انتخب المجلس التأسيسي التونسي، أمس، زعيم المؤتمر من أجل الجمهورية المنصف المرزوقي أول رئيس للبلاد بعد الثورة بغالبية 153 صوتاً من أصل 217، في وقت حذّر رئيس الوزراء الموقت الباجي قائد السبسي من أن الربيع العربي لن ينجح ما لم ينجح في تونس التي كانت الدولة العربية الأولى التي تفجّرت فيها الثورات الشعبية في ما بات يُعرف ب «الربيع العربي». وانتُخب المرزوقي، المنتمي إلى تيار قومي يساري، رئيساً خلال تصويت في المجلس التأسيسي مع حلول مساء أمس. وعلى رغم امتناع نواب المعارضة عن دعمه، إلا أنه فوزه لم يكن محل شك نتيجة حصوله مسبقاً على دعم أحزاب الائتلاف الثلاثة: حركة النهضة الإسلامية (89 مقعداً)، وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية (29 مقعداً)، والتكتل الديموقراطي من أجل العمل والحريات (20 مقعداً). وشكر المرزوقي النواب في كلمة مقتضبة على شرف انتخابه، وقال إنه سيسعى إلى أن يكون عند الثقة التي منحوه إياها. وتوجه إلى النواب الذين لم يمنحوه ثقتهم قائلاً إن الديموقراطية «لا تكون إلا بغالبية ومعارضة» وإن حضور المعارضة في المجلس «ضروري... ورسالتكم وصلت». وقال إن الذين لم يمنحوه ثقتهم يودون أن يقولوا له إنهم يراقبون الأعمال التي سيقوم بها خلال توليه منصبه. واضاف أن من الضروري أن يتم تنبيهه من النواب «كي لا يقع في خطأ». وسيتم صباح اليوم أداء القسم الدستوري ويتولى بعد ذلك المرزوقي رسمياً منصبه رئيساً للبلاد انطلاقاً من القصر الجمهوري، بعد أن يتخلى عن مسؤولياته الحزبية، كما قال رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر الذي أكد أن المرزوقي وافق على ذلك. وسيلقي المرزوقي اليوم كلمة أمام النواب يشرح فيها السياسات التي سيتبعها خلال توليه منصبه. وسيكون على المرزوقي، المعارض الحقوقي التاريخي لنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، إدارة البلاد في مرحلة انتقالية سيتم خلالها وضع دستور جديد للبلاد يُعرض على استفتاء شعبي وتبدأ وفقه عملية انتخاب مؤسسات الدولة بما في ذلك رئاسة الجمهورية والبرلمان. وسيقود المرزوقي تونس خلفاً للرئيس الموقت غير المنتخب فؤاد المبزع الذي قاد تونس في المرحلة التي تلت فرار بن علي إلى السعودية في كانون الثاني (يناير) الماضي. وسيكون عليه التعامل مع حكومة يقودها الإسلاميون بقيادة حركة النهضة التي رشحت أمينها العام حمادي الجبالي لمنصب رئيس الوزراء. أما التكتل من أجل العمل والحريات، الشريك الثالث في التحالف، فنال زعيمه مصطفى بن جعفر منصب رئيس المجلس التأسيسي. وعاد المرزوقي (66 عاماً) من المنفى بعد يومين فقط من فرار بن علي وأعلن فوراً نيته الترشح لرئاسة الجمهورية. ويُتوقع أن يعمل مع الحكومة الجديدة على معالجة المشاكل العميقة التي يعاني منها الاقتصاد التونسي في ظل تفشي البطالة وتوقف النمو الاقتصادي كلياً.