تونس - رويترز، أ ف ب - انتخب المجلس الوطني التأسيسي التونسي مساء أمس رئيساً جديداً لتونس هو مرشح الائتلاف الثلاثي الذي يشكّل الغالبية في المجلس المنصف المرزوقي المناضل الحقوقي المعروف وزعيم حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (يسار قومي). وجاء ذلك في وقت قال الباجي قائد السبسي رئيس الوزراء التونسي في حكومة تصريف الأعمال إنه لن يكون هناك ربيع عربي في المنطقة إن لم تنجح تونس التي قال إنها في بداية الربيع. وأجبرت تونس، مهد الثورات التي أعادت تشكيل المشهد السياسي في الشرق الأوسط، الرئيس زين العابدين بن علي في كانون الثاني (يناير) على الفرار إلى المملكة العربية السعودية وبدأت مسيرة التحول إلى الديموقراطية. وقال السبسي في افتتاح ندوة حول تحفيز النمو والاستثمار خلال الفترة الانتقالية في تونس أمس: «ليس هناك ربيع عربي مثلما يطلق عليه بل هناك بداية ربيع في تونس»، مضيفاً أنه لن يكون هناك ربيع إن لم تنجح تونس. وأكد أن نجاح تونس يحتاج إلى تجاوز الأزمة الاقتصادية التي تعصف بها مثل تفاقم البطالة والتنمية الاقتصادية غير المتكافئة بين المناطق. وستكون الحكومة المقبلة أمام تحديات عدة من بينها إيجاد حلول لنحو 800 ألف عاطل من العمل في ظل ركود اقتصادي وصل إلى صفر في المئة خلال هذا العام. وقال رئيس الوزراء أيضاً خلال كلمته إن تونس يمكنها أن تنجح وأن تكون نموذجاً في جنوب المتوسط وشمال أفريقيا والشرق الأوسط مشترطاً لذلك أن تفي الحكومة المقبلة بتعهدات تونس لأن العديد من الدول مستعدة لدعم الاقتصاد التونسي حتى يتعافى. وقال إن البرنامج الاقتصادي الذي جهّزته حكومته برنامج مميز وحظي بإعجاب خبراء دوليين وأن قيادة الحكومة المقبلة أبلغته أنها ستلتزم به. وفازت حركة النهضة الإسلامية في الانتخابات وهي بصدد تشكيل حكومة ائتلاف مع حزبين علمانيين. ومساء أمس صوت المجلس التأسيسي على انتخاب المرزوقي رئيساً للجمهورية وسيتم بعد ذلك تكليف رئيس الوزراء لتشكيل حكومة. وسيؤدي المرزوقي القسم الدستوري اليوم ويلقي خطاباً أمام المجلس التأسيسي يحدد فيه ملامح سياسته العامة. وكان رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر أعلن الأسبوع الماضي فتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية وفق الشروط التي حددها الفصلان الثامن والتاسع من «القانون التأسيسي المتعلق بالتنظيم الموقت للسلط العمومية». ونص الفصلان بالخصوص على شرط أن يكون رئيس الجمهورية «تونسياً مسلماً غير حامل لجنسية أخرى مولوداً لأب ولأم تونسيين بالغاً من العمر على الأقل خمساً وثلاثين سنة» وعلى أن المجلس يختار الرئيس «بالانتخاب السري بالغالبية المطلقة من أعضائه من بين مرشحين يقوم بترشيح كل منهم خمسة عشر عضواً على الأقل من المجلس الوطني التأسيسي». وكان ائتلاف الغالبية الثلاثي داخل المجلس المكون من حزب النهضة (89 مقعداً) وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية (29 مقعداً، يسار قومي) والتكتل الديموقراطي من أجل العمل والحريات (20 مقعداً، يسار وسط)، اتفق على ترشيح المنصف المرزوقي لمنصب رئيس الجمهورية. ويملك الائتلاف الثلاثي غالبية مريحة داخل المجلس في الوقت الذي يتطلب انتخاب الرئيس فقط غالبية مطلقة (أكثر من 50 في المئة). وكان المرزوقي (66 سنة) المعارض التاريخي لنظام بن علي أعلن بعد يومين من فرار الرئيس السابق إلى السعودية، لدى عودته إلى تونس بعد سنوات من المنفى، نيته الترشح لرئاسة الجمهورية. وبعد موكب أداء القسم والتنصيب يتولى رئيس الجمهورية تعيين رئيس الحكومة وتكليفه تشكيل الحكومة الجديدة. ويتوقع أن يتم ذلك خلال الأسبوع. ووفق الاتفاق بين الغالبية فإن الأمين العام لحزب النهضة حمادي الجبالي هو من سيتولى رئاسة الحكومة ثم يعرض حكومته على المجلس التأسيسي لنيل الثقة. وأصبح ممكناً استعادة شرعية السلطات التنفيذية في تونس بعدما صادق المجلس الوطني التأسيسي ليلة السبت - الأحد على «القانون التأسيسي المتعلق بالتنظيم الموقت للسلط العمومية» الذي ينظم مختلف سلطات الدولة لحين الانتهاء من وضع دستور «الجمهورية الثانية» في تاريخ تونس وتنظيم انتخابات عامة جديدة في ضوء مواده. ونص هذا القانون في ديباجته على أن المجلس الوطني التأسيسي هو «السلطة الشرعية الأصلية والمكلفة من الشعب بإعداد دستور يحقق أهداف الثورة التونسية وبالإشراف على إدارة شؤون البلاد لحين إقرار الدستور وإرساء مؤسسات دائمة». ونص هذا القانون في فصله العاشر على مهمات رئيس الجمهورية وأبرزها «تمثيل الدولة التونسية» وتوليه مع رئيس الحكومة «رسم السياسة الخارجية للدولة بالتشاور والتوافق بينهما» و «تعيين رئيس الحكومة» و «القيادة العليا للقوات المسلحة» و «إشهار الحرب وإعلان السلم بعد موافقة ثلثي أعضاء المجلس الوطني التأسيسي». وتنتظر تونس من سلطاتها التنفيذية الجديدة أن تنكب خصوصاً على الوضع الاجتماعي والاقتصادي المتدهور بعد عام قاربت فيه نسبة النمو الصفر وتفاقم فيه عدد العاطلين من العمل وسط عدم استقرار ثاني أهم شريك اقتصادي (ليبيا) وأزمة اقتصادية لدى شريكها الأول (الاتحاد الأوروبي). ومع ذلك فقد أشار استطلاع حديث للرأي في تونس إلى أن 92 في المئة من التونسيين «متفائلون بمستقبل البلاد» بل أن 67 في المئة قالوا انهم «متفائلون جداً»، بحسب نتائج استطلاع رأي قام به المجمع العالمي للدراسات (تروا سي ايتود)، كما أوردتها الأحد وكالة الأنباء التونسية. في الأثناء انتقد رسم كاريكاتوري على الصفحة الأولى لصحيفة «لابراس» اليومية الناطقة بالفرنسية (قطاع عام) انتخاب المرزوقي، مشيراً إلى أنه سيتم الاثنين انتخاب رئيس «معروف اسمه سلفاً كما كان يحصل في السابق»، في مقارنة بين الانتخابات المعروفة النتائج سلفاً طوال 50 عاماً في تونس واتفاق الغالبية المنتخبة داخل المجلس على ترشيح المرزوقي.