يصل الرئيس محمود عباس (أبو مازن) إلى القاهرة غداً لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين المصريين تسبق لقاءه المرتقب مع رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل الخميس المقبل. في غضون ذلك، استبعد مصدر مصري رفيع ان يتوجه الرئيس الفلسطيني الى غزة عقب اللقاء الذي سيجمعه مع مشعل، وقال ل «الحياة» إن «أبو مازن لن يذهب الى غزة قبل تطبيق اتفاق المصالحة على الارض بحيث يلمس المواطن الفلسطيني بنفسه نتائجها عندما تتجسد بشكل حقيقي على أرض الواقع وتنعكس ايجاباً على مظاهر حياته». وأقر بأن هناك ضغوطاً فعلية على الرئيس الفلسطيني، سواء من الإدارة الأميركية أو من الإسرائيليين، لإثنائه عن خطوة لقاء مشعل وانجاز المصالحة، وقال: «أبو مازن ماض في موقفه رغم هذه الضغوط»، لافتاً الى الانسداد التام في أفق المسار السياسي، خصوصاً في ظل عدم تمكن الإدارة الاميركية من إجراء أي حراك حقيقي على صعيد ملف عملية السلام في ظل انشغالها بالتحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة»، ومرجحاً بقاء عملية السلام معطلة خلال العام ونصف العام المقبل. وأضاف المصدر ان «أبو مازن» يريد ان يستثمر هذا الوقت عوضاً عن الانتظار، فهو يضع على رأس أولوياته الآن معالجة الشأن الفلسطيني الداخلي وإنهاء الانقسام من دون الالتفات لأي ضغوط قد تثنيه أو تجعله يتراجع عن هذه الخطوة مهما كانت، موضحاً أن كلاً من الأميركيين والإسرائيليين معني باستمرار الانقسام وعدم انجاز المصالحة، وقال: «القوى الخارجية تستخدم الانقسام ورقة لتنفيذ سياساتها التي تحول دون التوصل الى اقامة الدولة الفلسطينية، وكذلك تستخدمه كعنوان لضرب غزة وكمبرر لفرض العقوبات عليها». ولفت الى انه في مجلس الأمن استخدمت القوى الدولية الانقسام في رفض عضوية فلسطين دولة في الاممالمتحدة، وقال: «اعتبر بعض الدول الاعضاء في الاممالمتحدة أن السلطة الفلسطينية غير مؤهلة للعضوية باعتبارها لا تسيطر على 40 في المئة من أراضي السلطة، وأن جزءاً من الشعب الفلسطيني يرفض نبذ العنف»، في إشارة الى «حماس». ورأى المصدر ان التوافق على تعيين رئيس حكومة خلال المرحلة المقبلة سيمهّد للتوافق على القضايا الخلافية، كاشفاً أنه تم استبعاد رئيس حكومة تسيير الأعمال سلام فياض بالتوافق بين الحركتين (فتح وحماس). في السياق ذاته، عبر نائب الأمين العام لحركة «الجهاد الاسلامي» زياد نخالة عن مخاوفه من أن تصطدم الجهود التي تبذل حالياً من أجل انجاز المصالحة بالموقف الإسرائيلي الذي قطعاً سيتصدى وسيحاول أن يقف حائلاً دون انجازها. وقال ل «الحياة»: «اسرائيل لاعب أساسي في ملف المصالحة ولا يمكن تغييبها، وستكون لها ظلالها على عملية المصالحة»، مشيراً الى انها «مسيطرة بشكل مباشر على الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وتحاصر غزة». وضرب مثالاً وقال: «لا يمكن التحرك قدماً في ملف المصالحة من دون التوافق على الانتخابات»، مشيراً الى ان اسرائيل بإمكانها منع اجراء انتخابات في القدس، وكذلك بإمكانها تقييد أو منع الحركة، متسائلاً: «لو جرى ذلك، ما هو مصير الانتخابات حينئذ، وهل يمكن تحييد اسرائيل في هذه المحطة؟»، معتبراً ان الرغبة وحدها غير كافية لأن انجاز المصالحة سيصطدم قطعاً بالعامل الاسرائيلي، وقال: «لإسرائيل حساباتها، وانهاء الانقسام ليس في صالحها ... فكيف يمكن معالجة هذا العنصر، خصوصاً ان اسرائيل ستضع كل العراقيل لتعطيل المصالحة؟». ودعا النخالة الى ضرورة اعادة تقويم الموقف السياسي بأسره ووضع استراتيجية للعمل بعد المصالحة، لافتاً الى ان الاتفاق على مسائل اجرائية ليس كافياً. وطالب بإعادة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وإعادة بحث القرار السياسي داخلها، موضحاً أن «الجهاد» جزء من الشعب الفلسطيني وعلى استعداد للإنضمام للمنظمة في حال اعادة بنائها وتصحيحها كي تكون فاعلة بشكل حقيقي وتحقق طموحات الشعب الفلسطيني، وقال: «جاهزون كي نكون جزءاً من هذا الاطار» (المنظمة). ورأى أن السلطة والحكومة والأمن والمقاومة كلها ملفات رزمة واحدة لا يمكن إغفال أي منها. وعن توقعاته من النتائج التي سيثمر عنها لقاء (عباس – مشعل)، قال: «معنيون بإعادة الاستقرار الى المجتمع الفلسطيني اولاً وإزالة كل مظاهر الخلاف وان ترفع الضغوط المفروضة على عناصر المقاومة في الضفة، وكذلك رفع القيود الكبيرة المفروضة على كوادر فتح في قطاع غزة»، مضيفاً: «نريد ان يعيش كل الفلسطينيين في حالة وفاق وتعايش طبيعي بشكل حر، وأن لا يخضع المواطن لحالة الاستقطاب والصراع»، معرباً عن أمله في حل كافة النقاط الخلافية المطروحة على مائدة الحوار وانهاء الخلاف السياسي الفلسطيني الداخلي، وعلى رأسها تعيين رئيس حكومة بالتوافق، وان يثمر هذا اللقاء بنتائجه على خلق مناخ صحي وامني، لافتاً إلى ان ذلك يتطلب أن يتنازل كل طرف عن بعض الامتيازات للطرف الآخر. وعما تردد من ان وثيقة الوفاق الوطني ستكون هي المرجعية والصيغة التي ستستند اليها إدارة المرحلة المقبلة في ضوء الحوار الوطني الشامل المرتقب عقده قريباً، أجاب: «وثيقة الوفاق الوطني لم تعد كافية لتلبية مطالبنا ولا تتناسب مع المرحلة الراهنة». وأوضح: «نريد ان نحسن من أوضاعنا ومن مطالبنا في ظل المتغيرات التي جرت أخيراً في المنطقة والتي هي لصالح القضية الفلسطينية»، داعياً الى إعادة تقويمها (وثيقة الوفاق الوطني) لأنها كانت صالحة في ظل معادلات كانت فيها لمصر ودول عربية مواقف مختلفة من القضية الفلسطينية عن الوضع الحالي. وزاد: «نحن غير مضطرين لها ... خصوصاً انها جزء من توافقات قديمة، ولا اعتقد انها قادرة حالياً على معالجة المستجدات». وطالب بإعادة صوغ ورقة واتفاق جديدين يأخذان في الاعتبار الوضع الداخلي والخارجي. وقال: «نريد البحث عن صيغة سياسية لإدارة صراعنا مع العدو الاسرائيلي في المرحلة المقبلة»، مشدداً على ان المقاومة حق مشروع للشعب الفلسطيني في مواجهة اسرائيل. وتابع: «نحن في حاجة لاعادة تقويم كل الموقف السياسي من أجل وضع برنامج سياسي وفق أسس سياسية وتنظيمية جديدة لا تتناقض مع مصالح الشعب الفلسطيني الاستراتيجية مع الحفاظ على رؤيته في الصراع مع العدو».