أفادت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أمس، أن إسرائيل رفضت اقتراحاً قدمته السلطة الفلسطينية يقضي باستئناف المفاوضات بين الجانبين، شرط قيام إسرائيل بالإفراج عن أكثر من 100 أسير فلسطيني يقبعون في سجون الاحتلال قبل اتفاقات اوسلو عام 1993، وهو أمر نفاه كبير المفاوضين الفلسطينيين الدكتور صائب عريقات. في غضون ذلك، أبرمت الحكومة الإسرائيلية اتفاقاً رسمياً مع «مجلس المستوطنات في الضفة الغربية» يقضي بإضفاء الشرعية الكاملة على البؤرة الاستيطانية «رمات غلعاد» التي أقيمت قبل عشرة أعوام على أرض فلسطينية خاصة من دون إذن رسمي من السلطات الإسرائيلية. وأوضحت الصحيفة ان السلطة الفلسطينية نقلت اقتراحها المذكور عبر جهات في اللجنة الرباعية الدولية. وقال مسؤول إسرائيلي اطلع على جوهر الاقتراح إن الفلسطينيين وافقوا على التنازل عن شرطهم تجميد البناء الاستيطاني في مقابل استئناف المفاوضات، لكنهم طرحوا شرطاً بديلاً يقضي بالإفراج عن الأسرى القدامى. وأضاف أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو رفض الاقتراح. وطبقاً للصحيفة، فإن السلطة قدمت اقتراحها الجديد تحت ضغوط «الرباعية» الدولية على الرئيس محمود عباس (أبو مازن) لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل قبل 26 كانون الثاني (يناير) المقبل، أي مع انتهاء الأشهر الثلاثة التي حددتها اللجنة لإسرائيل والسلطة لاستئناف المفاوضات وتقديم مقترحاتها الجوهرية في ما يتعلق بمسألتي الحدود والترتيبات الأمنية. وتابعت الصحيفة أن جهات في الاتحاد الأوروبي أوضحت للسلطة الفلسطينية أنه في حال عدم استئناف المفاوضات، فإن المسؤولية عن ذلك لن تُلقى على إسرائيل وحدها إنما على السلطة أيضاً، وعليه يجدر بالأخيرة إبداء بعض الليونة لتسهيل استئناف المفاوضات. وعزا المسؤول الإسرائيلي رفض نتانياهو اقتراح السلطة بأن إسرائيل ترفض الشروط المسبقة، وأن السلطة استبدلت عملياً شرطاً بشرط جديد، «كما أن الاقتراح الفلسطيني مبهم إلى درجة كبيرة» إذ لم توضح السلطة إذا ما كانت معنية باستئناف المفاوضات حقاً، بما في ذلك عقد لقاء بين نتانياهو وعباس، أو الاكتفاء باستئناف المحادثات لتجديد المفاوضات. كما يرفض نتانياهو اقتراح «الرباعية» أن تتقدم إسرائيل بمواقفها من المسائل التي ستتناولها المفاوضات، ويصر على فعل ذلك في لقاءات مباشرة مع الفلسطينيين وفقط بعد شهرين أو ثلاثة من الاتصالات المكثفة المباشرة مع الفلسطينيين، كما أكد مستشار رئيس الحكومة إسحق مولخو لممثلي اللجنة الدولية. غير ان الصحيفة نقلت عن عريقات قوله إنه لا توجد للفلسطينيين شروط لاستئناف المفاوضات، وأن «وقف الاستيطان والانسحاب إلى حدود عام 1967 والإفراج عن أسرى ليست شروطاً مسبقة إنما التزام إسرائيلي لا جدوى لأي مفاوضات من دونها». وقال عريقات لوكالة «فرانس برس»: «أنفي نفياً قاطعاً ما تناقلته وسائل اعلام اسرائيلية هذه الليلة عن استعداد الجانب الفلسطيني الى العودة للمفاوضات من دون وقف الاستيطان لكن في مقابل اطلاق مئة اسير فلسطيني»، واصفاً «هذه المعلومات بأنها تهدف الى تشويه الموقف الثابت والمبدئي للقيادة الفلسطينية التي تتمسك بضرورة ان تنفذ اسرائيل التزاماتها بوقف الاستيطان وان تعترف بحدود عام 1967 للاراضي الفلسطينيةالمحتلة. انها حدود دولة فلسطين ومرجعية المفاوضات على اساسها». وأوضح انه اتصل بممثلي «الرباعية» الذين قالت احدى وسائل الاعلام الاسرائيلية انها نقلت الخبر عن احدهم «لكنهم جميعاً نفوا هذه الاخبار جملة وتفصيلاً و (قالوا) انهم لم ينقلوا هكذا عروض من طرفنا لانه لم يحدث ذلك أصلاً». إلى ذلك، كشفت الصحيفة أن الحكومة الإسرائيلية وقعت رسمياً أول من أمس على اتفاق مع مجلس مستوطنات الضفة الغربية يقضي بإضفائها الشرعية لمستوطنة «رمات غلعاد» التي أقامها المستوطنون قبل عشر سنوات على أرض فلسطينية خاصة في الضفة من دون إذن جيش الاحتلال رداً على عملية عسكرية استهدفت مستوطنين. وأشارت الصحيفة إلى أن الوزير بيني بيغين وقّع مع قادة المستوطنين على هذا الاتفاق. وطبقاً للاتفاق، سيتم نقل 9 وحدات سكنية من الوحدات ال 12 المقامة في البؤرة الاستيطانية إلى «أرض دولة» محاذية لها، أي تلك التي صادرها الاحتلال، وذلك حتى الأول من آذار (مارس) المقبل، على أن تهدم وحدة سكنية ويتم النظر في مصير الوحدتين المتبقيتين. وفي حال تبين أنهما أنشئتا على أراض فلسطينية خاصة يتم نقلهما أيضاً، في المقابل تعترف الحكومة في وقت لاحق بهذه الوحدات حياً مستقلاً تابعاً لنفوذ مستوطنة «كرني شومرون». واعتبر الأمين العام لمنظمة «سلام الآن» الإسرائيلية التي ترصد الاستيطان يريف أوبنهايمر هذا الاتفاق «خنوعاً من الحكومة للمستوطنين عموماً ولمجموعة شبيبة التلال المتطرفة تحديداً». من جهته، اعتبر مجلس المستوطنات الاتفاق الجديد «إنجازاً كبيراً للمستوطنين يعزز الاستيطان في المناطق (المحتلة) ويحول دون وقوع مواجهات بين المستوطنين والجيش الإسرائيلي». وكان نتانياهو تعهد هدم البؤرة الاستيطانية حتى نهاية العام الحالي لأنها أقيمت على أرض فلسطينية خاصة، لكنه عدل عن ذلك وأوفد وزيره بيغين لإنجاز الاتفاق المذكور مع قادة المستوطنين.