نجح رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو في خفض منسوب التوتر بين وزراء حزبه «ليكود» ووزير الدفاع ايهود باراك في كل ما يتعلق بمصير البناء الاستيطاني غير القانوني، حتى بالمفهوم الإسرائيلي، في الضفة الغربيةالمحتلة. وإذ رأى نتانياهو أن التوتر قد يدفع نحو حل ائتلافه الحكومي، قررت لجنة وزارية مصغرة برئاسته، مساء أول من أمس، إضفاء الشرعية القانونية على ثلاث بؤر استيطانية «بروخين» و «رحاليم» قرب نابلس، و «سنسانه» جنوب الخليل، اعتبرت غير قانونية لأنها أقيمت من دون استئذان جيش الاحتلال. كما قرر نتانياهو التحايل على قرارين للمحكمة العليا بتفكيك بؤرتين استيطانيتين أقيمتا على أراض فلسطينية خاصة، ملتزماً عدم إجلاء المستوطنين فيهما. ونددت الرئاسة الفلسطينية بقرار تل أبيب تشريع البؤر الاستيطانية الثلاث في الضفة معتبرة ذلك «رداً» على رسالة الرئيس محمود عباس إلى نتانياهو المطالبة بتجميد الاستيطان لاستئناف مفاوضات السلام. وتفتق ذهن المستوى السياسي الإسرائيلي، عن «فكرة خلاّقة» جديدة تقضي بإقامة بيوت موقتة لمستوطنين في الضفة الغربيةالمحتلة من دون انتظار استكمال إجراءات التنظيم والبناء القانونية. وذكرت صحيفة «هآرتس» أمس أن الحكومة الإسرائيلية أصدرت أخيراً تعليماتها لقائد المنطقة الوسطى في الجيش لإسرائيلي، المسؤولة عن الأمن في الضفة الغربية، الكولونيل نيتسان ألون، بالتوقيع على أمر يجيز إقامة مبان سكنية موقتة (لأربع سنوات) في الأراضي الفلسطينية المحتلة قبل استكمال جميع الإجراءات القانونية المستوجبة، وذلك لتوفير سكن بديل لمستوطني بؤرة «ميغرون» التي قضت المحكمة العليا بوجوب إخلائها وأمهلت الحكومة حتى مطلع آب (أغسطس) المقبل لتنفيذ القرار. وكانت المحكمة العليا رفضت قبل شهر طلب الحكومة مهلة حتى أواخر عام 2015 لإخلاء المستوطنين من «ميغرون»، بداعي أن الحكومة بحاجة إلى ثلاث سنوات وأكثر للانتهاء من بناء منازل سكنية جديدة ثابتة لمستوطني «ميغرون» بمحاذاة البؤرة الحالية، «لكن على أراضي دولة» (أي تلك التي صادرها الاحتلال). وحيال رفض المحكمة الطلب «ابتكر» المستوى السياسي فكرة الشروع في بناء المنازل الجديدة الموقتة من دون انتظار التراخيص القانونية، على أن يتم إخلاؤها بعد أربع سنوات وحينها ينقل المستوطنون إلى المباني الثابتة في المستوطنة الجديدة. وأرفقت الصحيفة الإسرائيلية الخبر بصورة لجرافات شرعت في إقامة البنى التحتية للمنازل الجديدة. وبدأت أعمال الحفر على رغم الانتقادات لها من جانب «النيابة العسكرية العامة» التي حذرت في رسالة إلى المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية يهودا فاينشتاين من مغبة الإقدام على خطوة كهذه لما تنطوي عليه من مساس بسلطة القانون في المناطق الفلسطينية المحتلة. وجاء في الرسالة أن خطوة الحكومة «تخلق منحدراً زلقاً وخطيراً من الإعفاءات والتسهيلات في البناء قد يشكل سابقة خطيرة» في كل ما يتعلق بإجراءات البناء في المناطق المحتلة. على صلة، أصدر رئيس الحكومة الإسرائيلية تعليماته للنيابة العامة للتقدم إلى المحكمة العليا بطلب إمهال الحكومة خمسة أشهر أخرى لتنفيذ قرارها إجلاء 30 عائلة مستوطنين، حتى نهاية هذا الشهر، من خمسة منازل شيدت على أراض فلسطينية خاصة في حي «هأولباناه» في مستوطنة بيت إيل شمال رام الله. وأوضح نتانياهو أنه يجب إيجاد حل بديل يمنع إجلاء المستوطنين رافضاً اقتراح وزير الدفاع ايهود باراك نقل العائلات الثلاثين إلى موقع آخر في مستوطنة «بيت إيل» قال إن أراضيه ليست بملكية فلسطينية خاصة إنما بملكية الجيش. ونددت (أ ف ب) هاجيت أوفران من «حركة السلام الآن» المناهضة للاستيطان بقرار الحكومة تشريع البؤر الاستيطانية، وقالت أوفران إن «الحكومة الإسرائيلية تكشف عن سياستها الحقيقية، فهي تقوم ببناء مستوطنات جديدة بدلاً من الذهاب للسلام». وأضافت: «هذه المرة الأولى منذ عام 1990 التي تقرر فيها حكومة إسرائيل إقامة مستوطنات جديدة» واعتبرت «مناورة الحكومة القاضية بتشكيل لجنة لإقامة المستوطنات خدعة تهدف لإخفاء السياسة الحقيقية المتبعة عن الناس». وأوضحت أوفران أن القرار لا يغير من الواقع الحالي على الأرض، مشيرة إلى أنه «طوال كل هذه السنوات كانت هذه البؤر غير قانونية وقالت الدولة إنها غير حقيقية وها إنها تصبح الآن فجأة حقيقية». إلى ذلك، ندد الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة بقرار تل أبيب تشريع البؤر الاستيطانية واعتبره «الرد الإسرائيلي المتوقع على رسالة الرئيس عباس لنتانياهو». وجدد مطالبته الحكومة الإسرائيلية «بوقف الأعمال الأحادية الجانب بخاصة الاستيطانية فوراً». وحذر أبو ردينة من «أن نتانياهو يدفع الأمور إلى الطريق المسدودة مرة أخرى». لكنه أوضح «أن القيادة الفلسطينية بانتظار الرد الرسمي الإسرائيلي، وستبقى خياراتنا مفتوحة إذا كان هذا هو الرد الإسرائيلي، أي مزيد من الاستيطان، على الرسالة الفلسطينية». وكان كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات سلم الأسبوع الماضي نتانياهو رسالة من عباس لم ينشر مضمونها خلال اجتماع في القدس، هي الأولى على هذا المستوى منذ توقف مفاوضات السلام في أيلول (سبتمبر) 2010.