قبل أسبوع على استئناف المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وقبل شهر بالتمام من انتهاء فترة تعليق البناء في مستوطنات الضفة الغربية الذي أعلنته الحكومة الإسرائيلية قبل تسعة أشهر، بدأ حراك في الساحة الحزبية في انتظار ما ستقرره الحكومة مع انتهاء فترة تجميد البناء، فيما يهدد الفلسطينيون بالانسحاب من المفاوضات المباشرة في حال تم استئناف البناء. وأكد استمزاج للرأي أجرته صحيفة «معاريف» في أوساط وزراء الحكومة الإسرائيلية في شأن الخطوة الواجب اتخاذها أواخر الشهر المقبل، أن 21 منهم يؤيدون استئناف البناء في المستوطنات في مقابل أربعة وزراء فقط (من حزب «العمل») يؤيدون مواصلة تعليق البناء، وامتناع أربعة آخرين، بينهم وزير الدفاع ايهود باراك، عن الإدلاء برأيهم. وسربت أوساط رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» اليميني المتطرف وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان لوسائل الإعلام العبرية بأن الأخير سينسحب وحزبه من الائتلاف الحكومي في حال قررت الحكومة مواصلة تعليق البناء، ما يهدد بفرط عقد الحكومة. واعتبرت الصحيفة النتائج إشارة الى ما ينتظر رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو في حال قرر مواصلة فترة التجميد. وقالت إن نتانياهو يحاول البحث عن «أفكار خلاّقة» تحول دون زعزعة حكومته من دون عرقلة المفاوضات مع الفلسطينيين في آن معاً، واستبعدت أن ينجح نتانياهو في إيجاد «صيغة سحرية» تضمن الأمرين. وأفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس أن ليبرمان أوضح لرئيس حكومته أنه لن يسمح بأن يتواصل تعليق البناء «ولو جزئياً» في أي من المستوطنات، بما فيها المستوطنات «النائية»، أي تلك التي بقيت شرق «الجدار الفاصل» في قلب البلدات الفلسطينية المفترض أن تنسحب منها إسرائيل في إطار اتفاق سلام وشرط موافقة الفلسطينيين على ضم الكتل الاستيطانية الكبرى التي ضمها الجدار إلى تخوم إسرائيل في مقابل تعويض الفلسطينيين بأرض بديلة. ويأتي هذا الموقف رداً على اقتراح وزير شؤون المخابرات دان مريدور، عضو «المنتدى الوزاري السباعي»، بأن يتم استئناف البناء في الكتل الاستيطانية الكبرى ومواصلة تجميده في المستوطنات النائية. وقالت تقارير صحافية ان مريدور يحاول إقناع الأميركيين بدعم اقتراحه، علماً أن اقتراحه لا يحظى بالقبول لدى أربع من وزراء «المنتدى». وكان ليبرمان أول وزراء الحكومة الذي أكد أن البناء في المستوطنات سيُستأنف «بعد دقيقة من انتهاء فترة تعليقه» بداعي أن الفلسطينيين لم يستغلوا فترة التعليق لاستئناف المفاوضات وأنهم «لا يستحقون لفتات طيبة أخرى من دون مقابل جراء سلوكهم». وبينما تؤكد أوساط ليبرمان أن تشدده في استئناف الاستيطان ناجم عن موقف أيديولوجي، وأن حزبه لن يقبل بوضع «تخنع فيه إسرائيل لمطالب الفلسطينيين»، أشار مراقبون إلى أن ليبرمان ينتظر «يوم الثأر» من نتانياهو في أعقاب الخلافات التي وقعت بينهما واتهام ليبرمان لرئيس الحكومة بإقصائه عن إدارة السياسة الخارجية لإسرائيل، وبأنه ليس راغباً في رؤيته وزيراً للخارجية، فضلاً عن الخلاف في شأن الموازنة العامة التي لم تشمل البنود التي طالب بها «إسرائيل بيتنا». وقالت أوساط في «ليكود» إن ثمة خشية حقيقية من أن يقدم ليبرمان على خطوات تهز الحكومة «وهو معروف بأنه شخص غير متوقع، لا يكشف حتى لأوساطه القريبة مخططاته». وكان نتانياهو تذرع في لقائه الرئيس باراك اوباما مطلع الشهر الماضي ب «الوضع الداخلي» لحكومته الذي يحول دون استئناف تجميد البناء، في إشارة إلى المعسكر المتشدد داخل حزبه «ليكود» الرافض تجميد البناء، وإلى شركائه في اليمين المتطرف. وتوقعت مصادر صحافية أن انسحاب «إسرائيل بيتنا» سيجر وراءه حزب «يهدوت هتوراة» الديني المتزمت ما سيؤدي إلى سقوط الحكومة. يذكر أن ليبرمان انسحب في السابق من حكومتي آرييل شارون وايهود اولمرت ل «أسباب أيديولوجية» أكسبته المزيد من الشعبية حتى أصبح حزبه ثالث أكبر حزب في إسرائيل (15 نائباً). وتعتمد حكومة نتانياهو على ائتلاف برلماني من 74 نائباً، وفي حال انسحاب ليبرمان ستفقد الحكومة غالبيتها البرلمانية (59 من مجموع 120) وتصبح حكومة أقلية مهددة بالسقوط. ودعا رئيس مجلس المستوطنات في الضفة الغربية داني ديان الحكومة إلى الإعلان عن موقف صريح يؤكد استئناف البناء في المستوطنات، وقال إن رئيس الحكومة أعلن في أكثر من مناسبة أن تجميد البناء هو موقت ولمرة واحدة، وأنه بعد 26 من الشهر الجاري «سنعود للبناء في أرجاء أرض إسرائيل». وأعلن وزير الدفاع ايهود باراك خلال لقائه موفد الرباعية الدولية توني بلير أمس أن نجاح المفاوضات يتطلب من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني اتخاذ قرارات جريئة، مضيفاً أن إسرائيل مستعدة لذلك مع حرصها على مصالحها الحيوية والأمنية والأخرى، و «أرجو أن يجد الطرف الثاني في داخله القدرة المطلوبة للتحرك قدماً في المفاوضات». وكان كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات قال خلال مؤتمر صحافي في رام الله في الضفة الغربية اول من امس ان على الحكومة الاسرائيلية «ان تختار بين السلام والاستيطان (...). إذا استمرت إسرائيل في النشاطات الاستيطانية، فإنها تكون قد قررت وقف المفاوضات». واشنطن ووقف الاستيطان وفي واشنطن (أ ف ب)، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية فيليب كراولي ان الولاياتالمتحدة تأخذ في الاعتبار الدعوة الفلسطينية الى وقف الاستيطان، من دون الاشارة الى امكان تأييد واشنطن لهذا المطلب خلال المفاوضات المباشرة المرتقبة مطلع الشهر المقبل. وأضاف: «الاستيطان، قرار التجميد (...) كانا موضوع نقاش وسيكونان موضوع نقاش عندما يلتقي القادة (الفلسطينيون والاسرائيليون) بوزيرة (الخارجية الاميركية هيلاري) كلينتون في 2 ايلول (سبتمبر)».