لوّحت أحزاب بمقاطعة انتخابات مجلس النواب المصري التي تبدأ إجراءاتها خلال أيام، احتجاجاً على رفض الحكم تعديل القانون الذي يضعف فرص مرشحي الأحزاب، فيما يجري مؤسس حزب «المؤتمر» عمرو موسى محاولة أخيرة لتشكيل تحالف واسع على قاعدة دعم الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال اجتماع مع أحزاب وقوى سياسية اليوم. وبعد مؤشرات على فشل جهود بناء هذا التحالف، قال موسى في بيان وزعه مكتبه أمس: «سنواصل النقاشات مع ممثلي الأحزاب والقوى السياسية والائتلافات الشبابية في شأن انطلاق تحالف مدني مشترك لخوض الاستحقاق التشريعي المقبل». وأشار إلى أن لقاء اليوم «سيضم عدداً من ممثلي الأحزاب والتيارات السياسية المدنية والمهنية والائتلافات الشبابية وممثلي المرأة في إطار بناء تحالف سياسي وانتخابي، كما سيتم البحث في اسم التحالف وتحديد أعضائه المشاركين فيه وعرض أسماء المرشحين في الدوائر على المقاعد الفردية». وأعلن رئيس حزب «التجمع» سيد عبدالعال أن حزبه سيشارك في اجتماع اليوم «سعياً إلى توحيد القوى المدنية في تحالف مدني واحد». وأضاف إن «التجمع حريص على وحدة كل القوى المدنية في مواجهة المتأسلمين والفلول، ونرفض أي محاولات لشق الصف». وأعلنت حركة «تمرد» المشاركة في الاجتماع، وأشارت إلى أنها «انتهت من إعداد قوائم مرشحيها». غير أن رئيس حزب «الإصلاح والتنمية» محمد أنور السادات شكك في نجاح محاولات موسى في تشكيل تحالف واحد، عازياً ذلك إلى «رغبة الجميع في الحصول على مكاسب سياسية لأنفسهم ولأحزابهم من دون مراعاة المصلحة الوطنية، وغياب أبسط مقومات نجاح التحالفات السياسية والانتخابية وهو المشاركة والاتفاق في الرؤى والأفكار». وأكد أن «هناك أزمات كبيرة تواجه التحالفات الانتخابية أدت إلى تعثرها وعدم تدشينها رسمياً، في مقدمها الشخصنة وافتقاد القدرة على العمل الجماعي، والتمويل، ورغبة كل شخص في تكوين تحالف باسمه لأنه يرى نفسه نجماً له شعبية وأيضاً اختلاف الرؤى الناتج من التشتت وعدم تناسق الأفكار ونشوب الخلافات في شأن نسب وتوزيع المقاعد طبقاً للإمكانات المالية». ونبه إلى أن «استمرار الموقف بهذا الشكل يفقد الجميع الثقة المتبقية في الأحزاب كافة ويؤكد أن هذه الأحزاب تحتاج إلى مراجعة إذا فشلت في تكوين تحالف». في المقابل، كشف ل «الحياة» القيادي في «التيار الشعبي» معصوم مرزوق وجود انقسام بين مجموعة الأحزاب التي كانت أعلنت دعمها مؤسس التيار المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، في شأن جدوى خوض التشريعيات في ظل إصرار السلطة على الإبقاء على القانون الحالي الذي يوسع المنافسة على غالبية المقاعد بالنظام الفردي. وبين الأحزاب التي دعمت صباحي «الدستور» و «التحالف الشعبي» و «الكرامة» و «العدل» و «مصر الحرية». وقال مرزوق إن «قانون الانتخابات لا يزال يمثل معضلة، بصرف النظر عن شكل التحالفات الانتخابية، لأنه يضعنا أمام وضع أشبه بإعدام الحياة السياسة». وأضاف: «تقدمنا بمذكرة إلى رئاسة الجمهورية نطالب فيها بتعديل القانون، ولم نتلق أي رد، لكن تصلنا رسائل برفض تعديل القانون». ولفت إلى أن «هناك أراء ترى أن استمرار العناد يتطلب الرد عليه بمقاطعة الاستحقاق... هناك نقاش في شأن الفائدة من خوض المعركة الانتخابية. كنا نجهز شبابنا لخوض غمار الانتخابات، لكن كيف يواجه هؤلاء أصحاب الأموال والنفوذ؟». وانتقد «من يتحدث عن تشكيل تحالف كظهير للرئيس»، معتبراً أن هذه الفكرة «تعصف بالحياة السياسية في مصر». وأكد أن «موقفنا (من التحالفات) مع أي توافق واسع بشرط أن تتوافر أسباب النجاح. الأمور لا تزال في إطار النقاشات». واعتبر الرئيس عبدالفتاح السيسي أمس أن انتخاب مجلس النواب الجديد «سيمثل خطوة أساسية نحو استكمال البناء التشريعي اللازم لتحويل نصوص الدستور إلى قوانين وقواعد ملزمة، لاسيما في ما يتعلق بالحقوق والحريات، وفي مقدمها تمكين المرأة ومشاركة الشباب». وشدد خلال لقاء مع رئيس «المجلس القومى لحقوق الإنسان» التابع للدولة محمد فائق على «أهمية أن يتسع الإدراك لمفهوم حقوق الإنسان، بما يشمل أيضاً الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وفي مقدمها الحق في العمل، حتى لا يُترك الشباب فريسة لقوى التطرف والإرهاب». وأوضح بيان رئاسي أن السيسي «استمع خلال الاجتماع إلى تقويم رئيس المجلس لأوضاع حقوق الإنسان ورؤاه ومقترحاته لتحسين بيئتها العامة في مصر، باعتبار المجلس جهازاً وطنياً نزيهاً ومحايداً يساهم في تحقيق التوازن بين الإجراءات الأمنية الواجب اتخاذها، سواء للحفاظ على أمن الوطن والمواطنين أو لمكافحة الإرهاب، وبين الحقوق والحريات». وتعهد السيسي «النهوض بأوضاع حقوق الإنسان في مصر، وأن تتم بلورة تطلعات وطموحات الشعب التي عبر عنها خلال السنوات الثلاث الماضية في أسرع وقت في إجراءات ملموسة تصون وتحفظ حقوق وحريات المواطن». وأكد «تفهم الدولة المصرية الكامل لقيم حقوق الإنسان العالمية واحترامها، وصولاً إلى بناء مستقبل مصر الجديدة التي ننشدها جميعاً». وفي إشارة إلى قانون التظاهر المثير للجدل، أشار إلى أن «الضوابط التي يتم وضعها من قبل الدولة إنما تستهدف تنظيم الحقوق والحريات، وتوفير الاستقرار والمناخ الملائم لدفع عجلة الاقتصاد الوطني، بما يكفل للمواطنين الحصول على حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية». ولفت البيان إلى أن فائق «عرض بعض الشكاوى الواردة إلى المجلس من انتهاكات أثناء عملية إلقاء القبض أو الاحتجاز أو تمضية عقوبة السجن أو طول مدة الحبس الاحتياطي والأحوال غير الملائمة لبعض السجون، وأن المجلس يواجه بعض المصاعب والعراقيل في القيام بزياراته الدورية للسجون، ما رد عليه الرئيس بالوعد بتذليل العراقيل كافة التي تحول دون اضطلاع المجلس بمهامه، وأمر بتسهيل زيارة المجلس في أي وقت للسجون وأماكن الاحتجاز». من جهة أخرى، أرجأت محكمة جنايات القاهرة إلى الأحد المقبل النظر في القضية المعروفة إعلامياً ب «اقتحام السجون» التي يحاكم فيها الرئيس المعزول محمد مرسي وعدد من قيادات جماعة «الإخوان المسلمين» وعناصر في حركة «حماس» الفلسطينية و «حزب الله» اللبناني، لاستكمال سماع أقوال شهود الإثبات ومناقشتهم. وتغيب عن حضور الجلسة أمس القيادي البارز في «الإخوان» عصام العريان لظروف صحية، فيما أصيب القيادي «الإخواني» صبحي صالح المتهم في القضية بآلام شديدة مفاجئة في المعدة تسببت في إغمائه لبضع دقائق، وحاول متهمون إسعافه، قبل أن يوقف رئيس المحكمة الجلسة ويستدعي طبيباً. وكرر المتهمون محاولتهم للتشويش على المحكمة عبر التصفيق والتهليل والضرب على أرضية قفص الاتهام بأقدامهم ترحيباً وفرحاً بدخول الرئيس المعزول قفص الاتهام المجاور لهم، إذ تناوب المتهمون على الاقتراب من الحاجز الفاصل بين القفصين لتهنئة مرسي بشهر رمضان وتبادل الأحاديث معه، وترديد الهتافات والشعارات التي تدعوه إلى «الصمود والثبات». واستمعت المحكمة إلى عدد من شهود الإثبات قبل أن ترجئ القضية.