نقطة حمراء لستُ سوى نقطةٍ حمراء في عين قمرٍ صناعي. هذا ما يقوله العالَمُ الأبله. ولستُ أسلى بشيءٍ سوى أني أُثبتُ العكسَ لنفسي؛ لديّ هاتفٌ بلا نغماتٍ جميلة. أتحدث والجدار. أُهملُ حسابي في «تويتر». أبتاع سجائر بلا قداحةٍ، وأكياسَ شايٍ مثقوبةٍ، وإذا مرضتُ، آخذ ورقة الدواء، أصعدُ بها نخلةً كي تصرفها لي العصافير. هكذا فقط، هذا العالمُ الغبيُّ، لن يتنبّأ بي. وحتى أنّني – إذا فتحتُ الماء الدافئ على رأسي - تبخّرت. مخلبٌ رقمي لم تعُد رسوم الكارتونِ مُلهمةً وتدُلُّ على الطريق هي الآنَ لا تُفهَمُ أغانيها. لا أحد يبحثُ عن أمه لا أحد يبحثُ عن حبيبته لا أحد يبحث.. ذابَ القَصرُ في بحيرته المجاورة والمداخنُ والجوعُ والرغيفُ والتلالُ والغاباتُ، والرحلة والأحجية، والكنز و الخريطة والجُزُر والذهب.. كلها، كلها، خدش اسطوانتها مخلبٌ صغيرٌ، وفقد صغارك السلسلة..هم فقط بسراويل بيضاء في الشارع، تتطافر قطط المزابل حولهم. بنعلين فقط يبنون مرمىً وملاعب واسعة، أو يحفرون لبعضهم قبوراً، في لعبةٍ رقميّة. خارج الرقعة إلى مربعٍ صغيرٍ – خارج رقعة الشطرنج - قفز حصاني. أنتَ الآنَ في الشمس؛ تضعُ يدك على ألمٍ أسفلَ الظّهرِ كُلّما لاح لك طريقٌ وشُبّانٌ وقُفلُ أُحجية. أنتَ الآنَ في طفلٍ يتذكّرُ ما أودع أمّه من أعياد الناس.. هو يُريدُ أن يطمئنّ عليها، وأنتَ تخافُ – بعد أن قفزت َ- ألّا تجدها حينها أين تسرّح يداك إذا أغمضتَ عينيك؟. المروحة الزرقاء كنتُ أحبُ أن أتعلّقَ – طفلاً - في مروحة السقف الزرقاء ببيت جدي. تدورُ وأدور. لم أعرف من يرفعني حينها إذا رحتُ أضربُ برجليّ الأرضَ سائحاً لُعابي. وما عرفتُ أنني كبُرتُ إلا عندما ذابت زُرقتُها في بؤبؤ عيني. ولا زلتُ مُعلّقاً، رجلايَ تطولان لكنهما لا تمسّان الأرض. كيف أهربُ من ذاك الدوار المعتّق؟ من كان يرفعُني حينها لم تعُد يداهُ تُدركني. انهدّت أعمدةُ البيت، تنفّسَت رماله البيض الهواء. لكن مروحة السقف –تلك الزرقاء تحديداً - ما زالت تدور. نوفمبر - ديسمبر 2011