النظر من أجل الوصول إلى حل»، معرباً عن أمله بأن «تعقد اجتماعات لاحقة في 26 الشهر الجاري بهدف العودة إلى الأسس القانونية التي تسمح بالعودة إلى المفاوضات». وأضاف: «سنواصل التشاور مع القيادة الأردنية وفقاً للمعطيات وللاتفاق على الحلول»، مؤكداً ترحيبه بأي فرصة يوفرها الأردن لدفع جهود السلام والتي يجب أن «نستغلها مهما كانت الآمال ضعيفة». نتانياهو وبوادر حسن نية على خط مواز، قال مصدر إسرائيلي مطلع على هذه اللقاءات لصحيفة «هآرتس» أمس إن هدف إسرائيل من هذه المحادثات هو «حَبْس الفلسطينيين داخل دائرة المفاوضات حتى نهاية الشهر الجاري على الأقل في مقابل قطع حلوى تقدمها إسرائيل على شكل بادرات حسن نية» مشروطة بعدم عودة الفلسطينيين إلى أروقة الأممالمتحدة لنيل اعتراف دولي بدولة فلسطينية مستقلة. وأضاف أن الفلسطينيين لن يتركوا هذه المفاوضات لالتزامهم بذلك تجاه العاهل الأردني. وأفادت الصحيفة بأن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو مستعد لتلبية طلب أردني وأميركي لتقديم «مبادرات حسن نية» للفلسطينيين في مقابل التزام رسمي من الرئيس عباس بعدم القيام بأي خطوات أحادية الجانب ضد إسرائيل في أروقة الأممالمتحدة وشرط مواصلة المحادثات الثنائية في العاصمة الأردنية. ونقلت «هآرتس» عن مصدرين مطلعين على محادثات عمان قولهما إن الجهد الرئيس للجنة الرباعية الدولية وللأردن ينصب في منع تفجر هذه المحادثات الاستكشافية «وإدخال الطرفين المفاوضين في سيرورة تستمر إلى ما بعد 26 الشهر الجاري». وأفاد مصدر إسرائيلي بأن «الرباعية» تعتزم إصدار بيان نهاية الشهر الجاري تعلن فيه أنها مرتاحة لتقدم المفاوضات إلى الآن، لكنها ستؤكد في الوقت ذاته أن ثمة حاجة لمزيد من الوقت لمتابعة الاتصالات. وأضاف أن «الرباعية» ستدعو الطرفين إلى مواصلة الاتصالات لشهور أخرى، مفترضةً أنهما لن يرفضا هذه الدعوة. وزاد أن الهدف هو كسب أكبر قدر من الوقت من دون تفجر المحادثات والحيلولة دون توجه الفلسطينيين إلى الأممالمتحدة. وأضاف أن الأميركيين معنيون بأن تستمر هذه الاتصالات حتى موعد انتخابات الرئاسة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وبناء لهذا التوجه، فإن الأميركيين والأردنيين ومبعوث «الرباعية» توني بلير يرون أنه يجب على إسرائيل أن تساهم بدورها في إقناع الفلسطينيين بمواصلة المفاوضات من خلال قيامها بخطوات لبناء الثقة تجاه الفلسطينيين، مثل الإفراج عن أسرى فلسطينيين من السجون الإسرائيلية، وتوسيع صلاحيات السلطة الفلسطينية في مناطق أخرى من الضفة. وأشارت الصحيفة إلى أنه سبق لنتانياهو أن وعد بدرس القيام بخطوات من هذا القبيل «ثلاث مرات خلال العامين الماضيين» لكنه تراجع في اللحظة الأخيرة بذرائع مختلفة». لا نتائج فلسطينياً وصرحت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي بأنه «لم ينتج أي شيء جديد» بعد يوم من «لقاء استكشافي» بين الطرفين في عمان، كما لم يتم تحديد موعد جديد للقاء آخر. وأضافت أن «الإسرائيليين يواصلون التمسك بموقفهم المتعنت ولم يردوا على طلب الرباعية تقديم مواقفهم في شأن الحدود والأمن». وتابعت: «بعد 26 الجاري ستكون لدينا خيارات مختلفة»، مشيرة إلى السعي إلى عضوية دولة فلسطين في الأممالمتحدة ومشروع قرار في مجلس الأمن يدين الاستيطان. وشددت على أن «اللقاءات الاستكشافية» في الأردن «ليست مفاوضات»، مؤكدة انه «لن تكون هناك عودة إلى المفاوضات من دون وقف للاستيطان والتزام واضح من إسرائيل في شأن حدود عام 1967». وكان مسؤول فلسطيني قريب من المفاوضات قال لوكالة «فرانس برس» أول من امس: «استمرت جهود استكشاف المواقف الفلسطينية والإسرائيلية للمرة الثانية اليوم في عمان»، موضحاً انه «للمرة الثانية أيضاً لم يقدم الجانب الإسرائيلي تصوره عن قضيتي الأمن والحدود لعام 1967، كما طلبت الرباعية في بيانها». وأضاف: «ولم نستلم رداً إسرائيلياً على وقف الاستيطان الذي هو التزام إسرائيلي». وكانت مصادر في وزارة الخارجية الأردنية أعلنت أن لقاء عريقات ومولخو «اتسم بالوضوح والصراحة رغم التباين القائم» بين الجانبين.