وصف الأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي» رمضان شلّح اجتماع «الإطار القيادي الموقت» لمنظمة التحرير (لجنة تفعيل المنظمة) الذي عقد في القاهرة أول من أمس، بأنه «مهم ومميز كونه غير مسبوق»، معتبراً أن هذا الاجتماع يؤسس لبداية جديدة في الساحة الفلسطينية. لكنه قال ان «مشاركتنا في هذا الاجتماع ليست إعلاناً عن انضمام الجهاد الى المنظمة (...) سنناقش في حوارات قادمة دخولنا إلى المنظمة، فهذا اللقاء هو بداية الطريق». وكشف شلّح في مقابلة اجرتها معه «الحياة» أن «مسألة الالتزام السياسي ببرنامج المنظمة كشرط للانضمام اليها لم تطرح»، مضيفاً: «كانت هناك إشارات واضحة خلال الاجتماع تؤكد أن الانضمام إلى المنظمة لا يعني تخلي أي فصيل عن برنامجه، وكان هناك توافق على تجاوز مسألة البرنامج السياسي والقفز عنها حتى لا تشكل عقبة أمام الانضمام الى المنظمة»، وقال: «كان لسان حال الجميع: ادخلوا أولاً». وأوضح: «من حيث المبدأ، هناك إجماع فلسطيني على أن المنظمة هي عنوان للكل الفلسطيني، ونحن نسعى الى أن يكون هذا العنوان لائقاً بنضالات الشعب الفلسطيني وتاريخه وحامياً لثوابته، وذلك يتطلب تطوير مؤسسات المنظمة وتفعيلها»، مشيراً إلى أن الاجتماعات المقبلة ستتناول بناء المنظمة ومؤسساتها. وقال: «وضعنا أقدامنا على طريق الانضمام إلى المنظمة»، لافتاً إلى أن «هذا الطريق شاق وبحاجة إلى روحية وحدوية تتغلب على المصالح الحزبية للوصول إلى أوسع مساحة من التوافق الوطني». وعلى صعيد المقاومة كعنوان يمكن أن يسبب إشكالية حقيقية أمام فصائل المقاومة للانضمام الى المنظمة، أجاب ان الرئيس محمود عباس «أبو مازن أوضح أن التأكيد على المقاومة لا يلغي حق الشعب الفلسطيني في المقاومة المسلحة... هو (الرئيس) وضع الأمر ضمن تقدير الموقف». وقال شلّح: «لا يملك أحد أن يقول ان المقاومة المسلحة ليست شرعية أو أنه ليس من حق الفلسطينيين استخدامها». وعن مدى توقعاته بإمكان إنجاز المصالحة، قال: «نعيش منذ فترة طويلة إدارة الانقسام، لكننا لمسنا نيات حقيقية وجادة لدى كل من حركتي فتح وحماس في إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة رغم وجود تعقيدات في بعض ملفاتها». وزاد: «ما أُنجز حتى الآن جيد ويسير في الاتجاه الصحيح، لكنه يحتاج إلى متابعة ومثابرة». ورأى شلّح أنه عندما يخير الإسرائيليون والأميركيون «أبو مازن» بين «حماس» أو إسرائيل، فإن هذا يعني أن استمرار الانقسام هو هدف إسرائيلي، وقال: «إن هذا يضاعف من المسؤولية الوطنية على كل الأطراف للخروج من دائرة الانقسام لإنهائه»، مشدداً على ضرورة أن يكون هذا هو الهدف الذي يجب أن يعمل الجميع لتحقيقه. ودعا شلّح إلى عدم رفع سقف التوقعات، وقال: «ما زلنا نخوض صراعاً ونعيش إدارة صراع مع عدو يسابقنا الزمن في الاستيلاء على كل شيء، وعامل الزمن قد يبدو ليس في صالحنا»، لافتاً إلى أن هناك مخاضاً كبيراً في العالم «سواء على صعيد النظام الدولي الذي نراه الآن لا هو قطبي ولا تعددي، والمنطقة تشهد رمالاً متحركة رخوة نأمل في أن تكون هذه المتغيرات لصالحنا». واضاف: «لذلك لا داعي للاستعجال، ونأمل في أن يظل أبو مازن متمسكاً بموقفه عدم العودة إلى المفاوضات إلا بعد الاستجابة لشروطه وهي وقف الاستيطان وتحديد مرجعية حزيران (يونيو) عام 1967 للتفاوض». ورأى شلّح أن الأزمة الراهنة والانغلاق التام في المسار السياسي، والذي أكده جميع المشاركين في اجتماع الإطار الموقت للمنظمة، يتطلب التركيز على الوضع الداخلي، سواء على صعيد النظام السياسي أو على صعيد علاقة الفصائل بالسلطة وبالمنظمة وكيفية إدارة هذه العلاقة وآليات تنظيمها، لافتاً إلى أن «هذا يتطلب بالضرورة مراجعة خطواتنا وإعادة حساباتنا ودرس المواقف وفحصها، وقال: «رغم إدراكنا اختلاف البرامج السياسية ووجود مشاكل كبيرة، إلا أنه يجب البحث عن القواسم المشركة مهما كانت مساحتها حتى يمكن أن تسير الأمور»، داعياً الجميع الى إبداء مرونة وتقديم تنازلات في الأمور الداخلية من أجل إيجاد صيغ مناسبة تسمح للجميع، مهما كانت اتجاهاتهم، بالمشاركة الفاعلة في الأطر الداخلية من دون التنازل عن مواقفهم أو المس بالتزام هذا الطرف أو ذاك بخط سياسي معين. وقال: «على سبيل المثال، كانت إسرائيل طرفاً أساسياً في إنشاء مشروع السلطة، »، متسائلا باستنكار: «إذا ابتلي طرف بهذا الأمر، لماذا يلزم الجميع بهذا الابتلاء أيضاً؟». واضاف: «السلطة كانت هي الحل، لكنها أصبحت أداة نزاع داخل البيت الفلسطيني، وأصبحت برمتها مرتهنة للقرار الإسرائيلي وللدول المانحة، وأفرغت القضية كمشروع نضالي بإلهائها في شؤون داخلية وإعاشية، ولسان الحال: إذا فككناها، فالناس ستموت من الجوع»، وقال: «السلطة هي إدارة مدنية نيابة عن سلطات الاحتلال، والسلطة لا تملك السيادة في اي من المنطقتين، غزة والضفة، فاليد الطولى هي لإسرائيل». ودعا شلّح إلى ضرورة مراجعة الخط والمسار السياسي وإعادة رسمه مجدداً لأن مشروع التسوية في ظل الاستعجال على قطف الثمار ونسيان الأهداف الكبيرة، تحوّل إلى فخ، وقال: «لا أحد يعمل في السياسة لا يراجع استراتيجيته ويعدلها من حين لآخر حسب متطلبات المرحلة»، منتقداً الاستمرار في هذا النهج السياسي من دون توقف وإلى ما لا نهاية وكأن الوصول إلى حافة الهاوية قدر سياسي. وعلى صعيد اللجنة الفرعية التي شكلت، قال: «إن هذه اللجنة بمثابة أمانة سر للإطار الموقت للمنظمة لمتابعة عمل هذا الإطار، وهي تضم عضواً من كل فصيل ويرأسها رئيس المجلس الوطني. وعزا شلّح ما تم إحرازه من تقدم على صعيد المصالحة إلى الدور المصري الذي ساهم بدرجة كبيرة في تذليل كثير من العقبات التي كادت تحول دون التوصل إلى الخطوات الإيجابية كافة في مسار المصالحة، وقال: «لولا المبادرة المصرية لما كان بالإمكان لمسار المصالحة أن ينطلق»، مضيفاً: «مازال أمامنا الكثير من القضايا التي تتطلب استمرار الدور المصري حتى يمكننا أن ننهي الانقسام»، لافتاً إلى أن مصر معنية بتصليب الموقف الفلسطيني، ويمكنها أن تبذل جهوداً كبيرة لتصحيح الكثير من الأخطاء، سواء على صعيد علاقة السلطة بالمنظمة أو علاقة السلطة مع الجانب الإسرائيلي، وقال: «إن هناك غبناً كبيراً وقع على القضية الفلسطينية بسبب السلوك الفلسطيني الساعي للتسوية، وعوضاً عن تسوية القضية، فإن ما يجري هو تصفيتها، فالحقوق تتبخر، والإسرائيليون يفرضون سياسة الأمر الواقع من خلال الحقائق التي على الأرض».